اعتمد أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال جلسة خاصة في جنيف، الجمعة، بالإجماع مشروع قرار ينص على تشكيل بعثة مستقلة لتقصي الحقائق، من أجل التحقيق في عمليات “القتل الجماعي” التي ارتكبت في الفاشر بالسودان.
ويطالب القرار من “بعثة تقصي الحقائق” إجراء “تحقيق عاجل، بما يتوافق مع ولايتها، بشأن الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المرتكبة في الفاشر وحولها”.
كما يطالب من “بعثة تقصي الحقائق” تحديد جميع الأشخاص الذين تتوفر ضدهم أسباب معقولة للاعتقاد بأنهم مسؤولون عن الانتهاكات والتجاوزات المزعومة.. ودعم الجهود الرامية إلى ضمان مساءلة مرتكبي تلك الانتهاكات”.
وفي كلمة أمام المندوبين خلال افتتاح الجلسة، حث فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي على التحرك، وقال إن “هناك الكثير من التصنع والتظاهر، والقليل من العمل، يتعين الوقوف في وجه هذه الفظائع التي تمثل استعراضاً لاستخدام القسوة السافرة لإخضاع شعب بأكمله والسيطرة عليه”.
وستبحث هذه البعثة ما وصفتها بـ”الفظائع” التي وقعت أثناء سقوط المدينة في أيدي “قوات الدعم السريع”.
ونفت “قوات الدعم السريع” استهداف المدنيين أو عرقلة المساعدات، قائلة إن “جهات مارقة” مسؤولة عن هذه الأفعال.
ودعا تورك إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات التي “تؤجج الحرب في السودان وتتربح منها”، كما وجه تحذيراً صارخاً بشأن تصاعد العنف في منطقة كردفان، حيث يتم قصف وحصار وإجبار الناس على ترك منازلهم.
تتألف كردفان من ثلاث ولايات، وتُشكل منطقة عازلة بين معاقل “قوات الدعم السريع” في دارفور بغرب البلاد، والولايات التي يسيطر عليها الجيش السوداني في الشرق.
“تصاعد العنف والانتهاكات”
وأدان القرار “بشدة” ما وصفه بـ”تصاعد العنف والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المرتبطة بها في الفاشر وما حولها، بما في ذلك عمليات القتل ذات الدوافع العرقية، والتعذيب، والإعدامات الميدانية، والتجنيد القسري، والاعتقال التعسفي، والاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب”.
وأعرب القرار عن “القلق العميق إزاء العواقب الإنسانية الكارثية في الفاشر والمناطق القريبة، حيث يواجه آلاف المدنيين، بينهم أطفال، خطر الهجمات والنزوح وانعدام المياه والغذاء والرعاية الطبية”.
وحث القرار “جميع الأطراف” على “السماح بالوصول الفوري، والآمن للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك التوسع في إيصال المساعدات عبر الحدود”، كما دعا كلاً من “الدعم السريع” والجيش إلى “السماح بوصول الإغاثة إلى المتضررين في الفاشر”.
ورحّب القرار ببيان مجموعة “الرباعية” (السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة) الصادر في 12 سبتمبر، بما في ذلك دعوتها إلى هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، بما يؤدي مباشرة إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وجاء في القرار أنه “لا يوجد حل عسكري لأزمة السودان”، وكرر دعوته إلى “وقف فوري وكامل لإطلاق النار من جميع الأطراف دون شروط مسبقة، وإنشاء آلية مستقلة لمراقبة وقف إطلاق النار، وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية الحيوية”.
وحثّ أيضاً جميع الأطراف والدول الأعضاء على “احترام وحدة السودان وسلامة أراضيه”، و”رفض إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع”.
وكرر إدانته الشديدة لاستمرار النزاع المسلح بين الجيش السوداني، و”قوات الدعم السريع”، ولـ”انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ولكل الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان المرتكبة في هذا السياق، بما في ذلك مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
