- بيئة منظمة وتواصل واضح… مفاتيح أساس لدعم المصابين باضطراب فرط الحركة
- 6 أشهر من السلوكيات المستمرة قد تكشف اضطراب ADHD لدى الأطفال
- الدعم الأسري والمدرسي يحسن الأداء الأكاديمي والاجتماعي لأطفال فرط الحركة
قال خبير واستشاري في التربية الخاصة ومدير مركز معاً للتربية الخاصة، أسامة مدبولي، إن اضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه (ADHD) ما زال من الموضوعات ذات الأهمية البالغة نظراً لاحتياجه إلى معرفة دقيقة وتفصيلية بالسلوكيات التي تشير إلى وجوده، موضحاً أن فرط النشاط وتشتت الانتباه لا يعني مجرد طفل نشيط، بل هو مجموعة من الأعراض المتكررة التي تتطلب ملاحظة دقيقة ومستمرة، إذ يُعدّ هذا الاضطراب حالة عصبية نمائية تظهر في مرحلة الطفولة وقد تستمر لدى بعض الأفراد حتى سن البلوغ، ويتميز بصعوبة في التركيز وفرط في الحركة وسلوك اندفاعي يؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي والاجتماعي للطفل، مما يجعل التعرف المبكر عليه من قبل ولي الأمر ضرورة حيوية.
وأضاف مدبولي أن علامات فرط النشاط الحركي تتجلى في الحركة المفرطة غير المناسبة للسن مثل الاهتزاز المستمر في اليدين أو القدمين والتململ وعدم القدرة على الاستقرار عند الجلوس، والركض أو التسلق بشكل مفرط في أماكن لا تتطلب ذلك كالفصول الدراسية والمناسبات الهادئة، والصعوبة في اللعب بهدوء عند المشاركة في الأنشطة التي تتطلب تركيزاً وهدوءاً كالألعاب الهادئة أو القراءة، إضافة إلى الكلام المفرط والثرثرة المستمرة بصوت عالٍ والاندفاع في التصرف عبر عدم انتظار الدور أو التدخل دون تفكير في العواقب.
وأوضح أن علامات تشتت الانتباه تظهر في عدم القدرة على التركيز لفترة طويلة وصعوبة متابعة الحصص أو إتمام الواجبات المنزلية بسهولة، ونسيان التفاصيل أو الأغراض أو التعليمات البسيطة أو مواعيد الواجبات والأنشطة بشكل متكرر، وارتكاب الأخطاء الناتجة عن الإهمال في الدراسة أو أداء المهام، وصعوبة تنظيم الأنشطة والمهام أو ترتيب الواجبات والألعاب، بالإضافة إلى أحلام اليقظة التي تجعل الطفل يبدو وكأنه في عالم آخر أثناء الدروس أو الحديث مما يؤثر على فهمه واستيعابه.
وبيّن أن علامات السلوك الاندفاعي تشمل الإجابة السريعة قبل انتهاء السؤال وصعوبة انتظار الدور في الحديث أو الطابور أو اللعب الجماعي، والسلوكيات المتهورة التي تتجاوز المتوقع لعمر الطفل دون التفكير في العواقب. وأشار إلى أن هذه العلامات يجب أن تستمر لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وأن تظهر في أكثر من بيئة مثل المنزل والمدرسة، وأن تكون ذات تأثير واضح على حياة الطفل الأكاديمية والاجتماعية، مؤكداً أهمية الملاحظة الدقيقة وعدم إسناد السلوكيات إلى طبيعة عمرية فقط بل تقييمها ضمن السياق العام للطفل مع مراعاة الفروق الفردية.
وقال إنه عند ملاحظة هذه الأعراض بشكل مستمر يصبح من الضروري استشارة أخصائي تربية خاصة لتشخيص الحالة بدقة ووضع خطة تدخل مناسبة تشمل تعليمات واضحة ودعماً شاملاً لأولياء الأمور. وأكد أن فهم طبيعة الاضطراب يمثّل الخطوة الأولى في التعامل معه، من خلال إدراك أن سلوك الطفل ليس عناداً أو كسلاً بل اضطراباً عصبياً يحتاج إلى الصبر والتعاطف، إضافة إلى فهم أن النشاط العالي وضعف التركيز يستمران لفترات تتجاوز سلوك الأطفال الطبيعي.
وأشار مدبولي إلى أهمية تنظيم البيئة المنزلية عبر تقليل المشتتات مثل الأصوات العالية وتنظيم الألعاب والأدوات بشكل يسهل الوصول إليها، ووضع روتين يومي ثابت بجدول واضح للأنشطة يساعد الطفل على التركيز، وتوفير مكان هادئ للدراسة بعيدًا عن التلفاز والألعاب. كما شدد على أهمية التواصل والتعليم الواضح باستخدام جمل قصيرة وبسيطة وتكرار التعليمات عند الحاجة والتأكد من فهم الطفل، وتقسيم المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة مع تحديد وقت لكل خطوة، واستخدام المكافآت والمديح لتعزيز الإنجازات الصغيرة.
وأضاف أن إدارة السلوكيات الصعبة تتطلب تجنب التوبيخ أو العقاب القاسي والتركيز على التوجيه الهادئ والحازم وتعليم الطفل مهارات التنظيم الذاتي وطلب المساعدة، وأن النشاط البدني يلعب دورًا مهمًا في تصريف الطاقة وزيادة التركيز، مثل تشجيع الطفل على ممارسة الرياضات الحركية وتخصيص فترات راحة قصيرة بين الأنشطة العقلية، مع ضرورة الاهتمام بالنوم الكافي والمنتظم والالتزام بغذاء صحي غني بالفيتامينات والبروتينات والألياف وتقليل السكريات والمشروبات المنبهة.
وأكد أن التعاون مع المدرسة يشكل جزءًا أساسيًا من الخطة، عبر التواصل المستمر مع المعلمين لمتابعة تقدم الطفل وتنسيق طرق التعامل معه، وطلب تهيئة بيئة صفية مناسبة مثل الجلوس في مكان هادئ قريب من المعلم، والاستفادة من دعم المستشارين وأخصائيي التربية الخاصة. وأشار إلى أن طلب المساعدة المهنية عند الحاجة ضروري لتشخيص الحالة ووضع خطة علاجية تشمل تدخلات سلوكية مناسبة.
ولفت مدبولي إلى أن دعم الأسرة عنصر محوري، من خلال الحصول على دعم نفسي واجتماعي والمشاركة في مجموعات دعم للأهل وتعلّم مهارات الصبر والتعاطف والمحافظة على تواصل إيجابي داخل الأسرة، إضافة إلى استراتيجيات تعديل السلوك كتطبيق أنظمة المكافآت للسلوكيات الإيجابية واستخدام «وقت الاستراحة» لتقليل الاندفاع، وتطوير مهارات التنظيم الذاتي باستخدام منبهات أو تطبيقات تساعد على تنظيم الأنشطة اليومية، وترتيب أغراض الطفل في أماكن مخصصة لتقليل الفوضى.
وأشار أيضاً إلى أهمية تحفيز التواصل والمهارات الاجتماعية عبر المشاركة في الأنشطة الجماعية واستخدام الألعاب التمثيلية لتعليم مهارات التعبير وحل المواقف الصعبة، وتعليم الطفل تقنيات التأقلم مثل التنفس العميق وتمارين الاسترخاء، إلى جانب الحفاظ على تواصل مفتوح يعزز الثقة بالنفس. كما حثّ على حضور الدورات المتخصصة والتواصل مع الجمعيات الداعمة، إضافة إلى الاهتمام بالجوانب الغذائية والصحية واستشارة طبيب تغذية ووضع خطة غذائية ومتابعة الصحة العامة للطفل وتوفير بيئة نوم مناسبة.
وختم مدبولي بالتأكيد على أن المتابعة المستمرة ركن أساسي في تحسين حالة الطفل، من خلال مراقبة تطور السلوك واستجابة الطفل للتدخلات وتحديث خطط العلاج عند الحاجة، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذه الإرشادات يساعد أولياء الأمور على توفير بيئة داعمة تُزيل العقبات أمام نمو الطفل السلوكي والاجتماعي والأكاديمي وتحسن جودة حياته وحياة أسرته، مؤكداً أن التمييز بين النشاط الطبيعي وفرط النشاط مع تشتت الانتباه يحتاج إلى فهم دقيق للسلوكيات المتكررة وغير المناسبة لعمر الطفل، وأن تركيز ولي الأمر على الأعراض الثلاثة الرئيسية — فرط الحركة وتشتت الانتباه والاندفاع — يمكن أن يمكّنه من اتخاذ الخطوات المناسبة وطلب المساعدة المتخصصة في الوقت المناسب.
