اختتمت فعاليات الدورة التاسعة من “يوم الحوار” مع منظمات المجتمع المدني السوري، ضمن مؤتمر “بروكسل 9” لدعم سوريا، التي نظمها الاتحاد الأوروبي لأول مرة في العاصمة السورية دمشق، السبت 15 من تشرين الثاني.

وركزت محاور الفعالية على المجتمع المدني في سوريا، والتي شملت عدة عناوين، منها: بناء الشراكة بين الحكومة السورية والمجتمع المدني، العدالة الانتقالية، تمكين الشباب السوري، حماية الحيز التعبيري للمجتمع المدني، الحوكمة والمشاركة السياسية، والتحول من المعونات الإنسانية للتعافي والمرونة.

وخلص القائمون والمحاورون والمشاركون في مناقشات “يوم الحوار” إلى جملة من التوصيات، التي أُعلنت في الجلسة الختامية، تتمثل في:

  • تحويل الصورة النمطية للمجتمع المدني من نهج الرقابة إلى نهج التنسيق والتعاون والشراكة مع الحكومة السورية.
  • العمل على مراجعة القوانين الناظمة المحددة لعمل المجتمع المدني، وتبسيط إجراءات التسجيل والإشهار.
  • التعاون بين الحكومة السورية والمجتمع المدني بتركيز عمل العدالة الانتقالية، وتعزيز مساراتها، وذلك عبر إيجاد مقاربة تربط بين العدالة الانتقالية وقضية المفقودين لتحقيق سلام مستدام ومصالحة حقيقية.
  • المساعدة بتحديد آليات الدعم الأساسية بين المجتمع المدني والحكومة السورية، لتلبية احتياجات الضحايا في عملية العدالة الانتقالية.
  • تعزيز التشاركية السياسية وانخراط المجتمع المدني بإشراك المواطنين وبناء المؤسسات.
  • العمل على إيجاد عمليات تسهل صنع القرار بشمولية وتشاركية أكثر.
  • الانطلاق من المبادئ والتوصيات التي عقدت في ختام حلسات الحوار الوطني، وإمكانية إعادة حوار وطني جامع وشامل لكل السوريين، وذلك بالتعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني.
  • العمل معًا لوضع حد لخطاب الكراهية، وتعزيز حيز التعبير للمجتمع المدني، وحماية حق التنوع الثقافي.
  • تمكين الشباب السوري في سوق العمل، وبناء القدرات الأساسية.
  • استثمار الطاقات الشبابية، وتعليمهم المهارات الرئيسة الموازية لمهارات التعليم الجامعي.
  • تأمين الاحتياجات الإنسانية بطريقة مستدامة ومستمرة، وتعزيز جهود التعافي في سوريا.
  • تأمين وصول المساعدات الإنسانية للأكثر ضعفًا والمسنين والأطفال.
  • أهمية خلق فرص عمل للسوريين وإشراك القطاع الخاص ضمن سياسات تراعي النساء وذوي الإعاقة، وبما ينسجم مع إطار التعافي في سوريا.
  • تذليل الصعوبات والتحديات والعرقلات التي تعترض عمل منظمات الدفاع المدني، خاصة التي يكون منشؤها حكوميًا.
  • تطبيق التماسك الاجتماعي على الأرض، وإمكانية صناعة السلام عبر الاقتصاد والمشاريع الصغيرة.

صفحة جديدة بين الحكومة والمجتمع المدني

جمعت الفعالية التي تعقد لأول مرة في سوريا، مئات المشاركين، معظمهم من منظمات المجتمع المدني السورية والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب ممثلين عن الحكومة السورية، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء.

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، هند قبوات، قالت ل، إن المجتمع المدني في سوريا اليوم يشهد فتح صفحة جديدة مع الحكومة السورية، كونه كان فعالًا خلال سنوات الثورة الماضية. 

وتعتقد قبوات أن الحوار اليوم هو بداية التغيير، وإعادة بناء سوريا لا يتم إلا من خلال شراكة وثيقة مبنية على الاحترام بين الدولة والمجتمع.

المجتمع المدني شريك في بناء الدولة وفي التخطيط والتنفيذ والمساءلة، بالتعاون مع مؤسساتها والمنظمات الدولية، وهو الضامن لتحقيق العدالة والشفافية في سوريا، وفق تعبيرها.

أما وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، فأوضح أن المجتمع المدني ليس ظاهرة جديدة، بل امتداد لنقابات ومبادرات إنسانية وطلابية محلية عملت في أصعب الظروف، واليوم يعد جسرًا بين الدولة والمجتمع.

معاون الأمين العام لهيئة العمل الخارجي في المفوضية الأوروبية، أولوف سكوغ، أشار إلى أن “يوم الحوار” يعد فرصة للسوريين للتعبير عن آرائهم بشأن مستقبل بلدهم.

تنظيم “يوم الحوار” لأول مرة في سوريا يعكس الدعم المستمر من الاتحاد الأوروبي، لمرافقة الشعب السوري في مساره نحو العدالة والتماسك الاجتماعي، قال سكوغ.

منذ عام 2017، ينظم الاتحاد الأوروبي مؤتمرات للمانحين في بروكسل لدعم سوريا، وكان مؤتمر هذا العام، بعنوان “الوقوف مع سوريا: تلبية احتياجات انتقال ناجح”.

دعم الاتحاد الأوروبي الدائم

يشكل تنظيم “يوم الحوار” في دمشق خطوة مهمة في دعم الاتحاد الأوروبي لمساحة مدنية آمنة وممكنة ومستقلة في سوريا، واستعداده لمرافقة السوريين على طريقهم نحو المصالحة والتماسك الاجتماعي، بحسب ما أعلنه الاتحاد الأوروبي، في 14 من تشرين الثاني.

قالت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويكا، إن تنظيم “يوم الحوار” لأول مرة في سوريا يعكس دعم الاتحاد الأوروبي الدائم للشمولية والمصالحة، وتوفير مساحة مدنية آمنة وحيوية في سوريا.

“يؤكد هذا الحدث استعدادنا لمرافقة السوريين في طريقهم نحو العدالة والتماسك الاجتماعي والانتقال السلمي”، حسب تعبيرها.

بدورها، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، كايا كلاس، اعتبرت أنه بعد عقود من “الدكتاتورية الوحشية”، أصبحت لدى سوريا الآن فرصة لإعادة بنائها، بما يعكس إرادة الشعب السوري.

وترى أن وجود مساحة مدنية آمنة ومستقلة وحيوية جزء أساسي من هذه العملية، مؤكدة أنه “يتيح للسوريين التعبير عن آرائهم حول مستقبل بلادهم وإسماع أصواتهم”.

وشددت على أن دعم الاتحاد الأوروبي لسوريا ليس مجرد أقوال، بل هو أفعال أيضًا، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدم 2.5 مليار يورو كمساعدات لإعادة بناء سوريا.

المفوضة الأوروبية للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، حجة لحبيب، ذكرت في البيان أنه بعد 14 عامًا من الصراع، يمثل تنظيم “يوم الحوار” في دمشق علامة فارقة، إذ يجتمع السوريون معًا من أجل حوار حقيقي بقيادة سورية حول كيفية إعادة بناء بلدهم.

“تقف سوريا الآن في لحظة محورية، حافلة بالفرص والمسؤوليات”، قالت لحبيب، مضيفة، “خلال زيارتي لسوريا في وقت سابق من هذا العام، التقيتُ بأعضاء من المجتمع المدني السوري، الذين عادوا لبلدهم لبدء إعادة بناء مجتمعاتهم.

وشددت على تقديم الاتحاد الأوروبي المساعدة الإنسانية ومساعدات التعافي للفئات الأكثر ضعفًا طالما كان ذلك ضروريًا، ودعم انتقال سوريا من المساعدات الإنسانية إلى انتعاش اقتصادي مستدام يحسن الحياة اليومية لجميع السوريين.

في دمشق

كانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أعلنت، في 17 من آذار الماضي، أن “يوم الحوار” مع منظمات المجتمع المدني السورية من مؤتمر “بروكسل 9” من المخطط أن يعقد للمرة الأولى في العاصمة السورية دمشق، منذ بدء انعقاد المؤتمر في 2017.

وقالت دير لاين، خلال كلمتها أمام ممثلي الدول المانحة في مؤتمر “بروكسل”، إنه “في سوريا القديمة، كان هناك دكتاتور يسيطر على جميع السلطات السياسية والاقتصادية، أما في سوريا الجديدة، فيمكن للسلطة أن تعود إلى من يستحقها أي إلى الشعب السوري، وهذه هي المسألة التي يمكننا أن نساعد فيها”.

وأضافت رئيسة المفوضية، “هنا في مؤتمرات بروكسل، استضفنا دائمًا ممثلي المجتمع المدني السوري من داخل البلاد وخارجها، وقد منع بعضهم من قبل نظام الأسد بسبب أفكارهم، لكن الآن، أخيرًا، أصبح بإمكانهم أن يسمع صوتهم، ويشرفني أن أعلن أننا نخطط هذا العام لعقد حوار المجتمع المدني لمؤتمر بروكسل في دمشق، لأن جميع السوريين يستحقون أن يتولوا زمام مستقبلهم بأيديهم”، بحسب تعبيرها.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.