أعلنت “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) في حلب، التابعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، عن إزالة حواجزها في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بالمدينة، الجمعة 14 من تشرين الثاني.
ووصف العقيد في الإدارة العامة لـ”قوى الأمن الداخلي” في الحيين، محمود علي مردلي، الخطوة بأنها تأتي “في إطار دعم اتفاق نيسان وإثبات حسن نية تجاه تنفيذ الاتفاقيات”.
وقال مردلي، بحسب ما نشرته الصفحة الرسمية لـ”أسايش” على “فيسبوك” ووكالة “هاوار” المقربة من “قسد”، إن الحصار المفروض على الحيين لا يزال مستمرًا، إلا أن “أسايش” عازمة على تطبيق الاتفاقيات المبرمة.
ووفقًا لمردلي، فإن هناك مجموعات مدعومة خارجيًا تعمل على إفشال الجهود الرامية لتثبيت الاتفاق ودفع الأوضاع نحو التصعيد، بينما تظل قواتهم متمسكة بالحل السياسي كخيار وحيد لتفادي التوتر.
وأضاف أن حيي الشيخ مقصود والأشرفية جزء من مدينة حلب، وأن حماية سكانهما واجب على عاتق “قوى الأمن الداخلي”.
وشدد على أن طاولة الحوار هي السبيل الوحيد لترسيخ السلام وبث الاستقرار في عموم سوريا.
ويعمل الجهاز، بحسب تعبيره، بشكل يومي على تعزيز الأمن والاستقرار في الحيين.
وتأتي عملية تعزيز الأمن من خلال الانتشار الميداني ومراقبة الشوارع وتنظيم حركة المرور، إضافة إلى متابعة أي أنشطة مشبوهة.
وتهدف تلك الإجراءات لحماية السكان وتوفير بيئة آمنة وسط تحديات مستمرة تتعلق بالواقع الأمني المعقّد في المدينة، بحسب ماردلي.
“إعلان للرأي العام”
من جانبه، أكد مصدر عسكري في حلب، رفض نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن إعلان “أسايش” حول إزالة الحواجز جاء “أمام الرأي العام بالدرجة الأولى”.
ويُقرأ الإعلان، وفق تعبيره، في سياق الرسائل العلنية التي ترغب “قسد” بإيصالها حول التزامها بالاتفاقيات.
وأوضح المصدر، خلال حديثه ل، أن الحكومة السورية تدعم أي خطوة تسهم في تطبيق ما تم الاتفاق عليه مسبقًا.
واعتبر أن كل إجراء يخفف التوتر في المدينة هو خطوة إيجابية ينبغي البناء عليها، لكن الواقع الميداني لا يعكس بالكامل ما جرى الإعلان عنه، إذ إن حواجز “قسد” لا تزال قائمة داخل الشيخ مقصود والأشرفية، ولم تستكمل عملية الإزالة بشكل كامل.
فيما ستكون المرحلة المقبلة “اختبارًا جديًا” لمدى التزام الأطراف بالاتفاق، خصوصًا أن غدًا، الاثنين 17 من تشرين الثاني، يحمل موعدًا مهمًا يتمثل بافتتاح مخفر أو قسم أمني في الأشرفية.
وتعتبر تلك الخطوة مفصلية، كما وصفها، ضمن بنود الاتفاق، والتي يفترض أن تسهم في ترتيب الوضع الأمني وفق التفاهمات.
وشدد على أن تنفيذ كامل بنود الاتفاق مرتبط بشكل مباشر بإتمام تلك الخطوة في موعدها.
وأضاف أن أي تأخير أو عدم التزام أو تجاوز للبنود قد يعتبر إخلالًا جوهريًا يؤدي إلى إلغاء الاتفاق بالكامل.
الإعلان الذي صدر هو رسالة مطمئنة للرأي العام، لكن التطبيق على الأرض يحتاج إلى متابعة دقيقة، والتزام فعلي بجميع البنود دون استثناء.
وما زالت الحكومة تترقب خطوات واضحة خلال الأيام المقبلة، وهي التي ستظهر ما إذا كانت النيات المعلنة ستترجم إلى إجراءات ملموسة أم لا، بحسب المصدر.
إعلان متزامن مع التحركات الدبلوماسية
يرى المحلل والباحث السياسي محمد الجابي أن توقيت إعلان “أسايش” عن إزالة الحواجز في الشيخ مقصود والأشرفية لا يمكن فصله عن التحركات الدبلوماسية الأخيرة، إذ جاء بعد زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ووزير الخارجية، أسعد الشيباني، إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح الجابي ل أن هذا التزامن يشير إلى احتمال وجود تفاهمات أو رسائل غير مباشرة جرى تبادلها خلال لقاءات الوفد السوري مع المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، تتعلق بملف “قسد” وترتيبات انتشارها.
وبحسب الجابي، فإن الإعلان بحد ذاته يحمل طابعًا سياسيًا أكثر من كونه خطوة ميدانية مكتملة.
ويرى أن “قسد” سعت من خلال هذا الإعلان إلى تسجيل موقف أمام الرأي العام المحلي، وفي الوقت نفسه إرسال إشارة إيجابية لواشنطن حول استعدادها لتقديم خطوات تظهر التزامها بمسار التفاهمات القائمة.
وأشار الجابي إلى أن مثل هذه الإعلانات غالبًا ما تأتي ضمن مناخ تفاوضي أوسع، حيث تستخدم فيه الإجراءات الميدانية كأدوات ضغط أو طمأنة تجاه الأطراف الخارجية.
واعتبر أن الرسالة الأساسية في إعلان “قسد” ليست داخلية فقط، فهي موجهة بالدرجة الأولى إلى الولايات المتحدة، في محاولة لإعادة تثبيت حضورها كطرف منضبط وقابل للتنسيق.
اتفاق نيسان
كان اتفاق نيسان بين الحكومة السورية و”قسد” نص على خروج القوات العسكرية التابعة لـ”قسد” والتشكيلات المرتبطة بها من حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.
كما تضمن الإبقاء على “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) تمهيدًا لضمها لاحقًا إلى وزارة الداخلية في الحكومة السورية.
وشمل الاتفاق، الذي تكون من 14 بندًا، جملة تفاهمات أبرزها، تبييض السجون بين الطرفين، وفتح الطرقات، وإزالة السواتر الترابية.
وحث على إعادة دمج المؤسسات الخدمية والمدنية في الحيين ضمن مؤسسات محافظة حلب.
وخلال نيسان الماضي، نفذ جزء من بنود الاتفاق بخروج رتلين عسكريين من الحيين، يضمان أكثر من 900 عنصر من قوات “قسد”.
ومنذ ذلك الوقت، لم تسجل أي عمليات انسحاب إضافية، في حين تبادل الطرفان موقوفين وسجناء على دفعتين ضمن مسار تنفيذ الاتفاق.
حلب.. استعصاء تحيطه الاستفزازات في الأشرفية والشيخ مقصود
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
