– راكان خضر
تعددت أشكال التوغل الإسرائيلي في محافظة القنيطرة، بين حملات تفتيش للمنازل واعتقالات طالت عددًا من شبان المنطقة، وإقامة بعض الحواجز التي قطعت أوصال القرى والبلدات، ووصلت إلى تجريف مساحات واسعة من المحميات الطبيعية التابعة للدولة في عموم المحافظة، وشملت أراضي خاصة للفلاحين في منطقة ريفية يعتمد أغلبية أهلها على الزراعة وتربية المواشي.
وصلت مساحة الأراضي التي تم تجريفها من قبل الجيش الإسرائيلي إلى 9000 دونم، توزعت بين 7000 دونم في الريف الشمالي و2000 دونم في الريف الجنوبي من المحافظة، كانت المساحة الأكبر منها في قرية جباتا الخشب، وفق ما قاله محمد فهد، أحد الإعلاميين في محافظة القنيطرة.
وبلغت مساحة الأشجار الحرجية التي تم قطعها في محمية جباتا الخشب 450 دونمًا، بالإضافة إلى 100 دونم بمحمية الشحار المزروعة بأشجار الصنوبر في نفس القرية، و100 دونم أخرى من أراضي المراعي التي منعت القوات الإسرائيلية الرعاة من الوصول إليها، بالإضافة إلى 100 دونم في أحراش بريقة وبئر عجم، و50 دونمًا في محمية كودنة بالريف الجنوبي من المحافظة.
تجريف ومنع وصول
أقامت القوات الإسرائيلية نقطة عسكرية ضمن الأراضي الزراعية في قرية جباتا الخشب، ومنعت الفلاحين من الوصول إلى مساحة 5000 دونم من الأراضي المزروعة بالحبوب والأشجار المثمرة، كالزيتون والتفاح والكرز والتوت، إلا بعد التنسيق مع قوات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة، ما عاق وصول الفلاحين إلى أراضيهم، وفق ما قاله مختار القرية، محمد مازن مريود، ل.
وأضاف مريود أن الجيش الإسرائيلي منع كذلك الأهالي من الوصول إلى 7000 دونم أخرى من أراضي المراعي والأراضي المزروعة بالحبوب في القرية بشكل نهائي، مما سبب ضائقة معيشية للسكان الذين يعتمدون على تربية المواشي كمصدر رزق أساسي.
من جهته، تحدث حسن أحمد، أحد سكان المنطقة، ل، أنه خسر عشرة دونمات من أرضه المزروعة بالزيتون والكرز والخوخ، بالإضافة إلى حظيرة حيوانات كان قد بناها في تلك الأرض، بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بتجريفها.
وذكر أن الجيش الإسرائيلي قام بتجريف 20 دونم زيتون لجيرانه من عائلة كيوان وعشرة دونمات مزروعة بالزيتون والتوت الشامي لعائلة سعد الدين في نفس البلدة، بالإضافة إلى عشرات الدونمات المزروعة بالأشجار المثمرة والحبوب لأكثر من عائلة في القرية.
أحد سكان قرية بئر عجم (تحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية)، قال ل، إن التوغلات الإسرائيلية في القرية وأعمال التجريف التي قامت بها أثرت على أعمال الأهالي بشكل كبير.
وأضاف أن القوات الإسرائيلية جرفت حوالي 100 دونم من أراضي بئر عجم وبريقة المجاورة، مما سبب ضائقة معيشية لدى سكان القرية الذين يعتمدون على تربية المواشي وبعض الأعمال السياحية البسيطة.
“تحت خط الفقر”
“أصبحت العائلات تحت خط الفقر”، بهذه العبارة شرح حسن أحمد، أحد سكان جباتا الخشب، أوضاع الأهالي في المنطقة، موضحًا أن العائلات التي تعرضت أراضيها للتجريف أصبحت مضطرة للعمل عن الآخرين الذين لم تتضرر ممتلكاتهم حتى الآن، خاصة من الذين يعيشون خارج القرية.
وأشار إلى أن 70% من أراضي المراعي في جباتا تعرضت للتجريف مما اضطر مربي المواشي لبيع قسم من مواشيهم لتأمين قوت يومهم، والغذاء اللازم لبقية المواشي.
أحمد قال، إن 50 رأسًا من الغنم تكلف صاحبها 400 ألف ليرة سورية ثمن غذاء بشكل يومي، أي ما يعادل 33 دولارًا تقريبًا، نتيجة قيام إسرائيل بمنع الأهالي من الوصول إلى مراعيهم، وهذه مبالغ تفوق قدرة الأهالي، بحسب تعبيره.
في بئر عجم، لم تكن الحال أفضل، فالتصرفات الإسرائيلية دفعت أغلب سكان القرية إلى الهجرة بسبب قلة أراضي المراعي من جهة، والقضاء على الطبيعة الخضراء الجاذبة لبعض الزوار إلى المنطقة نتيجة أعمال التجريف الإسرائيلي من جهة أخرى.
شكاوى بلا نتائج
تواصل الأهالي مع قوات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة، واشتكوا من التعديات الإسرائيلية، وفق ما ذكره مختار قرية جباتا الخشب، مشيرًا إلى أن القوات الدولية وعدتهم بنقل الشكوى إلى منظمة الأمم المتحدة، موضحة أن دورها في المنطقة يقتصر على المراقبة فقط.
حسن أحمد، من سكان جباتا الخشب، قال إن القوات الدولية وعدتهم بإيصال شكواهم إلى مجلس الأمن والمنظمات الدولية، لكنها لم تأخذ أي إجراء على الأرض لردع القوات الإسرائيلية.
وأضاف أنه تواصل شخصيًا مع منظمة “الصليب الأحمر”، وعدد من المنظمات الدولية في سوريا وخارجها، بالإضافة إلى أكثر من وسيلة إعلامية محلية وعربية لتوضيح الصورة ونقل المشهد للعالم، لكن جميع تلك الخطوات لم تثمر عن أي نتيجة.
أما فيما يخص الجهات الحكومية، فأكد مختار جباتا الخشب أن الأهالي تواصلوا مع المحافظة التي أخبرتهم أن الملف بأكمله يتعلق بمسار سياسي تعمل عليه الحكومة السورية على أعلى المستويات لإخراج القوات الإسرائيلية من المنطقة.
من جهته، قال حسن أحمد، إن الأهالي في المنطقة تواصلوا مع المسؤول الأمني في القنيطرة، بالإضافة إلى المحافظة لكنهم لم يحصلوا على رد.
الموقف الرسمي
قال مدير مديرية الزراعة في القنيطرة، جمال عز الدين محمد علي، ل، إنه قام بجولة للاطلاع على الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية بعد تلقي شكاوى من قبل الفلاحين، ورفعت المديرية كتابًا لوزارة الزراعة لتعويض المتضررين.
أما فيما يخص الغابات، فقال محمد علي، إن مديرية الزراعة تواصلت مع الجهات الأمنية من أجل وقف التعديات الإسرائيلية المتكررة، بالإضافة إلى إبلاغ المحافظ بالواقع القائم، كما تواصلت مع قوات الأمم المتحدة الموجودة في المحافظة بخصوص الموضوع، ولم توضح المديرية ل، طبيعة أو مضمون الردود التي تلقتها بهذا الشأن.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
