– وسيم العدوي
وسط تصاعد الحديث عن انتشار الذهب المهرّب في الأسواق السورية، أصدرت جمعية الصاغة في دمشق تعميمًا أثار موجة من التساؤلات في الأوساط الاقتصادية والشعبية، لا سيما مع تمديد المهلة الممنوحة لأصحاب محال الحليّ والمشغولات الذهبية لدمغ بضائعهم غير الممهورة حتى نهاية تشرين الثاني الحالي.
التعميم اشترط ضرورة دمغ المشغولات الذهبية لضمان قانونية عرضها في الواجهات، محذرًا من المساءلة القانونية والغرامات في حال ضبطها من قبل دوريات الضابطة الجمركية التابعة للهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، ومؤكدًا منع بيع أي ذهب لا يحمل ختم الجمعية، باعتباره دخيلًا على السوق المحلية.
2000 دولار رسوم على كل كيلو ذهب مهرّب
التوجه الحكومي التنظيمي لأسواق الذهب جاء مدعومًا بتوضيح من الهيئة العامة لإدارة المعادن الثمينة، إذ كشف مديرها العام، مصعب الأسود، في حديث إلى، عن فرض رسوم تصل إلى 2000 دولار أمريكي على كل كيلوغرام من الذهب المستورد، موزعة بالتساوي بين رسم جمركي ورسم لمصلحة الهيئة، بهدف حماية الصناعة الوطنية من المنافسة غير العادلة، حسب تعبيره.
ولتدارك فوضى الذهب، منحت الجهات المعنية، مثل جمعية الصاغة بدمشق، مهلة زمنية محددة لا تتجاوز 15 يومًا لأصحاب المشغولات غير المدموغة لتسوية أوضاعهم، من خلال دمغ الذهب في جمعيات الصاغة المنتشرة في دمشق وعدد من المحافظات، بعد تسديد الرسوم المطلوبة والتأكد من مطابقة المواصفات.
وتأتي هذه الخطوة، حسب تعميم الجمعية، في إطار سعي الحكومة لتنظيم سوق الذهب، وضبط عمليات التهريب، وضمان حقوق المستهلكين، في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية وتتعاظم الحاجة إلى حماية الإنتاج المحلي.
الهيئة: لا تداول دون ختم وتعرفة جمركية
تعميم صاغة دمشق سبقه قرار مشدد من قبل هيئة المعادن الثمينة، وفقًا للأسود، لضبط سوق الذهب، وذلك “بناء على مقتضيات المصلحة العامة، وحفاظًا على الصناعة الوطنية، وتشجيعًا للمنتج المحلي على الاستمرار والتطور، ومن خلال سعي الهيئة الدائم لجذب المستثمرين للعمل في الداخل السوري”.
مدير عام الهيئة أشار إلى أن القرار شدد على “منع بيع أو عرض أي مشغولات مستوردة، لم تخضع للتعرفة الجمركية، ولم توسم بالسمة السورية، بعد مطابقتها للمواصفات القياسية السورية، ومطابقتها لجميع الشروط والتعاميم الصادرة عن الإدارة العامة للهيئة، بما يخص التفاصيل كافة من عيارات، وأوزان، ورواصير، وسترس وغيرها”.
وأوضح الأسود أن تعميم صاغة دمشق جاء استنادًا إلى هذا القرار الذي صدر في نهاية تشرين الأول الماضي، وأعطى مهلة لا تتجاوز 15 يومًا لتسوية المخالفات كافة، مؤكدًا أن أي مخالفات سواء كانت حديثة أم قديمة ستخضع لجميع القوانين الجمركية النافذة، ويتحمل المخالف كامل المسؤولية عنها.
مدير عام الهيئة أضاف أنه بات معلومًا لجميع محال صياغة وبيع الحليّ الذهبية في سوريا، وجود منع حكومي وعقوبات مشددة وغرامات كبيرة على “بيع البضائع الذهبية التي تم إدخالها بطريقة غير شرعية إلى سوريا”، نظرًا إلى عدم وجود ختم جمعيات الصاغة، مؤكدًا أن “الهدف من ذلك هو ضمان حقوق المواطنين”.
أسباب تهريب وإدخال الذهب للأسواق
بعد تحرير سوريا من النظام السابق، سادت حالة من الفوضى داخل سوريا، قال مدير عام الهيئة، واستغل هذه الحالة عدد من السوريين بشراء مشغولات ذهبية من الخارج، وإدخالها إلى سوريا، نظرًا إلى التفاوت الكبير في سعر الذهب بين الخارج والداخل، وسط ارتفاع سعر صرف الليرة السورية بشكل جنوني حينها.
ولم تكن هناك ضابطات جمركية، بعد حل الضابطات التابعة للنظام السابق، أضاف الأسود، بينما كانت هيئة المعادن الثمينة في طور التأسيس، وأصبح إدخال الذهب بطريقة غير نظامية مثل التجارة.
لكن المشغولات التي كان يجري إدخالها غير مطابقة للمواصفات القياسية السورية، وتباع بأجور أدنى (الأجر المتفق عليه بين البائع والشاري لكل قطعة ذهبية والذي يضاف إلى سعرها).
ولذلك جرى منح هؤلاء الاشخاص وأي مستورد للمشغولات الذهبية مهلة 15 يومًا لدمغ هذه المشغولات في جمعيات الصاغة بدمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، والتحقق من مواصفاتها، بعد دخولها بشكل نظامي للأراضي السورية ودفع الرسم الجمركي عليها، أو دفع الرسم الجمركي أيضًا في جمعية الصاغة، وذلك حتى يصبح الذهب نظاميًا في السوق المحلية.
وبرر الأسود فرض رسم دولارين أمريكيين فقط (ما يعادل 23 ألف ليرة سورية) على كل غرام من الذهب يتم استيراده من الخارج على شكل مشغولات ذهبية، بمنع منافسته للمنتج المحلي أو المصوغات الموجودة في الأسواق، وبالتالي دعم المنتج الوطني من الذهب.
الرقابة على الأسواق ومكافحة التهريب
شدد الأسود على أهمية ومحورية الدور الذي تلعبه هيئة المعادن الثمينة، في مراقبة عيارات الذهب بالأسواق المحلية، خاصة بعد أن خلف النظام السابق تركة ثقيلة من المشغولات غير المطابقة للمواصفات.
وأوضح أن الذهب السوري يُختم في جمعيات الصاغة بوسم رمزي خاص بكل محافظة، يضمن نسبة أمان عالية، أما المنتج المستورد فله ختم خاص به، مع شروط صارمة تشمل:
- بطاقة تعرفة جمركية.
- مواصفات نظامية دقيقة.
ولكن الأسود كشف عن توثيق حالات غش بالأسواق، لكنها بدأت تخف بوجود الرقابة المشددة، ومن المفترض أن تنخفض أيضًا مع إصلاح المجتمع وتأمين شروط صحيحة للعمل سواء في محال أو أماكن تصنيع الذهب.
كما أكد أن الهيئة تراقب الأسواق بدقة، وتستطيع كشف حالات الغش بسرعة، مشيرًا أيضًا إلى ضبط حالات تهريب للذهب السوري، ومشددًا في الوقت ذاته على وجود قوانين صارمة تمنع التهريب، وتعاون وثيق مع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية لمكافحة هذه الظاهرة.
الجودة والتسعير وشروط عمل مشاغل الذهب
وحول الشروط المطلوب توفرها في مشاغل الذهب، قال الأسود، إن أهم شرط في المشاغل هو توفر الخبرة، ويضاف إلى ذلك “سعة المكان المناسبة، وتوفر المعدات اللوجستية، ومعدات السلامة المهنية، وعدم إزعاج الجوار”.
أما من ناحية الجودة، فهناك مواصفات قياسية سورية تحكم العيارات الذهبية، وتضمن سلامة المنتج المحلي من المشغولات الذهبية، بحسب الأسود.
ويرتبط تسعير غرام الذهب في السوق المحلية السورية بشكل وثيق بسعر الأونصة العالمية، وبسعر صرف الليرة السورية إذا كان التسعير مرتبطًا بالليرة وليس بالدولار، قال الأسود، وقد يحدث تفاوت في السعر بين المحلي والعالمي نتيجة العرض والطلب.
وحسب نشرات أسعار الذهب، في 15 من تشرين الثاني الحالي، يتفوق سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطًا (على سبيل المثال) في سوريا على سعره في باقي دول المنطقة، حيث يبلغ ثمنه مليونًا و398 ألف ليرة سورية (دون الأجور)، مقارنة بمليون و334 ألف ليرة للغرام ذاته في العراق، ومليون و333 ألف ليرة سورية في الإمارات العربية المتحدة، وفي الأردن مليون و332 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل وسطيًا 11,500 ليرة سورية).
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
