بعد عشر سنوات بين الزنازين والمحاكمات العبثية، خرج علاء عبد الفتاح من معتقلات السيسي، لكنه لم يخرج من “سجن الدولة الكبير”. فمحاولة سفره لحضور جائزة دولية تُكرّم صموده كشفت سريعًا أن الحرية في مصر ليست حكمًا قضائيًا… بل قرارًا أمنيًا يتحكم في الأنفاس قبل الحدود.
إيقافه في مطار القاهرة لم يكن إجراءً روتينيًا، بل رسالة سياسية واضحة: النظام الذي سجن علاء عقدًا كاملًا لا يزال يعتبر صوته أخطر من سلاح، وصورته على منصة دولية أكبر من أي إحراج يستطيع تحمّله. ورغم العفو الرئاسي وإسقاط اسمه من قوائم الإرهاب، بقيت التعليمات الأمنية أقوى من كل الأوراق القانونية.
الواقعة أعادت تسليط الضوء على واقعٍ يعرفه كل معارض في مصر: السجون ليست مباني خرسانية فقط، بل شبكة واسعة تمتد من المراقبة إلى المطارات، حيث تتحول المنافذ إلى بوابات تحدد من يسافر، ومن يتنفس، ومن يُعاد معاقبته دون محاكمة.
قضية علاء لم تعد قصة فردية، بل مرآة لنظام لا يحتمل ذاكرة يناير ولا شهادة ناجٍ من القمع. ومنع سفره لم يكن منعًا لرجل واحد، بل إعلانًا جديدًا عن حدود الحرية في دولةٍ تُدار أمنياً، وتعتبر كل صوت مستقل تهديدًا لا يمكن السماح له بالوصول إلى العالم.
