اتفقت روسيا والهند خلال مباحثات موسعة بين وزيري خارجيتهما في موسكو، الاثنين، على تعزيز وتيرة التنسيق السياسي والدفع نحو “شراكة استراتيجية” بين البلدين، وذلك في إطار التحضيرات الجارية للقمة المرتقبة بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والمقرر في نيودلهي خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على الرغم من التحفظات والضغوط الأميركية على نيودلهي.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خلال محادثات مع مع نظيره الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، في موسكو، إن العلاقات بين روسيا والهند تبلغ مستوى “شراكة استراتيجية مميزة وذات أولوية مطلقة” في السياسة الخارجية الروسية، مشيراً إلى أن هذا اللقاء هو السادس بين الجانبين خلال العام الجاري، ما يعكس قوة الشراكة وطبيعتها الاستثنائية.

وأوضح الوزير الروسي أن موسكو ونيودلهي تحافظان على حوار سياسي مكثف يشمل اجتماعات منتظمة بين مجالس الأمن ووزارات الخارجية والدفاع والهيئات الاقتصادية، إضافة إلى القمم رفيعة المستوى.

وأشار إلى أن الإطار القانوني والمعاهدات الثنائية بين البلدين يجري تحديثها باستمرار، لتعزيز التعاون المتبادل.

مشروعات ثنائية

وشدد لافروف على أن الجانبين يعملان حالياً على توفير ظروف أفضل للشركات الاقتصادية في أسواق البلدين، مع توسّع مستمر في قائمة السلع المتبادلة وبناء سلاسل إمداد “محمية من التأثيرات الخارجية غير المشروعة”.

كما أكد لافروف أن روسيا والهند “تتشاركان بعمق في مشاريع كبرى مثل الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب وطريق البحر الشمالي”، مشيداً بالنتائج الملموسة والتقدم المتزايد في مجالات الطاقة والصناعة والزراعة والتعاونين العسكري، والعسكري-التقني، إلى جانب التعاون العلمي-التقني، والثقافي.

وأشار كذلك إلى التنسيق الوثيق بين موسكو ونيودلهي في المحافل الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة و”مجموعة بريكس” ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة العشرين، مؤكداً أن هذا التعاون يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي.

قمة بوتين ومودي

ولفت لافروف إلى أن زيارة نظيره الهندي تأتي في توقيت مهم، قبل ثلاثة أسابيع فقط من انعقاد القمة الروسية-الهندية في العاصمة الهندية، معرباً عن تطلُّع بلاده لتعزيز نتائج التعاون في الفترة المقبلة.

من جانبه أعلن وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، أن نيودلهي وموسكو، تعملان على إعداد عدد من الاتفاقيات والمبادرات قبل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى البلاد.

وقال جايشانكار: “نناقش حالياً العديد من الاتفاقيات والمبادرات والمشروعات الثنائية في مجالات مختلفة، ونتوقع الانتهاء منها في الأيام المقبلة، وهذا سيضيف بلا شك مزيداً من الأهمية والعمق إلى شراكتنا الاستراتيجية الخاصة والمتميزة”.

ووصف الوزير الهندي، الاجتماعات مع نظيره الروسي التي عقدت العام الجاري، بالمفيدة جداً لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأكد الوزير الهندي أن بلاده تدعم الجهود الرامية لإحلال السلام، وتأمل في أن تتعامل جميع الأطراف بشكل بناء مع تحقيق هذا الهدف”، مشدداً في الوقت ذاته، على أن إنهاء النزاعات وإرساء سلام مستدام يصب في مصلحة المجتمع الدولي بأسره.

وقال جايشانكار: “العلاقات بين الهند وروسيا كانت دائماً عامل استقرار في العلاقات الدولية، وإن تعزيزها وتطورها يعود بالنفع ليس فقط على البلدين، بل على العالم بأسره”.

وسيُعقد المنتدى الروسي الهندي في نيودلهي، يومي 4 و5 ديسمبر المقبل، وسيتزامن هذا الحدث مع زيارة بوتين الرسمية المقررة في 5 ديسمبر. كما سيتضمن البرنامج سلسلة من المناقشات حول الإنتاج المشترك، والتعاون في مجال السياحة، وزيادة تدفق السياح.

تحفظات وضغوط أميركية

وتبدي الولايات المتحدة، تحفظاتها على مستوى العلاقات الثنائية بين روسيا والهند، إذ تمارس ضغوطاً على الهند لمنعها من شراء النفط الروسي، الذي تعتبره محركاً أساسياً في تمويل ودعم الغزو الروسي لأوكرانيا. 

وفي 6 أغسطس الماضي، فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25% على المنتجات الهندية. وبررت واشنطن هذه الخطوة بأنها رغبة بمنع الهند من شراء النفط والمنتجات البترولية الروسية.

وفي أواخر أكتوبر الماضي، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن ثقته في أن الهند ستتوقف عن شراء النفط من روسيا. وأفادت “رويترز” أنه عقب مفاوضات بين نيودلهي وواشنطن، خفضت المصافي الهندية وارداتها من النفط الروسي بنسبة 50%.

وفي الشهر نفسه، اشترت المصافي الهندية 4 ملايين برميل من النفط الخام من شركة “إكسون موبيل” في جيانا، لأول مرة.

وفي مطلع نوفمبر الجاري، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، أن الهند لا تزال تواصل شراء النفط الروسي. 

شاركها.