مع التحولات المتلاحقة التي يشهدها المشهد الإقليمي، برز قرار مجلس الأمن الدولي بتأييد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول غزة كواحدة من أهم المحطات السياسية حاليًا.
فالخطة، التي تمتد لعشرين بندًا، لم تعد مجرد طرح سياسي أميركي مثير للجدل، بل تحولت بموجب إجماع دولي نادر إلى إطار ملزم يعيد رسم طبيعة التعاطي مع الأزمة من جذورها.
وقد فتح القرار الباب أمام موجة واسعة من التحليلات حول تداعيات الضمانات القانونية التي باتت الخطة تتمتع بها، كما أثار تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على فرض آليات تنفيذ واقعية في ظل التعقيدات الميدانية في غزة، والرفض الإسرائيلي المعلن للتعاطي مع بعض البنود الأساسية، خاصة تلك المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية وإعادة إعمار القطاع تحت إشراف قوة دولية.
خبير سياسي: موافقة مجلس الأمن على خطة ترامب خطوة إيجابية لتثبيت وقف إطلاق النار وإحياء حلم الدولة الفلسطينية
قال كمال ريان إن موافقة مجلس الأمن على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعد خطوة إيجابية لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة ومنع إسرائيل من العودة لشن عدوان جديد على القطاع.
وأكد “ريان” أن أهمية القرار تكمن في أنه للمرة الأولى يشير بوضوح إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يشكل تحولًا لافتًا، خاصة أن إسرائيل تجاهلت على مدى عقود كل القرارات الأممية التي تحدثت عن الدولة الفلسطينية.
وأوضح “ريان” أن ما يميز هذا القرار أنه جاء بتقديم مباشر من الولايات المتحدة نفسها، وتحديدًا من الرئيس ترامب، معتبرًا أن اعتراف واشنطن لأول مرة بإمكانية قيام دولة فلسطينية هو ما أثار غضبًا واسعًا داخل إسرائيل، خصوصًا في صفوف اليمين المتطرف.
وأضاف “ريان” أن خروج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتأكيد رفضه التام لإقامة دولة فلسطينية يعكس حجم الضغوط التي يواجهها داخليًا، مشيرًا إلى أن هذا الرفض سيمثل واحدًا من أكبر التحديات أمام تنفيذ الخطة.
وشدّد “ريان” على أن موافقة مجلس الأمن تمنح الخطة شرعية دولية كاملة وتزيد فرص مشاركة الدول في تنفيذها، إلا أن التعنت الإسرائيلي يظل العقبة الأبرز أمام أي تقدم حقيقي.
وقال “ريان” إن مصر كانت وما زالت تؤكد أن الحل الوحيد لتحقيق السلام الدائم هو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرًا إلى أن هذا هو أساس كل قرارات الشرعية الدولية التي ترفض إسرائيل الالتزام بها.
وأكد “ريان” أن الخطة الأميركية تتضمن نشر قوة دولية لتأمين الحدود وحماية المدنيين، موضحًا أن هذه القوة قد تساهم في سد الفراغ الأمني في القطاع، لكنها في الوقت ذاته تثير تساؤلات حول طبيعة مهامها وصلاحياتها والدول التي ستشارك فيها.
وأشار “ريان” إلى أن إسرائيل ترفض مشاركة بعض الدول في هذه القوة، وهو ما يفتح الباب لنقاشات طويلة حول شكلها وآليات عملها.
كما قال “ريان” إن القرار يتضمن أيضًا إنشاء هيئة أو مجلس إدارة مؤقت لغزة يتولى تنسيق إعادة الإعمار وإدارة الشؤون الإنسانية والفنية داخل القطاع، لافتًا إلى أن العلاقة بين هذه الهيئة والسلطة الفلسطينية ما زالت بحاجة إلى توضيح.
وأوضح “ريان” أن من إيجابيات القرار أنه يضع أساسًا لإطلاق عملية إعادة إعمار واسعة في غزة، خاصة في ظل وجود خطة مصرية حصلت بالفعل على دعم عربي وإسلامي.
وأكد “ريان” أن إشارة القرار إلى طريق محتمل نحو دولة فلسطينية تمنح أملاً سياسيًا طويل الأمد، رغم أن تحقيق ذلك يتطلب جهودًا كبيرة وتوافقات أوسع.
ولفت “ريان” إلى أن موافقة مجلس الأمن قد تمثل ضغطًا دوليًا على إسرائيل للانسحاب من بعض المناطق الفلسطينية طالما أن هناك قوة دولية ستتولى حفظ الأمن، إلا أن ذلك يثير حفيظة اليمين الإسرائيلي الذي يرفض أي تدخل خارجي في ملف الأمن.
وأضاف أن هناك إشكاليات أخرى تتعلق بآليات تمويل إعادة الإعمار، إلى جانب تخوفات لدى بعض الأطراف الفلسطينية من أن تتحول الخطة إلى نوع من الوصاية الدولية على غزة بدل أن تمهد لعودة الوحدة الفلسطينية.
واختتم كمال ريان تصريحاته بالتأكيد على ضرورة أن تسير الخطة نحو إعادة الاستقرار لقطاع غزة، ومنع العدوان الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، مع تحقيق وحدة حقيقية بين الضفة الغربية والقطاع، مشيرًا إلى أن مصر والدول العربية تعمل من أجل هذا الهدف، وأن الأيام المقبلة ستكشف عن كيفية تنفيذ القرار وتفسير بنوده على الأرض.
المصدر: صدى البلد
