وافق الكونجرس الأميركي بغرفتيه، مجلسي النواب والشيوخ، وبأغلبية ساحقة على تمرير تشريع يلزم وزارة العدل على نشر جميع السجلات المتعلقة بجيفري إبستين، رجل الأعمال المدان في قضايا الاعتداء الجنسي على أطفال.
ومع إعلان نتيجة التصويت النهائية في مجلس النواب، 427 مقابل 1، عانقت عدة ضحايا بعضهن بعضاً في مبنى الكابيتول، وارتفعت الهتافات في أرجاء القاعة.
وكان النائب الجمهوري كلاي هيجينز من لويزيانا الوحيد الذي صوّت ضد المشروع في مجلس النواب.
وبعد ساعات فقط، توجّه زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى القاعة، وطلب الموافقة بالإجماع على التشريع فور وصوله من مجلس النواب. ولم يعترض أي عضو في المجلس، وفق شبكة NBC News.
وسيرسل مشروع القانون إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي تعهّد بالتوقيع عليه ليصبح قانوناً.
وكان التشريع قد حصل الأسبوع الماضي على دعم كاف من الحزبين لإيصاله مباشرة إلى التصويت في مجلس النواب، وتلقى دفعة كبيرة في عطلة نهاية الأسبوع، عندما غيّر ترمب موقفه وحث الجمهوريين على دعمه.
وقاد النائبان توماس ماسي (جمهوري) ورو خانا (ديمقراطي) حملة الضغط في الكونجرس من أجل إقرار القانون، وهما الثنائي الذي كتب مشروع القانون، ونجح في فرض التصويت رغم اعتراضات.
وفي وقفة بالشموع أمام مبنى الكابيتول، مساء الثلاثاء، شارك فيها مشرعون وضحايا إبستين، استحضرت الناجية آني فارمر ذكرى فيرجينيا جوفري، الناجية الشهيرة والناشطة ضد الاعتداء الجنسي، التي توفيت منتحرة في أبريل الماضي عن 41 عاماً.
ونُشرت مذكرات جوفري “فتاة لا أحد”، بعد وفاتها الشهر الماضي.
وقالت فارمر وهي تبكي: “لقد جمعتنا.. وكان لديها رؤية حول ما يمكن أن يحدث، وما يمكن أن يتعلمه الناس من هذه القضية، وما كانت تريد فعله عبر هذا المنبر، ودفعته بشجاعة كبيرة.. أشعر أنها هنا معنا.. شكراً لك يا فيرجينيا على كل ما قدمته لنا”.
ما الذي يفرضه مشروع القانون؟
سيفرض المشروع على وزارة العدل نشر جميع السجلات غير المصنفة المتعلقة بإبستين وشريكته جيسلين ماكسويل، بما في ذلك سجلات السفر والرحلات الجوية، والأشخاص والجهات المرتبطة بإبستين، والمراسلات الداخلية في وزارة العدل.
ويجب نشر هذه السجلات في غضون 30 يوماً من دخول القانون حيز التنفيذ.
ويسمح التشريع لوزيرة العدل بام بوندي بحجب أو تنقيح أي معلومات تكشف هويات الضحايا، أو قد تعرّض تحقيقاً اتحادياً نشطاً للخطر.
وعشية التصويت، عقد ماسي وخانا والنائبة مارجوري تايلور جرين، مؤتمراً صحافياً خارج مبنى الكابيتول، مع أكثر من 12 ضحية لإبستين، ودعوا أعضاء مجلس الشيوخ إلى تمرير المشروع بسرعة.
وقال النائب الديمقراطي خانا: “لقد أنشأ جيفري إبستين حرفياً جزيرة للاغتصاب، جزيرة اغتصاب، وكان هناك رجال أثرياء ونافذون، من بين أغنى الناس في العالم، يعتقدون أنهم يستطيعون التلاعب بالسياسيين وإسكاتهم، وإساءة معاملة واغتصاب فتيات أميركيات دون أي عواقب”.
وأضاف: “لأن الناجيات تكلمن، وبفضل شجاعتهن، ستظهر الحقيقة أخيراً، وعندما تظهر، سيواجه هذا البلد لحظة حساب أخلاقية”.
لغة مشروع القانون
وفي وقت سابق، الثلاثاء، حاول رئيس مجلس النواب مايك جونسون إقناع مجلس الشيوخ بتعديل لغة المشروع لحماية أفضل لهويات الضحايا.
وكتب النائب هيجينز، الذي صوّت ضد المشروع، أن التشريع قد يكشف “آلاف الأبرياء”. لكن ماسي حث الجمهوريين على “عدم تخريب المشروع في مجلس الشيوخ”.
وبالنهاية، ومع تصويت هائل في مجلس النواب، لم يجرؤ أي سيناتور جمهوري على الاعتراض.
وقال ماسي: “لقد واجهنا الرئيس، ووزيرة العدل، ومدير الـFBI، ورئيس مجلس النواب، ونائب الرئيس لنحقق هذا الانتصار”.
وعاد جونسون، رغم تصويته لصالح المشروع، ليعبر عن غضبه من الآلية، قائلاً بعد عودته من مأدبة البيت الأبيض: “أنا محبط بشدة من هذه النتيجة.. لقد أسرع شومر في طرحه للتصويت”.
كانت وزارة العدل قد سلّمت بالفعل عشرات الآلاف من الوثائق إلى لجنة الرقابة بالكونجرس، التي نشرت العديد منها.
كما أصدر الديمقراطيون سلسلة رسائل بريدية بين إبستين وماكسويل والصحافي مايكل وولف، تضم إشارات إلى ترمب، دون اتهامات مباشرة.
وينفي ترمب باستمرار أي تورط في جرائم إبستين، ويؤكد أنه قطع علاقته به سابقاً. وفي عام 2000 اتهم ترمب إبستين بمحاولة توظيف فتيات من منتجعه، وقال إنه حظر دخوله إلى مارالاجو.
وفي 2008، أدين إبستين في فلوريدا بتهمة استغلال قاصر. وفي 2019، وُجهت إليه تهم اتحادية بالاتجار بالقاصرات، قبل أن ينتحر في زنزانته وفق السلطات.
