تنفيذ رؤية “عُمان 2040” ببناء دولة مزدهرة وتنافسية ومتكاملة عالمياً
برنامج طموح لهيكلة الجهاز الإداري للدولة وبناء “دولة مؤسسات” راسخة
وضع أُسس الحوكمة لدولة القانون مع ترسيخ مبادئ الشفافية والمؤسسية
الاستثمار الأجنبي زاد من 14.3 مليار ريال 2020 إلى 25.4 مليار في 2024
تأسيس منظومة حماية اجتماعية متكاملة توفر شبكة أمان قوية للشعب العُماني
المشاريع التنموية تعكس نهجاً متوازناً بين التحديث والاهتمام بالإنسان والثقافة
ربط التوظيف بتعليم عالٍ وتدريب مهني لتجهيز جيل شريك في مستقبل بلاده
رؤية استراتيجية لقيادة السلطنة بأن التنمية تشمل بناء الثقة والشراكات الدولية
منذ توليه مقاليد الحكم في “11 يناير 2020” في سلطنة عُمان، دشّن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، مسيرة نهضة شاملة تمثّلت في إنجازات اقتصادية، مؤسسية، تشريعية، اجتماعية وتنموية، ترجمت رؤية “عُمان 2040” إلى واقع ملموس، وأسهمت في رسم ملامح مستقبل أكثر ازدهاراً للسلطنة.
بضع سنوات كانت كافية ليبرهن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم على قدرته في قيادة السلطنة نحو مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً، من خلال رؤية واضحة، وإصلاحات عميقة، وتشريعات حديثة، واقتصاد متنوع ومستدام، وتنمية شاملة تمس كل جوانب الحياة. واليوم، تقف سلطنة عُمان بثقة على أعتاب مرحلة جديدة من نهضتها المتجددة، وهي ماضية في تنفيذ رؤية “عُمان 2040” نحو بناء دولة مزدهرة، قادرة، تنافسية، ومتكاملة عالمياً، تستثمر في الإنسان أولاً، وتضع رفاهه وجودة حياته في مقدمة الأولويات.
وأطلق جلالة السلطان هيثم برنامجاً طموحاً لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، بهدف بناء “دولة مؤسسات” راسخة. وفقاً لمصادر رسمية، تم إصدار ما يقارب 470 مرسوماً سلطانياً خلال السنوات الخمس الأولى لحكمه. من أبرز هذه المراسيم، ما يتعلق بالنظام الأساسي للدولة، ووضع أُسس الحوكمة القانونية لدولة القانون، مع ترسيخ مبدأ الشفافية والمؤسسات. كما شهدت الدولة تحديثاً تشريعياً ملحوظاً، شمل قوانين اقتصادية مهمة مثل قانون الأوراق المالية، وقانون العمل، وقانون الدّيْن العام، وقانون نزع الملكية للمنفعة العامة، إلى جانب إعادة هيكلة الجهات المسؤولة عن التنظيم الاقتصادي مثل البنك المركزي ووزارة الاقتصاد. هذه الإصلاحات ساهمت في تحسين كفاءة الإدارة، وخفّضت البيروقراطية، وفتحت آفاقًا أكبر للاستثمار والابتكار.
على المستوى الاقتصادي، اتبعت سلطنة عُمان استراتيجية مالية تقفز عن الاعتماد الكلي على النفط، سعياً لتنويع الإيرادات وتعزيز الاستدامة المالية. في هذا الإطار، أطلقت الحكومة خطة التوازن المالي متوسطة المدى 20202023 لمعالجة التحديات التي نجمت عن تذبذب أسعار النفط والجائحة
وبحسب بيانات رسمية، نجحت جهود الإصلاح في تحقيق نمو ملحوظ في الإيرادات غير النفطية، وتحسّن الميزانية العامة، مع خفض الدين العام بشكل كبير.
فعلى سبيل المثال، ذكرت مصادر أن محفظة الدّيْن العام انخفضت إلى 14.1 مليار ريال في منتصف 2025. هذا التحسن المالي انعكس أيضاً في تصنيفات الائتمان الدولية، حيث أشادت وكالات التصنيف بإدارة الجراحة المالية للسلطنة.
علاوة على ذلك، جذب الإصلاح الاقتصادي مزيداً من الاستثمارات الأجنبية. وفق بيانات، ارتفعت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان من حوالي 14.3 مليار ريال عُماني في 2020 إلى نحو 25.4 مليار في أوائل 2024. هذه المكاسب تدعم بفعالية هدف “رؤية عُمان 2040” في بناء اقتصاد متنوّع ومستدام.
ومن الجهود البارزة في عهد جلالة السلطان هيثم تأسيس منظومة حماية اجتماعية متكاملة. أُنشئ “جهاز الحماية الاجتماعية” الذي جمع وحدات التقاعد والرعاية الاجتماعية، وأُقرّ قانون الحماية الاجتماعية كمرجعية أساسية للرعاية والخدمات. وقد وفّرت هذه المنظومة شبكة أمان قوية للشعب العُماني، وساهمت في تقوية التضامن الاجتماعي وتحسين رفاه المواطنين.
كما ركّزت الدولة على تحسين البنية التحتية الصحية والتعليمية: فتم إطلاق مشروع مدينة جلالة السلطان هيثم الذكية، وهي مدينة متكاملة ومستدامة تضم نحو 20,000 وحدة سكنية موزعة على 19 حياً متنوّعاً في الخدمات والمرافق. ومن جهة أخرى، تمّ تدشين المجمع الثقافي العُماني في مرتفعات المطار بمحافظة مسقط، والذي يضم المسرح الوطني والمكتبة الوطنية وهيئة الوثائق، ليمثّل مركزاً ثقافياً وفكرياً يكرّس الهوية الوطنية ويحتفي بالتراث. هذه المشاريع التنموية تعكس نهجاً متوازناً بين التحديث العمراني والاهتمام بالإنسان والهوية الثقافية.
وحقّقت سلطنة عُمان قفزة في المؤشرات البيئية العالمية خلال عهد جلالة السلطان هيثم. فقد تقدّمت بشكل كبير في مؤشر الأداء البيئي العالمي، حيث احتلت المركز الـ50 عالمياً في تصنيف 2024، بعد أن كانت في مرتبة متأخرة جداً. هذا الإنجاز يؤكد التزام السلطنة بالمحافظة على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية ضمن رؤية تنموية طويلة الأمد.
وفي عهد جلالة السلطان هيثم، واصلت عمان سياسة “التمكين الوطني” من خلال دعم توظيف الكفاءات العُمانية في القطاعين العام والخاص. فمن خلال برنامج “عُماننة” Omanisation، تم تخصيص عدد من الوظائف في مؤسسات التعليم العالي لفئة المواطنين، في إطار تقليل الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية وتعزيز مشاركة المواطنين في سوق العمل. هذا التوجّه يأتي ضمن استراتيجية للتنمية البشرية، حيث ترتبط التوظيف الوطني بتعليم عال وتدريب مهني، لتجهيز الجيل العُماني القادم ليكون شريكاً فاعلاً في مستقبل بلاده.
ورغم التحديث السريع، حافظت عُمان على هويتها وتقاليدها. لم يكن مشروع المجمع الثقافي مجرد بناء جديد، بل رسالة واضحة بأن التقدم لا يعني التخلي عن الجذور. كما تعكس التعديلات التشريعية التي قام بها جلالة السلطان هيثم احتراماً للقيم الوطنية، مع الحرص على التكيّف مع معايير العصر. هذا التوازن بين الحداثة والهوية شكّل جزءاً من تكوين رؤية عُمان 2040، التي تضع الإنسان، تراثه، وإبداعه في قلب التنمية.
ومع المكاسب الكبيرة، سعت مسيرة الإصلاح لمعالجة الدين العام، وتحقيق تنويع اقتصادي بعيداً عن النفط، وضمان استدامة الأجور والخدمات الاجتماعية في ظل الضغوط العالمية، تبقى من أولويات الحكومة. بالإضافة استمرار الطموح بتنفيذ المشاريع الكبرى مثل “مدينة السلطان هيثم” باستثمارات كبيرة وإشراك فاعل من القطاع الخاص، فضلاً عن أن الحفاظ على النمو البيئي يتطلب استراتيجيات ذكية للاستثمار في الطاقة المتجددة وتطوير البنية التحتية الخضراء، مع تأمين العدالة بين المحافظات والمناطق.
ولم تقتصر إصلاحات جلالة السلطان هيثم على الداخل فقط، بل ساهمت في تحسين سمعة عُمان دولياً. ففي عام 2024، تقدّمت السلطنة في مؤشرات القوة الناعمة العالمية والمبادرة الإيجابية، منها تقدمها 6 مراكز في مؤشر “القوة الناعمة” الصادر عن Brand Finance، وكذلك تحسّن ترتيبها في مؤشر التأثير الإيجابي. هذه المكاسب تعكس رؤية استراتيجية للجنة القيادة العُمانية بأن التنمية الحقيقية لا تقتصر على البنية التحتية، بل تشمل بناء الثقة والشراكات دولياً.
إن ما أُنجز خلال السنوات الخمس الأولى من حكم جلالة السلطان هيثم يشير إلى بداية قوية لمرحلة جديدة من النهضة المتجددة، مرحلة تستند على حوكمة مؤسسية، وتنويع اقتصادي، وحماية اجتماعية، واستدامة بيئية. إن الجهود المبذولة الآن تضع عُمان على طريق تحقيق أهداف رؤية 2040، ليس فقط في البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، بل في بناء مجتمع قوي، مؤسسات شفافة، وموارد بشرية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.
إن العُمانيين اليوم يفخرون بإنجازات جوهرية في عهد جلالة السلطان هيثم، فقد تحولت الرؤية إلى واقع ملموس من خلال إصلاحات تشريعية وإدارية، واستقرار مالي وتنمية اقتصادية، وحماية اجتماعية وبنية تحتية مستقبلية، مع المحافظة على الهوية الوطنية والتوازن البيئي. هذه الخطوات كلها ترسّخ أركان نهضة حديثة تهدف إلى تحقيق مستقبل مزدهر ومستدام لوطنهم.
