وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 30,686 طفلًا في سوريا منذ آذار 2011 حتى 20 من تشرين الثاني الحالي، يتحمل النظام  السوري السابق المسؤولية عن 76% من حالات القتل، أي ما يعادل 23,138 طفلًا.

وأشارت “الشبكة” في تقريرها السنوي الـ14، الصادر اليوم الجمعة 21 من تشرين الثاني بمناسبة اليوم العالمي للطفل، إلى أن  عام 2013 كان الأكثر دموية.

وأوضح التقرير أن “الشبكة” وثقت مقتل 226 طفلًا تحت التعذيب خلال الفترة المذكورة، بينهم 216 على يد نظام بشار الأسد السابق، ما يجعله مسؤولًا عن 96% من إجمالي حالات قتل الأطفال تحت التعذيب خلال سنوات الحرب.

كما أظهرت قواعد بيانات “الشبكة” أن 5,359 طفلًا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، بينهم 3,736 طفلًا اعتقلهم أو أخفاهم نظام الأسد السابق، ما يجعله مسؤولًا عن 70% من مجموع الحالات.

وبيّن التقرير تعرض 1743 مدرسة وروضة أطفال للاعتداءات، بينها 1287 اعتداء نفذه نظام بشار الأسد، بنسبة 74%.

كما وثقت “الشبكة” 919 اعتداء على منشآت طبية خلال الفترة ذاتها، بينها 566 اعتداء نفذتها قوات النظام، أي بنسبة 62%، وهو ما أدى إلى “تدهور القدرة على تقديم الرعاية الصحية للأطفال في ظل ظروف إنسانية قاسية”، بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

وعمدت الأجهزة الأمنية في النظام السابق، وفق “الشبكة”، إلى نقل عدد من الأطفال إلى مؤسسات رعاية مثل “قرى أطفال SOS”، دون أي وثائق رسمية، ما أدى إلى طمس هوياتهم والتلاعب بمصايرهم القانونية.

وطالبت “الشبكة” بإجراء تحقيقات شاملة في هذه الممارسات وإعادة الهوية والحقوق للأطفال الذين لا يزال مصير كثير منهم مجهولًا، باعتبار هذه القضية جزءًا أساسيًا من مسار العدالة الانتقالية بعد سقوط النظام.

خلال عام 2025

وثقت “الشبكة” مقتل 51 طفلًا في أحداث الساحل، و20 في أحداث السويداء، و18 جراء إطلاق الرصاص في الاحتفالات حتى 20 تشرين الثاني الحالي.

وتسببت الألغام والذخائر غير المنفجرة 2024 بمقتل ما لا يقل عن 107 أطفال وإصابة آخرين بجروح خطيرة، منذ كانون الأول 2024.

وأوضح التقرير أن 7.5 مليون طفل بحاجة للمساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أن الأطفال في سوريا خلال المرحلة الانتقالية التي تلت سقوط نظام الأسد لا يزالون يواجهون تحديات بنيوية عميقة، من أبرزها تدهور قطاع التعليم، وغياب الخدمات الأساسية.

وأكدت “الشبكة” أن آثار الصدمات النفسية والفقر وفقدان الوالدين وضعف أنظمة الحماية الاجتماعية، تشكل عوائق كبيرة تحول دون حصول الأطفال على حقوقهم الأساسية، رغم تراجع مستويات العنف.

وذكر التقرير أن حماية الأطفال في المرحلة الانتقالية تُعد اختبارًا حاسمًا لمدى التزام الدولة السورية الجديدة والمجتمع الدولي بمبادئ حقوق الإنسان والعدالة، إذ “لا يمكن لأي عملية سياسية أن تكتمل دون كشف الحقيقة، وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات التي دمّرت حياة أجيال كاملة من الأطفال السوريين”، بحسب “الشبكة”.

احتجاز تعسفي وتجنيد إجباري

ذكر التقرير إلى أن احتجاز الأطفال تعسفيًا لا يزال مستمرًا، ولا سيما في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث يُمنع الأطفال المحتجزون من التواصل مع ذويهم ويتعرضون لمعاملة قاسية.

وأشارت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إلى وجود نحو 25,500 طفل محتجزين في مخيمي “الهول” و”روج” في “ظروف قاسية تشكّل حرمانًا غير قانوني من الحرية”.

وأضاف التقرير أن “قسد” تواصل تجنيد الأطفال عبر أساليب تشمل الاختطاف والضغط المباشر، بما في ذلك استقطابهم من الشوارع والمدارس.

وأكدت “الشبكة” أن هذه الممارسات تُعد “انتهاكًا لاتفاقية حقوق الطفل والقانون الإنساني الدولي”، لما تسببه من “تعريض الأطفال للعنف وحرمانهم من التعليم وزجّهم قسرًا في النزاع المسلح”.

أكثر من ثلاثة آلاف انتهاك بحق الأطفال

وثقت منظمة الأمم المتحدة  3,343 انتهاكًا جسيمًا بحق 3,209 أطفال في سوريا، خلال الفترة من 1 تشرين الأول 2022 إلى 31 كانون الأول 2024.

وأضافت المنظمة في تقريرها الذي نشرته في 4 من تشرين الثاني الحالي، أن أكثر الانتهاكات شيوعًا بحق الأطفال تمثلت بالتجنيد والاستخدام والقتل والتشويه.

وأكدت المنظمة أن النظام السوري السابق، والقوات الموالية له، والميليشيات المتحالفة معه كانوا الأكثر ارتكابًا للانتهاكات.

وجاءت “هيئة تحرير الشام” (المنحلة حاليًا) في المرتبة الثانية، وتلاها “الجيش الوطني السوري” (انضم إلى وزارة الدفاع)، ثم “قسد”.

وأشارت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، فانيسا فريزر، إلى إحراز تقدم ملموس لصالح الأطفال منذ كانون الأول 2024، رغم استمرار التقلبات في سوريا.

ونوهت إلى”أن التفاعل الإيجابي مع السلطات الحالية يمنح أطفال سوريا شعورًا بالأمل هم في أمسّ الحاجة إليه”.

وعبرت فريزر عن “دعمها ودعم الأمم المتحدة لجميع التدابير اللازمة لحماية الأطفال، ووضع حدٍّ للانتهاكات الجسيمة ضدهم من قِبل جميع الأطراف، ومنعها”.

ورحبت الممثلة الخاصة أيضًا بتجديد الحكومة السورية، تعاونها بالالتزامات الدولية لسوريا بحماية الأطفال، بما في ذلك الاعتراف بتعريف الطفل أنه كل من يقل عمره عن 18 عامًا.

كما أشادت بتحمل الحكومة السورية مسؤولياتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وبروتوكولها الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، داعية السلطات السورية إلى ضمان تنفيذها الكامل.

القلق مستمر

رغم التحسن الذي عبرت عنه الممثلة الخاصة للأمين العام، فإن ذلك لا ينفي القلق، وفق تعبيرها، من أوضاع الأطفال في سوريا.

وأشارت الممثلة الخاصة إلى العدد الكبير من الأطفال المحرومين من حريتهم لارتباطهم الفعلي أو المزعوم بأطراف النزاع، بما في ذلك “تنظيم الدولة”.

ونوهت إلى وجود ما يقرب من 25,500 طفل يُشتبه في أن لهم صلات عائلية بتنظيم “الدولة” محتجزين في مخيمي “الهول” و”روج”.

وذكّرت فريزر بضرورة اعتبار الأطفال ضحايا في المقام الأول، ومعاملتهم بما يتماشى مع المعايير الدولية لقضاء الأحداث.

وكررت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جميع بلدان المنشأ المعنية إلى تسهيل العودة الآمنة والطوعية لهؤلاء الأطفال إلى أوطانهم، بما يتماشى مع القانون الدولي، ومع احترام مبادئ عدم الإعادة القسرية، ووحدة الأسرة، ومصلحة الطفل.

فريزر قالت، “لقد عانى أطفال سوريا معاناةً بالغة خلال العقد الماضي، والمرحلة الانتقالية”، داعية جميع الأطراف إلى تسريح الأطفال من صفوفهم ليُعاد دمجهم في الحياة المدنية.

وأكدت على ضرورة استفادة هؤلاء الأطفال من برامج إعادة الإدماج التي تراعي السن والجنس.

وأضافت أنها تعول على المجتمع الدولي لدعم جهود إعادة الإدماج سياسيًا وماليًا، بالتنسيق مع الأمم المتحدة وشركائها.

صدمات وتحديات تعليمية.. آثار الحرب تلاحق أطفال سوريا

المصدر: عنب بلدي

شاركها.