اخبار تركيا

تناول مقال للكاتب والمؤرخ التركي غوكهان غوكتشك، الجذور التاريخية للعداء الأوروبي للمسلمين، معتبرا أن أسرة هابسبورغ هي التي رسخت هذا العداء خلال صراعها معالإمبراطورية العثمانية.

ويذكر الكاتب في مقاله بصحيفة يني شفق التركية أن سلالة هابسبورغ نشأت في سويسرا وحكمت جزءا واسعا من أوروبا دون اللجوء إلى الحرب، بفضل الزيجات القائمة على القرابة. حسبما أورد موقع الجزيرة نت.

وتابع أن توسع آل هابسبورغ بدأ مع رودولف الأول عام 1240 للميلاد، واستطاعت العائلة أن تحكم ألمانيا وإسبانيا والنمسا والإمبراطورية الرومانية، قبل أن تنخرط في صراع مع الإمبراطورية العثمانية.

وفي خضم هذا الصراع، تشكلت صورة العثمانيين الأتراك بوصفهم التهديد الأكبر في المخيال الأوروبي، وهو الإطار التاريخي الذي شكل جذور ظاهرتيالإسلاموفوبياوالتركوفوبيا في أوروبا المعاصرة، وفقا للكاتب.

ويرى غوكتشك أن جذور العداءلتركيالا تقتصر على المعارك التاريخية الكبرى مثل ملاذكرد وفتح القسطنطينية، بل تتبلور بشكل أكثر وضوحا في إطار الصراع بين العثمانيين وأسرة هابسبورغ الحاكمة في أوروبا.

وأوضح الكاتب أن نشأة البروتستانتية في أوروبا تزامنت مع ذروة صعود الإمبراطورية العثمانية وصراعها المحتدم مع أسرة هابسبورغ، وقد عملت هذه الأسرة التي اعتبرت نفسها حامية حمى الكاثوليكية على ترسيخ صورة العثمانيين الذين كانوا يدعمون البروتستانت ونشاطهم في أوروبا على أنهم “الكفار القادمون من الشرق”.

ونقل الكاتب ما تذكره المراجع التاريخية عن أوجيه دي بوسبيك سفير آل هابسبورغ إلى الدولة العثمانية في عهد السلطانسليمان القانوني حين وصف العثمانيين قائلا: “التركي يزأر حول حدودنا كالأسد الضاري، ويحاول تارة من هنا وتارة من هناك الدخول إلى أراضينا”.

وحين تجاوزت القوات العثمانية منطقة قانيجة عام 1591 للميلاد، عم الذعر ودقت أجراس الكنائس وطلب من المسيحيين الدعاء طلبا للعون الإلهي من أجل صد “الأتراك المتوحشين”.

وقد قدمت أسرة هابسبورغ نفسها حامية للكاثوليكية والمسيحية في جميع أنحاء أوروبا وفقا للكاتب وروَّجت في دعايتها السياسية أنه إذا تخطى “الخطر التركي” حدودها، فلن يكتفي العثمانيون بمهاجمة الكاثوليك، بل سيقضون أيضا على البروتستانت، مما جعل من المواجهة مع العثمانيين حربا مصيرية للمسيحيين في كل أوروبا.

ويقول الكاتب إن “الخطر التركي” تحوّل إلى أداة سياسية في يد أسرة هابسبورغ، وارتبط بمشاريعها التوسعية نحو المجر وطموح السيطرة على إرثرومافي العالم المسيحي.

ويضيف أنه مع حلول القرن الـ18، لم يعد المخيال الأوروبي يرى المواجهة مع العثمانيين مجرد صراع بين إمبراطوريتين، بل حربا بين هويتين: الشرق المسلم والغرب المسيحي.

ويرى الكاتب أن الحروب النمساوية العثمانية الممتدة من البلقان إلى أوروبا أسهمت بشكل كبير في تشكل الإسلاموفوبيا والخوف من الأتراك على المستوى الثقافي، وهو ما يتجلى في المقولة السلوفينية الشهيرة “لا حروب، لا أتراك، لا طاعون”، أي أن الهوية التركية كانت ة في أذهانهم بالموت والدمار.

ويوضح الكاتب أن هذا الوعي الجمعي المعادي للأتراك، والذي يصورهم على أنهم قوم غير متحضرين وأعداء للمسيحية، انتشر في جميع أنحاء أوروبا، وعملت على ترسيخه الأعمال الأدبية والتاريخية.

ويؤكد الكاتب أن ترسيخ العداء للعثمانيين مهّد لنجاح أسرة هابسبورغ في مشروع التوسع والهيمنة، والذي امتد من وسط أوروبا إلى البلقان.

والمفارقة التاريخية وفقا للكاتب هو أن هذه العائلة التي نشرت الخوف من العثمانيين، هي ذاتها التي كانت وراء الاستغلال الغربي لموارد أفريقياوالهندوالأميركتين، واستعباد شعوبها على مدى قرون.

ويختم الكاتب بأن الإسلاموفوبيا والتركوفوبيا اللتين بدأتا في تلك الحقبة مستمرتان حتى اليوم في العالم الغربي، ولا تزالان تغذيان طموحاته التوسعية.

شاركها.