يستعد البيت الأبيض لتغييرات محتملة في الحكومة بعد إتمام الرئيس دونالد ترمب عامه الأول في منصبه، وهو ما قد يؤدي إلى زعزعة فريقه المستقر من الوزراء، حسبما ذكر أشخاص مطلعين على المناقشات لشبكة CNN.

ويُعدّ طاقم إدارة ترمب من الوزراء والإداريين والمديرين الذين يشكّلون الحكومة الفيدرالية مستقراً بشكل نسبي، إذ سعى المسؤولون المقربون من الرئيس إلى تجنب تكرار صورة فترة ولايته الأولى التي كانت مليئة بالتغييرات. لكن هذا الوضع قد يتغير مع اقتراب إتمامه عامه الأول في المنصب بحلول يناير المقبل.

ومن بين الوزارات والوكالات الفيدرالية التي قد تشهد تغييرات، وزارة الأمن الداخلي، التي ترأسها كريستي نويم، والمكلفة بتنفيذ وعد حملة ترمب بالترحيل الجماعي للمهاجرين. 

وذكرت مصادر، أنه قد يكون هناك تغيير في وزارة الطاقة، التي يديرها حالياً كريس رايت المدير التنفيذي السابق لشركة “كولورادو” للتكسير الهيدروليكي، والذي توترت علاقته بالبيت الأبيض في الأشهر الأخيرة.

وبينما تستمر المناقشات، أكد المسؤولون أنه “لم يتم اتخاذ أي قرارات، ومن المتوقع أن يظل مجلس الوزراء كما هو على الأقل حتى بداية العام المقبل”.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت: “إن الحكومة لن تتغير مهما كانت رغبة شبكة CNN”.

“خلف الكواليس” 

وأفادت مصادر متعددة لشبكة CNN، أن ترمب نفسه سعيد بأداء نويم، وأشاد بها باستمرار في المناسبات العامة والخاصة، لكن خلف الكواليس، شعر بعض كبار مسؤولي البيت الأبيض بالإحباط من كبير المستشارين كوري ليوانداوسكي، وهو صديق مقرب من نويم منذ فترة طويلة، وعينته في وقت مبكر للعمل في وزارة الأمن الداخلي كموظف حكومي خاص.

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض لشبكة CNN: “الرئيس يُحب كريستي. إنه يُحب عملها، رافضاً فكرة إقالتها”.

وأثار تاريخ ليوانداوسكي مع نويم، الذي يعود إلى توليها منصب حاكمة ولاية ساوث داكوتا، وقيادتهما المزدوجة للوزارة تساؤلات حول ما إذا كان الاثنان سيغادران معاً، وبالتالي فتح منصب وزارة الأمن الداخلي.

ليوانداوسكي، وهو وجه مألوف في دائرة ترمب، وساهم في إدارة حملته الانتخابية عام 2016، أصبح متمركزاً في وزارة الأمن الداخلي، وغالباً ما يكون إلى جانب نويم.

كما أن النفوذ الهائل الذي اكتسبه جعله موضع انتقاد من بعض كبار مسؤولي البيت الأبيض.

“تسريح موظفين” 

وفي وزارة الأمن الداخلي، أشرف ليوانداوسكي على تسريح موظفين، وطلب منحهم إجازة إدارية، ودعا قادة الوزارة إلى “محاسبتهم”، ووُصف ليوانداوسكي بأنه يدير الأمور في الوزارة حتى أصغرها، بما في ذلك ضخ الأموال الهائلة التي تلقتها الوزارة لتكثيف عمليات الترحيل.

وقالت مصادر مطلعة للشبكة إن “ليوانداوسكي اكتسب سمعة في الوزارة بتوبيخه المسؤولين الذين يراهم يُبطئون أجندة الإدارة”.

وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون إلى “النتائج الهائلة التي حققتها وزارة الأمن الداخلي وهي تحقيق حدود آمنة تاريخياً، ومجتمعات أميركية أكثر أماناً، وترحيل ناجح للمهاجرين غير الشرعيين”.

وقال متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي رداً على أسئلة شبكة CNN: “من المؤكد أن ليوانداوسكي لديه سمعة بشأن توبيخ المسؤولين الذين يعيقون أو يعطلون إجراءات الإدارة، ويقوضون إرادة الشعب الأميركي، لقد صوت الشعب الأميركي لصالح ترمب، وليس لأحد البيروقراطيين”.

وفي سبتمبر الماضي، عقد ترمب اجتماعاً مع ليوانداوسكي ونويم لمناقشة إدارة وزارة الأمن الداخلي، وفقاً لشخصين مطلعين. 

وقال أحدهما إن “الاجتماع في المكتب البيضاوي أصبح مثيراً للجدل، لا سيما بين ليوانداوسكي وترمب، الذي غادر الاجتماع منزعجاً من ليوانداوسكي”.

وقد كان هذا الاجتماع المتوتر ملحوظاً لبعض المسؤولين داخل البيت الأبيض الذين يعتقدون أن ليوانداوسكي لم يصمد إلا بفضل علاقته القوية بالرئيس.

“إدارة الحملة” 

وتوترت علاقة ليوانداوسكي بالعديد من المقربين من ترمب، بمن فيهم رئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، بعد حملة 2024، وفقاً لمصادر متعددة داخل البيت الأبيض. 

واستُقدم ليوانداوسكي للعمل مع رئيسي الحملة آنذاك، وايلز وكريس لاسيفيتا، قبل أشهر قليلة من يوم الانتخابات، حيث أخبر المرشح مدير حملته السابق أنه يفتقد أيام حملته الأولى إلى البيت الأبيض.

وتطورت الديناميكية بسرعة إلى صراع على السلطة، حيث أبدى ويلز ولاسيفيتا انزعاجهما من جهود ليوانداوسكي لتأكيد نفسه باستمرار في القرارات رفيعة المستوى، وغالباً ما كان يأخذ آراءه مباشرة إلى ترمب، وفقاً لما قاله أشخاص مطلعون على المناقشات لشبكة CNN في ذلك الوقت.

وتم تهميش ليوانداوسكي قبل انتهاء الحملة الانتخابية، ولم يحقق منصباً رفيعاً في الجناح الغربي للبيت الأبيض. بل انتهى به المطاف في وزارة الأمن الداخلي بوظيفة مؤقتة يُفترض أن تستمر 130 يوم عمل فقط خلال عام كامل. 

ورغم أن ليوانداوسكي بدأ العمل في وزارة الأمن الداخلي بعد عودة ترمب إلى منصبه بفترة وجيزة، إلا أن المتحدث باسم الوزارة قال إنه “لا يزال أمامه 40 يوماً”.

وعندما سئل عن العلاقة الحالية، أشار مسؤول في البيت الأبيض إلى أن وايلز عقد اجتماعاً مع نويم وليواندوسكي بشأن إدارة الطوارئ الفيدرالية هذا الأسبوع.

“غضب الرئيس” 

وخلال ولاية ترمب الأولى، كثيراً ما أثارت وزارة الأمن الداخلي غضب الرئيس لتقصيرها في الحد من الهجرة. وخلال تلك الفترة، كان للوزارة خمسة وزراء، ثلاثة منهم قائمون بأعمالهم.

ووجد وزير الطاقة الأميركي كريس رايت نفسه مؤخراً في خلاف مع البيت الأبيض، ما أثار تكهنات بأن منصبه على رأس وزارة الطاقة قد يكون في وضع حرج، وفقاً لمصادر مطلعة ذكرت لشبكة CNN.

وأضاف المصدر أن “بعض مسؤولي البيت الأبيض اشتكوا سراً من تباطؤ رايت في تنفيذ بعض المبادرات التي وعد بها ترمب خلال حملته الانتخابية، ومن إسهامه في ارتفاع معدل دوران الموظفين في بعض المناصب العليا بالوزارة”.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، تايلور روجرز: “يعمل الوزير رايت بتناغم تام مع الرئيس ترمب منذ اليوم الأول لاستعادة هيمنة أميركا على قطاع الطاقة وحماية اقتصادنا وأمننا القومي”. 

وأضافت: “بفضل الجهود التاريخية لإدارة ترمب التي تبنت شعار “الحفر، الحفر، الحفر”، بلغ إنتاج النفط أعلى مستوى له على الإطلاق في يوليو، بينما انخفضت أسعار الوقود إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات”.

من جهة أخرى، نفى المتحدث باسم وزارة الطاقة، بن ديتديريتش، فكرة اهتزاز مكانة رايت. 

وقال لشبكة CNN: “في الأسبوع الماضي فقط، وصف الرئيس ترمب الوزير رايت بأنه الشخصية الأولى في مجال الطاقة في العالم لا أحد يصدق هذه الأخبار الكاذبة مجهولة المصدر”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يبدو فيها أن أحد الوزراء في موقف حرج خلال ولاية ترمب الثانية.

وفي وقت سابق من هذا العام، نوقش استبدال وزير الدفاع بيت هيجسيث مطولاً بعد الكشف عن مشاركته معلومات حساسة عن طريق الخطأ على تطبيق “سيجنال”، والتي أُضيف إليها رئيس تحرير مجلة ذي أتلانتيك بالخطأ.

وخلال الصيف، ازداد استياء ترمب من تولسي جابارد، مديرة الاستخبارات الأميركية؛ بسبب موقفها من القدرات النووية الإيرانية.

وظل كل من هيجسيث وجابارد في منصبيهما، ولكن الضغوط لاستبدال هيجسيث قد تظهر مرة أخرى في الأسابيع المقبلة، حيث من المتوقع أن يصدر “المراقب الداخلي في البنتاجون تقريره بشأن حادثة “تسريبات سيجنال”، والذي على الرغم من أنه لا يحمل أي عقوبة رسمية لوزير الدفاع، إلا أنه قد يعيد القضية إلى دائرة الضوء”.

“مناصب شاغرة” 

ويعتبر حاكم ولاية فرجينيا، جلين يونكين، الذي تنتهي ولايته في يناير المقبل، من بين القادة الجمهوريين المتوقع ترشيحهم لأي مناصب شاغرة محتملة في الحكومة أو الإدارة. وبينما أشاد ترمب بـ يونكين، يقول العديد من الجمهوريين المقربين من ترمب إن “الرجلين لم يجريا أي محادثة مباشرة حول أي دور محتمل”.

وأغدق يونكين الثناء على ترمب. وقال يونكين: “سيدي الرئيس، أود أن أشكرك. لقد أبرمت صفقات تجارية، واتفاقيات سلام، وأعدت استثمارات ضخمة إلى الولايات المتحدة، أعلم أنك ستضع أميركا دائماً في المقام الأول”.

وأبلغ الحاكم حلفائه أنه سيكون متحمساً لاحتمال الانضمام إلى الحكومة في حال شغور منصب، لكنه أبدى اهتماماً أكبر بحقيبة اقتصادية أو تجارية، بدلاً من حقيبة تُركز على الهجرة.

وقال صديق قديم له، طلب عدم الكشف عن هويته، إن يونكين سيتردد على الأرجح في تولي زمام سياسات ترمب العدوانية في مجال الترحيل في وزارة الأمن الداخلي.

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض لشبكة CNN: “لقد أصبح واضحاً أن يونكين مهتم بالعمل لدى الإدارة في بعض المجالات”.

ولم يستجب متحدث باسم يونكين لطلب التعليق على خطط الحاكم عندما يترك منصبه في يناير.

ويقول حلفاؤه إن يونكين يُفكّر ملياً في مستقبله السياسي، رغم أنه غير متأكد من قدرته على إيجاد فرصة مناسبة تُناسب طموحاته. 

وقام يونكين برحلات صيفية إلى ولايتي آيوا وساوث كارولينا، وهما محطتان رئيسيتان في أي انتخابات تمهيدية رئاسية للحزب الجمهوري، للقاء نشطاء الحزب وإبقاء خياراته مفتوحة.

شاركها.