محمد بن علي بن ضعين البادي

 

ما شهدته ولاية العامرات بتاريخ 19 نوفمبر 2025 من وفاة أسرة بأكملها، هو حدث مأساوي يثير الحزن والأسى في جميع أرجاء الوطن، ويستدعي من المجتمع والمؤسسات الرسمية التحلي بالمسؤولية القصوى في التعامل مع تفاصيله.

هذه الواقعة المؤلمة ليست مناسبة للمبالغة أو تأليف القصص، ولا لاستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية أو لتأجيج الرأي العام ضد مؤسسات الدولة؛ بل هي دعوة للالتزام بالحقائق، وموقف وطني جاد يتطلب ضبط النفس وتوجيه الجهود نحو كشف الأسباب ومعالجتها.

والتعامل مع مثل هذه الحوادث يتطلب انضباطًا كبيرًا من جميع الأطراف: الدولة، الإعلام، والمجتمع؛ فالتحقيق الرسمي من الجهات المختصة هو الطريق الوحيد لمعرفة الملابسات والأسباب الحقيقية؛ سواء كانت نتيجة خطأ بشري، أو تقصير جهة معينة، أو ظروف صحية أو بيئية، وما يترتب عليها من مساءلة عادلة. ومن الضروري أن تُقدم كل مسؤولية مكتشفة أمام القضاء، والقضاء هو الجهة الوحيدة المخوَّلة للفصل في مثل هذه القضايا، بما يحفظ حقوق جميع الأطراف ويحقق العدالة.

كما إن المجتمع والإعلام لهما دور حيوي في التعامل مع هذه الواقعة بمسؤولية عالية. ونشر الشائعات أو المبالغة في التفاصيل أو تحريك الرأي العام بشكل غير موضوعي لن يضيف شيئًا؛ بل سيعرقل التحقيق ويجعل الحادثة مطية للمتسلقين الذين يسعون للاستفادة من مآسي الآخرين. لذلك يجب الالتزام بالحقائق المعلنة، ونقل المعلومات الصادرة عن الجهات الرسمية فقط، والامتناع عن نشر أي تكهنات أو تحليلات غير مؤكدة.

هذه الواقعة المؤلمة تمثل اختبارًا حقيقيًا للوعي الوطني والثقافة المجتمعية في التعامل مع الأحداث الحرجة. فالحقيقة تتطلب الصبر والانضباط، والالتزام بالخطوات الرسمية، مع تقديم الدعم الكامل للمتضررين، وحماية أسرهم ومجتمعهم من أي تأثير سلبي أو تحريض. هذه هي الطريقة الأمثل لتحويل المأساة إلى فرصة للتعلم، ولتعزيز ثقافة المسؤولية الوطنية، بدل أن تصبح مناسبة للإثارة أو الانقسام.

إنَّ مأساة العامرات تحمل رسالة واضحة: حماية الأرواح، ومعرفة الحقيقة، ومساءلة المخطئين، وكل ذلك واجب جماعي على الدولة والمجتمع والإعلام معًا. وهنا دعوة لكل مواطن للالتزام بالرصانة، وعدم الانجرار وراء القيل والقال، والوقوف مع الإجراءات الرسمية التي تضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث، وتؤكد أن الوطن أكبر من أي استغلال أو استهتار، وأن حماية المجتمع وقيمه وأمانه النفسي مسؤولية الجميع.

مأساة العامرات تترك خلفها حزنًا عميقًا، لكنها أيضًا تفرض على الجميع درسًا واضحًا: الحقائق فوق كل شيء، والتحقيق الرسمي هو الطريق الوحيد للوصول إلى العدالة، والالتزام بالمسؤولية الوطنية هو واجب لا يمكن تجاوزه. وعلى الدولة والمجتمع والإعلام والمواطنين جميعًا أن يعملوا بتعاون وانضباط، بعيدًا عن الإثارة أو المبالغة، حفاظًا على وحدة الوطن وسلامة مجتمعه.

الدرس الأساسي هو أن كل حادثة مأساوية مهما كانت مؤلمة لا يجب أن تتحول إلى ساحة للتسلُّق أو للتحريض؛ بل فرصة للتعلم، وتعزيز ثقافة الرصانة، وحماية المجتمع من القيل والقال والشائعات. كما إنها تذكرنا بأن حماية الأرواح، ومساءلة المخطئين، ودعم المتضررين، هي مسؤولية مشتركة تتطلب يقظة الجميع وعملهم معًا لتحقيق العدالة وإصلاح الواقع.

وفي النهاية.. تبقى مأساة العامرات رسالة لكل المواطنين مفادها أن الالتزام بالحقائق، وانتظار نتائج التحقيق الرسمي، والتحلي بالوعي الوطني؛ عوامل متعددة تمثل الطريق الأمثل للحفاظ على مجتمع مستقر، ووطن قوي، وأمان نفسي واجتماعي لكل أبنائه.

إنَّ الوطن أكبر من أي حادثة، وأعظم من أي استغلال، ومسؤوليتنا جميعًا أن نحميه، وأن نجعل من هذه المأساة درسًا حقيقيًا لا يُنسى.

شاركها.