بلغت قيمة التبرعات لحملة “فداء لحماة” أكثر من 210 ملايين دولار أمريكي، خلال حفل انطلاقها الذي حضرته اليوم السبت، 22 من تشرين الثاني، في الملعب “المعشب” في حماة وسط سوريا.
وتكون بذلك تخطت جميع الحملات السابقة التي أقيمت في المحافظات السورية، وعلى رأسها حلمة “الوفاء لإدلب” والتي جمعت 208 مليون دولار.
أعلى التبرعات قدمتها مؤسسة “أبي الفداء للتنمية” بمبلغ 80 مليون دولار، إضافة إلى تبرعات فردية ومن مؤسسات، أبرزها “منظمة المجتمعات المدني” بمبلغ تجاوز 24 مليون دولار، يليه مؤسسة “الآغا خان” التي تبرعت بـ 15 مليون دولار.
وعلى مستوى التبرعات الشخصية، كان أعلى التبرعات من قبل الداعية الحموي، عدنان العرعور، بمبلغ 6.5 مليون دولار، بينما تبرعت عائلة عبد الرزاق بمبلغ 6.25 مليون دولار.
وحضر الفعالية شخصيات حكومية، أبرزها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
كما حضر مسؤولون على رأسهم، وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان علي النعسان، والمحافظ عبد الرحمن السهيان، والثلاثة ينحدرون من محافظة حماة.
وإلى جانبهم، وزراء الداخلية والسياحة والإعلام والثقافة والصحة، والمستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية.
وتسعى محافظة حماة عبر الحملة إلى دعم المناطق المتضررة، ومواصلة العمل في جميع القطاعات لتحقيق ما وصفته بـ “تطلعات المواطنين وتخفيف معاناة الأهالي وتسهيل عودة المهجرين رغم ضخامة التحديات” وفق ما أوردته وكالة الأنباء السورية (سانا).
الشرع: “دين في عنق السوريين لحماة”
وبالرغم من أن المدينة لم تشهد دمارًا خلال سنوات الثورة السورية، فإن الأرياف المحيطة، لا سيما الشمالية، شهدت دمارًا واسعًا، بسبب العمليات العسكرية وقصف النظام السوري السابق.
وبحسب أطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR) في عام 2019، فإن 9459 مبنى مدمرًا كليًا في محافظة حماة، و404 مبانٍ مدمرة بشكل بالغ، و666 بشكل جزئي، ليكون المجموع 10529 مبنى متضررًا.
وتحتل محافظة حماة مكانة رمزية، إذ شهدت مجازر على عهد الأسدين، حافظ الأسد وابنه الرئيس المخلوع بشار الأسد، إذ شهدت مجازر في عام 1982، راح ضحيتها نحو 40,000 شخص.
الرئيس الشرع، قال خلال مشاركته في الحملة، إن “جرح حماة لم يكن يعني أهل حماة بل يعني كل السوريين، وهو جرح استمر لأكثر من 40 سنة”.
وأضاف أن “هناك دين في عنق السوريين لحماة وواجب علينا اليوم أن نسد هذا الدين”، و”كما أعطت حماة درسًا في التضحية والفداء يجب أن تعطي درسًا في البناء”.
الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال حملة وفاء لحماة – 22 تشرين الثاني 2025 (/ إياد عبد الجواد)
حملات سابقة
وتعتبر حملة “فداء لحماة” امتداد لحملات سابقة انطلقت في عدة محافظات سورية بمشاركة رجال أعمال وشخصيات مجتمعية، ومنظمات مدنية، تحت إشراف الحكومة.
وكانت باكورة الحملات، حملة “أربعاء حمص“، في 13 من آب الماضي، التي وصلت إلى مبلغ 13 مليون دولار، خلال حفل إطلاقها.
وفي درعا، وصلت قيمة التبرعات لحملة “أبشري حوران” إلى أكثر من 36 مليون دولار خلال حفل إطلاقها، في 30 من آب الماضي.
وفي 11 من أيلول، انطلقت حملة “دير العز” ليصل المبلغ فيها إلى ما يقارب الـ30 مليون دولار، خلال اليوم الأول.
وانطلقت حملة “ريفنا بيستاهل” في ريف دمشق، في 20 من أيلول الماضي، وكسرت التبرعات فيها التوقعات لتصل إلى أكثر من 76 مليون دولار.
وحملة “الوفاء لإدلب” التي انطلقت في 26 من أيلول الماضي، استطاعت جمع أكثر من 208 ملايين دولار أمريكي، خلال حفل إطلاقها.
كما أطلقت حملة “حلب ست الكل” ويتوقع أن يعلن عن نتائجها منتصف شهر كانون الأول المقبل، وسط توقعات بجمع نحو مليار دولار.
ما تأثير هذه الحملات؟
المدير العام للخدمات المصرفية الخاصة لإدارة الشرق الأوسط في بنك “ستاندرد تشارترد”، نبال نجمة، قال إن التوجه الحكومي لهذه الحملات هو اعتراف غير مباشر بالواقع الاقتصادي الصعب، إذ يهدف هذا النشاط إلى تعزيز التكافل الاجتماعي، وتنويع الموارد المالية اللازمة لتغطية تكاليف إعادة الإعمار، والتي هي عملية إجمالية، تتطلب تضافر الجهود الحكومية والشعبية في آن واحد.
وأضاف نجمة، في حديث سابق إلى، أن هذه الحملات تنسجم مع خطاب الاعتماد على الذات الذي تروج له الحكومة، وتقدم دليلًا على صمود المجتمع، وقدرة الشعب السوري، في الداخل والخارج، على تمويل نفسه بنفسه.
بالمقابل، يرى رئيس منتدى الاقتصاديين العرب، سمير العيطة، أن الدولة فشلت في دعم المواطنين ورعاية المشاريع التنموية، وبالتالي توجه المواطنون للحملات الشعبية، وما قامت به الدولة السورية هو استثمار هذه الحملات إعلاميًا فقط.
وقال العيطة ل في تقرير سابق، إن هذه التحركات لها دلالتها، وهي أن المجتمع يحتاج إلى مؤسسات دولة قريبة منه لتأمين حياته، ومن المهم أن تأخذ هذه التحركات طريقًا مؤسساتيًا، أي أن توضع التبرعات المجمّعة، أو أي معونات خارجية، في ميزانيات المجالس المحلية، وتتم مراقبة صرفها وتنفيذ الأولويات، لا أن تكون وسيلة للنفوذ المباشر أو عبر “جمعيات”.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
