يدرس حلفاء أوكرانيا مدى الجدية، التي عليهم أن يأخذوا بها تهديد الولايات المتحدة بوقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، إذا لم توافق على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المقترحة للسلام، لكن البعض قالوا، إنهم يبحثون كيفية إصلاح أوجه القصور، وفق مجلة “بوليتيكو”.
وتتضمن الخطة إلى جانب تنازل أوكرانيا عن بعض الأراضي بما فيها التي لا تزال تسيطر عليها في الشرق، القبول بسقف محدد لحجم قواتها المسلحة، بالإضافة إلى التعهد بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وقال جيمس أباثوراي، الرئيس المؤقت لبرنامج تسريع الابتكار الدفاعي DIANA التابع لحلف الناتو، إن “القدرات الأميركة فريدة من نوعها. وهذا أمر واضح تماماً، ولا يمكن الاستغناء عنها، حتى في سياق حلف الناتو”.
وأضاف في تصريحات لمجلة “بوليتيكو” على هامش منتدى “هاليفاكس” للأمن الدولي، وهو تجمع سنوي لمسؤولي الدفاع والمتخصصين في الأمن القومي في مقاطعة “نوفا سكوشا” الكندية: “ثمة خيارات تجارية متاحة لأي دولة لم تكن متاحة، أو لم يتم التفكير فيها حتى قبل بضع سنوات”.
وأشار إلى صور الأقمار الاصطناعية بالتحديد باعتبارها أحد المجالات التي يمكن أن توفر فيه المنتجات التجارية دفعة في ساحة المعركة لأوكرانيا، موضحاً أن صور البث المباشر عبر الأقمار الصناعية كانت عاملاً رئيسياً لأوكرانيا في مواجهة موسكو، وأتاحت لجيشها القدرة على توقع الهجمات الروسية المقبلة وتوجيه ضرباتهم.
بديل أوروبي
ونوّه أباثوراي إلى بديل واحد لمزودي خدمات الأقمار الصناعية في الولايات المتحدة يتمثل في شركة الفضاء الفنلندية ICEYE، التي تأسست لمراقبة الجليد من الفضاء الخارجي، ولكنها الآن توفر خدمات استخبارات ومراقبة واستطلاع متنقلة.
وذكر أن الشركة الفنلندية، باعت أقماراً صناعية لجيشي بولندا وهولندا، إلى جانب القوات المسلحة الفنلندية والقوات المسلحة البرتغالية، كما أنها توفر بعض البيانات لأوكرانيا بالفعل.
ومع ذلك، فإن إعادة تجهيز التكنولوجيا وإعادة توجيهها يمكن أن تكون عملية بطيئة ومكلفة، بالنظر إلى أن احتياجات أوكرانيا تعد عاجلة، بحسب المجلة.
ولا تزال شركة ICEYE، تعزز قدراتها كشركة متخصصة في مجال الدفاعي، إذ قال نائب رئيسها للبعثات، جوست إلستاك، لموقع DefenseNews الأميركي في نوفمبر الجاري، إن الشركة لديها ما بين 5 و10 أقمار اصطناعية في المدار، وتتوقع إطلاق 10 إلى 15 قمراً آخر خلال العامين المقبلين.
وأضاف أن الاهتمام الأوروبي بشركته زاد، بعد أن أوقف الرئيس دونالد ترمب مشاركة المعلومات الفضائية مع أوكرانيا في مارس من هذا العام، وتهديدات الملياردير الأميركي إيلون ماسك بوقف خدمة شركة الإنترنت الفضائي “ستارلينك” Starlink المملوكة له في أوكرانيا أضافت إلى جاذبية البدائل.
من جانبه، قال المفوض الأوروبي لشؤون الدفاع والفضاء، أندريوس كوبيليوس، للصحافيين في منتدى “هاليفاكس”، إن أوروبا لديها بالفعل بعض عروض الأقمار الاصطناعية الأفضل أداءً، بما في ذلك نظام “جاليليو” العالمي للملاحة بالأقمار الصناعية، ونظام “كوبرنيكوس” لمراقبة الطقس، مضيفاً: “هناك بعض الأنظمة الأقل تطوراً”، وذكر “ستارلينك”.
وأشار إلى أنه من المقرر بدء تشغيل البديل الأوروبي لخدمة IRIS²، وهي شبكة إنترنت واسع النطاق تعمل على مدارات متعددة على مدار أرضي منخفض في عام 2030. وفي غضون ذلك، يعمل الاتحاد الأوروبي على دمج الأصول الوطنية للدول الأعضاء فيه.
وأعرب عن ثقته في قدرة الاتحاد على دعم أوكرانيا، قائلاً: “بشأن أوكرانيا، إذا قرروا أنهم يريدون الاستمرار، فسوف يستمرون”.
محاولة كندية لسد الثغرات
وقال جيمس بيزان، عضو مجلس العموم الكندي (البرلمان) عن حزب المحافظين، ووزير الدفاع في “حكومة الظل” (أحزاب المعارضة)، إن بلاده يمكن أن تساعد في سد بعض الثغرات.
وذكر أن أوتاوا شاركت في السابق صور القمر الصناعي “رادارسات 2” (المملوك لوكالة الفضاء الكندية) مع أوكرانيا “التي ساعدتهم على رؤية ما يحدث على الحدود وخارجها”.
وأضاف بيزان، أن كندا يمكن أن تستأنف مشاركة تلك الصور إذا انسحبت الولايات المتحدة “ولكن هناك معلومات استخباراتية أخرى تجمعها الولايات المتحدة، ولديهم إمكانية الوصول إليها حتى داخل حلف الناتو، و(تحالف) العيون الخمس، ربما لا تكون متاحة لنا بالضرورة، وإذا حجبت عن أوكرانيا، سيمثل ذلك مشكلة”، مشيراً على وجه التحديد إلى “معلومات استخباراتية تجمع على الأرض”.
وتأسس تحالف “العيون الخمس” Five Eyes الذي يضم كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، عام 1946، لتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق بشأن مسائل فنية حساسة تتراوح بين سياسة الفضاء وإدارة الطيف (الاتصالات الراديوية).
وقالت رئيسة هيئة أركان الدفاع الكندية، الجنرال جيني كارينيان، في مقابلة مع المجلة، إنه بدون مساعدة عسكرية أميركية “هناك العديد من الثغرات، و(الضربات) الدقيقة بعيدة المدى، مثل القدرة على توجيه ضربات داخل روسيا، لا شك في ذلك”.
وأضافت أنها يمكن أن تتصور إيجاد سبل لتلبية احتياجات أوكرانيا من خلال بدائل، قائلة: “الطائرات المسيرة يمكنها بالتأكيد التقاط بعض من تلك (الصور)، والعمل بسبل أخرى. ربما لا تكون تلك القدرات متاحة بعد الآن، ولكن علينا أن نتكيّف ونتحول نحو شيء آخر.”
ولم يشارك أي من القادة العسكريين الأميركيين في منتدى “هاليفاكس”، تاركين المسؤولين الأوروبيين ومسؤولي “الناتو” للتكهن بمدى واقعية التهديد من إدارة ترمب، أو ما إذا كانت واشنطن تنتظر عرضاً مقابلاً.
الخطة الأميركية للسلام
ومساء السبت، حصل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا على مقاعد على طاولة المحادثات المقبلة، بشأن خطة ترمب للسلام في أوكرانيا، التي من المرجح أن تعقد في جنيف.
وقال السيناتور جمهوري من ولاية ساوث داكوتا، مايك راوندز، الذي كان من بين مجموعة من المشرعين الجمهوريين الذين حضروا المحادثات، إنه يأمل أن يكون تهديد ترمب جزءاً من صفقة تفاوضية، مضيفاً: “طالما أن هناك رداً في المقابل، فإنني آمل أن يدرك أن هذا الأمر أهم من أن يقول ببساطة: مرة واحدة وانتهى الأمر”.
وتنص الخطة المقترحة من الولايات المتحدة على تنازل أوكرانيا عن مناطق واسعة سيطرت عليها روسيا، وتحديد حجم قواتها المسلحة، وإجراء انتخابات خلال 100 يوماً، والتخلي عن أي أمل في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فضلاً عن الاعتراف بضم روسيا للقرم ولوجانسك ودونيتسك، ورفع العقوبات عن موسكو تدريجياً.
وقال قادة أوروبيون وغربيون، السبت، إن خطة السلام الأميركية تمثل أساساً لمحادثات إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، لكنها تحتاج إلى “عمل إضافي”.
وخلال اجتماعهم على هامش قمة مجموعة العشرين، سارع القادة الأوروبيون والغربيون إلى صياغة رد منسق على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أوكرانيا قبول خطته للسلام مع روسيا، المكونة من 28 نقطة، بحلول الخميس المقبل.
واتفق القادة على أن يجتمع مستشارو الأمن القومي من “الترويكا الأوروبية”، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأوكرانيا في جنيف، الأحد، لإجراء مزيد من المناقشات. وذكرت مصادر دبلوماسية أن إيطاليا سترسل أيضاً مسؤولاً.
ووجهت عواصم أوروبية كثيرة انتقادات متفاوتة للخطة الأميركية، التي تؤيد المطالب الروسية الرئيسية، إذ حاول القادة الموازنة بين الإشادة بترمب لمحاولته إنهاء القتال وإدراكهم في الوقت نفسه أن بعض بنود اقتراحه غير مقبولة لكييف.
