شكا مستأجرو محال تجارية في بنايات سكنية ضغوطاً متزايدة من ملاك عقارات، بشأن فرض زيادات كبيرة في القِيَم الإيجارية عند تجديد العقود، من دون التزام بالضوابط القانونية أو مراعاة ظروف السوق.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إنه في حال رفض المستأجر للزيادة الإيجارية يُفاجأ بإشعار بالإخلاء، بدعوى بيع العقار أو استخدامه لأغراض شخصية، ما يضع أصحاب المحال في موقف صعب يهدد استقرار أعمالهم.

وأشاروا إلى أن بعض الملاك يستخدمون بند «الإخلاء بغرض البيع»، وسيلة ضغط عليهم للقبول بالزيادات الإيجارية غير المبررة، متجاهلين نِسَب الزيادة المسموح بها من قبل الجهات التنظيمية.

وأكدوا أن هذه الممارسات تؤثر سلباً في استمرارية مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، وتجعلهم عرضة لخسائر فادحة بسبب الانتقال القسري أو توقف النشاط، علاوة على مصروفات تجهيزات المحال من ديكورات وغيرها.

وطالبوا الجهات المعنية بخطط لتوحيد فترات عقود تأجير المحال في البنايات السكنية، حفاظاً على استمرار مشاريعهم، وضبط العلاقة التعاقدية بين الطرفين.

في المقابل، أكد عقاريون أن وضع خطط لتوحيد فترات عقود تأجير المحال التجارية في البنايات السكنية مقترح غير قابل للتطبيق، وذلك لأن لكل مالك استراتيجية خاصة في إدارة العقارات التابعة له، مؤكدين أن مالك العقار لا يملك إخراج المستأجر من المحل التجاري إلا بشروط لابد من توافرها. ووصفوا تلك الشكاوى بأنها حالات فردية لا تمثل توجهاً عاماً في السوق، لافتين إلى أن القوانين واضحة جداً في هذا الجانب، ولا تسمح بفرض أي زيادات إيجارية خارج الإطار المحدد.

ضغوط متزايدة

وتفصيلاً، عرض مستأجرو محال تجارية ضمن بنايات سكنية التحديات التي يواجهونها، والخاصة بزيادة القيم الإيجارية لمحالهم، وما يترتب على ذلك من مطالب بإخلاء العين المؤجرة في حال رفض الزيادة الإيجارية.

وقال مستأجر محل تجاري في دبي، فضل عدم ذكر اسمه: «نواجه ضغوطاً متزايدة من ملاك عقارات عند تجديد العقود الإيجارية، ففي كثير من الأحيان يُطلب منا قبول زيادات إيجارية كبيرة، من دون أي مبررات واضحة أو مراعاة لظروف السوق الحالية».

وأضاف: «في حال رفض المستأجر هذه الزيادات، فإنه يتلقّى إشعاراً بالإخلاء، ما يضعه في موقف صعب للغاية ويهدد استقرار أعماله»، لافتاً إلى أن هذه الضغوط تجعل إدارة المحل والتخطيط المالي أكثر تعقيداً، خصوصاً مع الالتزامات الشهرية، وتكاليف التشغيل المتزايدة.

يُشار إلى أن إشعار الإخلاء يجب أن يكون قبل 12 شهراً على الأقل وفقاً للقانون رقم (33) لسنة 2008.

بدوره، قال المستأجر (م.س): «لاحظنا أن بعض ملاك العقارات يستخدمون الإخلاء بذريعة بيع العقار أو استخدامه لأغراض شخصية، وسيلة للضغط على المستأجرين لقبول زيادات غير مبررة، وهذه الممارسات تتجاهل تماماً نسب الزيادة المسموح بها قانونياً، وتجعلنا عرضة لمخاطر كبيرة مثل الانتقال القسري، أو توقف النشاط التجاري».

وأضاف: «بالنسبة لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإن هذا الأمر لا يؤثر فقط في العائد المالي، بل يمكن أن يؤدي إلى خسائر جسيمة نتيجة تكاليف تجهيز المحل أو خسارة المتعاملين».

في السياق نفسه، قال المستأجر (ع.أ): «في أغلب الحالات، لا يقدّم لنا الملاك أي مبررات حقيقية للزيادة، ولا يمنحوننا فرصة كافية للتفاوض، فسياسة (الزيادة أو الإخلاء) أصبحت هي القاعدة، وهذا يتنافى مع روح القانون الذي يهدف إلى تحقيق توازن عادل بين المؤجر والمستأجر».

وأضاف: «نحتاج إلى حماية أكبر واستقرار طويل الأمد لأعمالنا، لأن أي انتقال قسري أو توقف مؤقت للنشاط التجاري ينعكس بشكل مباشر على دخلنا واستثماراتنا في المحل».

مرجعية ملزمة

بدوره، قال المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«شركة الرواد للعقارات»، إسماعيل الحمادي: «لا خلاف أن العقار في دبي سوق حرة، قائمة على الاستثمار والعائد، لكن الحرية لا تعني الفوضى، ولا يمكن أن تُختزل العلاقة الإيجارية في معادلة (إما الزيادة أو الإخلاء)».

وأضاف: «ما نسمعه اليوم من بعض مستأجري المحال التجارية عن استخدام الإخلاء بذريعة البيع أو الاستخدام الشخصي وسيلة ضغط لفرض زيادات تفوق مؤشر الإيجار المعتمد، ليس مجرد شكوى عابرة، بل مؤشر خطر إذا لم يُقرأ بعين التشريع، لا بعين العاطفة».

وأكد أن القانون المنظم للعلاقة التعاقدية واضح، ومؤشر الإيجارات في دبي ليس اقتراحاً اختيارياً، بل مرجعية ملزمة صُممت لضبط السوق وتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر، مشدداً على أن أي ممارسة تُستخدم فيها مبررات الإخلاء القانونية، خارج سياقها الحقيقي، ليست حقاً مشروعاً، بل تعد تحايلاً يهدد الثقة والاستقرار التجاري.

وتابع الحمادي: «من يراهن على إرغام المستأجر بالتهديد، يغفل الحقيقة الأهم: المستأجر الجيد هو الأصل التجاري الأعلى جودة في المبنى، وخسارته تعني شغوراً، وإيقاف دخل، وتدوير وحدات بكلفة أعلى ونتائج أقل. في النهاية، فإن العقار لا يربح بالجدران، بل يربح بالأعمال التي تعيش داخله».

وأكد أن «دبي لم تصبح عاصمة اقتصادية عالمية بثقافة (الفرض)، بل بنموذج يحكمه القانون، وينظمه المنطق، وتحفظه الثقة بين الأطراف»، منوهاً بأن مركز فض المنازعات الإيجارية بدبي أثبت أنه الملاذ الأكثر عدالة لحسم أي خلل في التوازن، بلا مجاملة ولا انتقاص من الحقوق.

وقال الحمادي: «الرسالة الأعمق، اليوم ليست قانونية فقط، بل اقتصادية تتمثل في استدامة السوق أهم من زيادة آنية، والعلاقة العادلة أقوى من عقد يُفرض بالإكراه».

ممارسات غير قانونية

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة ستاندرد لإدارة العقارات»، عبدالكريم الملا، إن بعض المستأجرين الذين يقعون ضحية لممارسات غير قانونية من بعض الملاك، غالباً ما يجهلون حقوقهم القانونية والأنظمة المعمول بها في إمارة دبي، مؤكداً أن القوانين واضحة جداً في هذا الجانب، ولا تسمح بفرض أي زيادات إيجارية خارج الإطار المحدد.

وأوضح أن المالك لا يستطيع رفع الإيجار إلا بعد الرجوع إلى المؤشر الإيجاري المعتمد من دائرة الأراضي والأملاك بدبي، حيث يتم تحديد الزيادة، إن وجدت، بناءً على النسب القانونية فقط، وفي حال لم يجد المؤشر أي زيادة، فلا يحق للمالك المطالبة بها.

وأشار إلى أن قانون الإيجارات في دبي ينصّ بوضوح على الحالات التي يجوز فيها للمالك طلب الإخلاء، مثل هدم العقار فعلياً، أو رغبة المالك أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى في استخدام العقار لغرض السكن، شريطة إثبات ذلك، أما الإخلاء بدعوى البيع أو الاستخدام الشخصي دون تنفيذ فعلي، فيُعد مخالفة صريحة.

ولفت إلى أنه في حال ثبوت أن المالك لم ينفذ سبب الإخلاء بعد إخراج المستأجر، كعدم هدم العقار أو عدم بيعه، فإن المستأجر يحق له التقدم بشكوى أمام لجنة الإيجارات والمطالبة بالتعويض أو بإعادته إلى العقار نفسه.

وأكد أن الجهات التنظيمية في دبي، وعلى رأسها مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا»، تتعامل بجدية مع مثل هذه الحالات، وقد تصل العقوبات إلى منع المالك من تأجير العقار مجدداً لفترة محددة في حال ثبوت المخالفة.

وشدّد على أن القوانين في دبي منصفة وواضحة للطرفين، مشيراً إلى أهمية أن يكون كل من المالك والمستأجر على دراية تامة بحقوقه وواجباته، وأن الرجوع إلى القوانين الرسمية هو الطريق الأمثل لضمان العدالة والشفافية في العلاقة الإيجارية.


مؤشر الإيجارات الذكي أرسى مبدأ العدالة

أكد مدير العقارات في «مجموعة الوليد العقارية»، محمد تركي، أنه «لا يمكن تطبيق خطط لتوحيد مدد العقود الإيجارية للمحال التجارية في البنايات السكنية، إذ إن لكل مالك استراتيجية خاصة في إدارة العقارات التابعة له».

وأضاف: «القانون واضح في تنظيم العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر، ومنصف للطرفين»، لافتاً إلى أن الشكاوى المتعلقة بتلقي إشعارات إخلاء، كوسيلة للضغط على المستأجرين للقبول بزيادات إيجارية، حالات فردية لا تمثل توجهاً عاماً في السوق.

وطالب تركي المستأجرين، في حال تعرضهم لمثل هذه المواقف، باللجوء إلى القنوات القانونية المختصة وفتح ملف في مركز فض المنازعات الإيجارية، وعدم الرضوخ لأي تصرفات فردية من بعض الملاك، مؤكداً أن «النظام القانوني في دبي نموذج يحتذى به في تحقيق العدالة بين جميع الأطراف».

ونوّه بأن مؤشر الإيجارات الذكي، الذي أطلقته دائرة الأراضي والأملاك، مطلع العام الجاري، أرسى مبدأ العدالة والشفافية بين الملاك والمستأجرين، إذ يحدد بدقة نسب الزيادة المقررة سنوياً في مختلف مناطق الإمارة، ولا يجوز لأي مالك تجاوز النسب المحددة في المؤشر.

• مركز فض المنازعات الإيجارية الملاذ الأكثر عدالة لحسم أي خلل.


4 حالات للإخلاء عند انتهاء العقد

• الهدم أو الإضافة على المبنى مع الحصول على التراخيص.

• ترميم أو صيانة لا يمكن تنفيذها بوجود المستأجر.

• رغبة المالك في استخدام العقار له أو لأقاربه (الدرجة الأولى).

• نيّة المالك بيع العقار.

وفقاً للقانون رقم 33 لسنة 2008 بشأن تنظيم العلاقة بين مؤجري ومستأجري العقارات في إمارة دبي


9 حالات يحق فيها للمؤجِّر طلب الإخلاء

• عدم دفع الإيجار خلال 30 يوماً من الإخطار.

• التأجير من الباطن دون إذن.

• استخدام العقار لأغراض غير مشروعة.

• ترك العقار التجاري لفترة طويلة دون سبب.

• إلحاق ضرر بالعقار أو تغيير جوهري فيه.

• استخدام العقار بشكل مخالف لأنظمة البناء.

• صدور تقرير بأن العقار آيل للسقوط.

• مخالفة بنود العقد أو القانون رغم الإخطار.

• هدم العقار للتطوير حسب خطط الجهات الحكومية.

وفقاً للقانون رقم 33 لسنة 2008 بشأن تنظيم العلاقة بين مؤجري ومستأجري العقارات في إمارة دبي

شاركها.