د. سهام بنت أحمد الحارثية

[email protected]

حين منح المقام السامي، السيدةَ الجليلةَ حرم جلالة السلطان وسام الشرف الأعظم، بدا أن الوطن كلّه يضع وسامه الأرفع على صدر امرأة لم تبحث يومًا عن الأضواء، لكن الأثر الذي صنعته كان كفيلًا بأن يجعل ضوءها يصل إلى كل بيت وكل قلب في عُمان، لم يكن هذا الوسام مجرّد تكريم رسمي، بل كان تأكيدًا عميقًا على قيمة الحضور الذي يغيّر، واخبار عمان التي تبني، والروح التي تلامس الإنسان قبل أي شيء.

لقد جاءت السيدة الجليلة إلى الواجهة بأسلوب يندُر أن نراه في زمن كثرت فيه الشعارات وقلّ فيه العمل الحقيقي. حضورها الهادئ، رسائلها العميقة، قربها من الناس، كلها جعلت منها امتدادًا طبيعيًّا لتاريخ المرأة العُمانية التي حملت عبر القرون راية الحكمة والرحمة والمسؤولية، فنساؤنا الخالدات لم يكنّ زينة للحضارة؛ بل كنّ ركنًا من أركانها؛ ومع السيدة الجليلة يستعيد هذا الإرث العريق روحَهُ في صورة معاصرة، مشرقة، وهادئة القوة.

إنَّ أثر السيدة الجليلة لم يتشكل من موقف واحد؛ بل من نهج كامل يقوم على احترام الإنسان، وتمكين المرأة، ورعاية الأسرة، ودعم الفئات التي تحتاج إلى يد حانية وقلب واعٍ. وفي مجتمع يتطلّع إلى مستقبل أكثر توازنًا وإنسانية، جاء حضورها ليؤكد أن القيادة ليست صخبًا، وأن التأثير الحقيقي يُصنع بالطمأنينة، وبالعمل الذي يحمل في داخله نُبل الهدف وصدق الرغبة في خدمة الناس.

وقد جاء وسام الشرف الأعظم ليضع هذا الأثر في مكانه الطبيعي… في صفحة مشرّفة من تاريخ الوطن، فهو وسام يُمنح لمن يستحق، ولمن تتجاوز أعماله حدود المسؤولية إلى مساحات أعمق من العطاء الإنساني، وبمنح هذا الوسام، تقول عُمان للعالم إنّ رؤيتها للنهضة ليست مادية فقط؛ بل إنسانية أيضًا، وإنّ المرأة فيها ليست تابعًا، بل شريكة وصانعة وقائدة.

في أثر السيدة الجليلة تلتقي ثلاثة أبعاد: تاريخ نساء عُمان الخالدات، وحكمة الحاضر، ووعد المستقبل.

وهذا الامتزاج هو سرّ تأثيرها، وسرّ احترام العمانيين لها، وسرّ أن يكون وسام الشرف الأعظم خاتمًا من نور على صفحة عطائها.

لقد أعادت السيدة الجليلة تعريف معنى الحضور النسائي الرفيع، وقدّمت للعالم وجهًا ناصعًا للمرأة العُمانية: قوية بلا صخب، مؤثرة بلا استعراض، قريبة من الناس بلا تكلف، ومع كل خطوة تخطوها، يزداد يقين العمانيين بأن الأثر الحقيقي لا يصنعه الخطاب؛ بل القلب حين يعمل، والإنسان حين يكون محور كل جهد.

وهكذا.. يُصبح أثر السيدة الجليلة جزءًا من قصة عُمان نفسها؛ قصة تُكتب بالعطاء، وتحرسها القيم، وتنهض بها امرأة أدركت أن القيادة تبدأ من الإنسان، وأن الوسام الأعظم هو محبة الناس قبل أي شيء آخر.

شاركها.