تعاقدت وزارة الدفاع البريطانية مع شركة MBDA UK لتزويد البحرية الملكية البريطانية بمنصّتي سلاح الطاقة الموجهة بالليزر DragonFire (DEW).
ويأتي هذا العقد بعد اجتياز أحدث اختبارات النظام بنجاح، في خطوة تُعد محطة مهمة في مسار تطوير هذه القدرات في المملكة المتحدة، وفقاً لموقع Naval News.
ويأتي منح العقد، البالغ قيمته 316 مليون جنيه إسترليني، عقب مراجعة الدفاع الاستراتيجي البريطانية (SDR) التي نُشرت في يونيو الماضي، والتي دعت إلى تطوير أنظمة الطاقة الموجّهة، مثل DragonFire، لما توفره من قدرة على تقليل الأضرار الجانبية والاعتماد على الذخائر باهظة الثمن.
وأكدت المراجعة كذلك أن هذه الأنظمة تتيح بديلاً منخفض الكلفة ومستداماً للصواريخ.
وبموجب العقد، سيتم تزويد مدمرتين من طراز Type 45 Daring بمنصّتي DragonFire، على أن يُستكمل تجهيز أول سفينة عام 2027.
وفي إعلانه عن العقد الخميس الماضي، قال وزير المشتريات الدفاعية والصناعة في وزارة الدفاع البريطانية لوك بولارد إن “هذا الليزر عالي الطاقة سيضع البحرية الملكية في طليعة الابتكار داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من خلال تزويدها بقدرة متطورة تساعد في حماية المملكة المتحدة وحلفائها في عصر تتصاعد فيه التهديدات”.
وخلال زيارة لمقر MBDA، أشار بولارد إلى أن تطوير DragonFire “يمثّل فرصة لإضافة مزيج من القدرات لحماية سفننا الحربية في أوقات أكثر خطورة”.
وأضاف: “DragonFire لا يُغني عن الصواريخ، بل يُكملها، ويوفّر قدرة منخفضة التكلفة للتصدي للتهديدات التي تواجه تلك السفن”.
ولا ترتبط التهديدات البحرية بالدروس المستخلصة من الحرب الروسية الأوكرانية في البحر الأسود فحسب؛ فمنذ أواخر 2023 وحتى 2024، انتشرت مجموعة دولية من السفن الحربية في البحر الأحمر للتصدي لهجمات صاروخية باليستية وصواريخ كروز، وهجمات بطائرات مسيّرة وسفن بحرية مسيّرة ضد السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر.
وشاركت عدة سفن بريطانية، بينها المدمرة HMS Diamond، بكثافة في تلك العمليات مستخدمة صواريخ لاعتراض هذه التهديدات.
وبيَّن بولارد أن “هذه النوعية من القدرات، مثل الطاقة الموجّهة، ستوفّر خيارات منخفضة الكلفة للبحرية الملكية، وتُعيد التوازن في مواجهة التهديدات، في وقت نستخدم فيه صواريخ قد تصل كلفتها إلى ملايين الجنيهات للتصدي لطائرات مسيّرة لا تتجاوز كلفتها بضعة آلاف”.
وتابع بالقول: “التهديد الذي نستهدفه هو الطبيعة المتغيرة للحرب”. فالتحديات التي تواجه السفن لا تقتصر على الصواريخ المضادة للسفن، بل تشمل كذلك الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة التي يمكن إطلاقها بأعداد كبيرة، حتى ضمن أسراب، بما قد يستنزف مخزون السفينة من الصواريخ الدفاعية.
ومضى يقول: “عندها يكمن الخطر في أن السفن ربما لن تتمكن من الدفاع عن نفسها أمام تهديدات أعلى مستوى، أو حتى تهديدات أقل تعقيداً”.
ورغم استثمار البحرية الملكية البريطانية في صواريخ متقدمة للدفاع الجوي ومكافحة السفن، أثبتت “تجربة البحر الأحمر” تحدّي الكلفة في مواجهة المسيّرات باستخدام هذه الأنظمة.
وذكر بولارد: “في الواقع، تتقلّب معادلة الكلفة من كون التكنولوجيا الأفضل قادرة على هزيمة التكنولوجيا الأدنى، إلى وضع يتمكّن فيه الخصوم من توفير عدد أكبر من التهديدات؛ مما نستطيع تحمّل كلفة اعتراضه”.
كما أن إضافة قدرة مثل DragonFire يوفّر طبقة جديدة ضمن منظومة الدفاع الجوي للسفينة، بين الصواريخ بعيدة المدى وأنظمة الدفاع القريب، ما يمنح القائد خيارات أوسع لتوظيف السلاح المناسب ضد التهديد المناسب، خصوصاً في مواجهة الطائرات المسيّرة، بحسب بولارد.
الدروس والاختبارات
برزت خطورة تهديد المسيّرات من الحرب في أوكرانيا. وقال بولارد: “هناك العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من أوكرانيا، لكن ما نركز عليه هو كيفية ضمان أن الأنظمة التي ننشرها قابلة للتطوير السريع، في بيئة تتغير فيها التكنولوجيا بوتيرة عالية، حيث تحتاج المسيّرات إلى تحديث كل أسبوعين أو ثلاثة للبقاء فعّالة. لذلك، فإن طريقة الشراء مهمة بقدر أهمية ما نشتريه”.
وسيُسهم تسريع شراء DragonFire، بتجهيز أول سفينة عام 2027، في توفير القدرة قبل الموعد المخطط بخمس سنوات. وأكد الوزير: “هذا هو الإيقاع المطلوب لمواجهة عصر جديد من التهديدات”.
بدأ البرنامج في عام 2017، وتركزت التقنية أولاً على تتبع الهدف وتحديد نقطة التسديد والحفاظ على دقة تركيز الليزر، مع إجراء أول تجارب عام 2021 باستخدام ليزر منخفض الطاقة.
وفي عام 2022 جرى اختبار الليزر عالي الطاقة، بما في ذلك إطلاق النار من مسافة بعيدة، ثم اختبار إطلاق النار من مسافة بعيدة في عام 2023.
وشملت تجارب مطلع 2025 في “بورتون داون” رصد وتتبع أعداد كبيرة من المسيّرات الصغيرة، بينها طائرات تقوم بمناورات عالية السرعة.
أما أحدث الاختبارات، التي أُجريت في أكتوبر الماضي، في ميدان اختبار هبريدز البريطاني، فقد شهدت استخدام DragonFire بنجاح ضد مسيّرات أكبر حجماً، بلغت سرعة بعضها 650 كيلومتراً في الساعة، وشملت لأول مرة عمليات تتبع وتوجيه وإسقاط لهذه الأهداف في سيناريوهات تكتيكية فوق خط الأفق.
وأكد بولارد التزام الحكومة البريطانية بتجهيز سفينتين إضافيتين بالنظام.
وحدات مُعدلة
من جانبها، قالت كبيرة مهندسي شركة MBDA جوليا وارن، في مؤتمر صحافي، إن التجهيزات الأربعة ستشمل وحدات DragonFire معدّلة للاستخدام البحري، بمساحة أقل وقدرات محسّنة بفضل دمج تقنيات أكثر تقدماً.
وسيتم تقليص حجم النظام من مساحة حاوية بطول 40 قدماً إلى ما يعادل 20 قدماً، لتسهيل تركيبه على السفن.
وأضافت وارن: “الأمر يتعلق بتكريس مزيد من الجهد في التصميم التفصيلي لضمان الاستفادة القصوى من المساحة، لوضع أفضل المعدات ضمن الحيز المتاح”.
وتتركز الجهود أيضاً على تعزيز أتمتة النظام لتمكين تشغيل DragonFire من قبل فرد واحد في غرفة عمليات السفينة.
وأوضحت: “في السيناريوهات العملياتية، تشهد غرفة العمليات نشاطاً مكثفاً، ولذلك من المهم دمج النظام بسلاسة في هذا البيئة وتمكين مشغّل واحد من التحكم به”.
وسيُدمج DragonFire ضمن نظام إدارة المعارك على متن السفينة، ليكون جزءاً كاملاً من طبقات الدفاع الجوي.
وأكدت وارن أن عملية الدمج تركز على فهم إجراءات البحرية الملكية، مبيّنة: “هم معتادون على العمل مع الصواريخ والمدفعية وإجراءات إطلاق النار… لذا يجب تصميم النظام بحيث تبقى الإجراءات مألوفة، حتى وإن كان السلاح مختلفاً وحديثاً”.
ويتمثل محور عمل إضافي في تعزيز صلابة النظام وقدرته على العمل في الظروف البحرية.
وبالشراكة بين MBDA وLeonardo وQinetiQ، يُعد DragonFire، وفق بيان وزارة الدفاع البريطانية، من أكثر برامج الطاقة الموجّهة تقدماً داخل “الناتو”، وأول قدرة ليزر عالي الطاقة تدخل الخدمة في دولة أوروبية. وستدعم شركة BAE Systems البرنامج عبر التصميم التفصيلي لدمج النظام على متن سفن Type 45.
