سارة البريكية 

[email protected]

 

ليس من الطبيعي أن يرحل سهيل سريعًا ويمضي ويترك الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى بدون توديع أو حتى كلمة “وداعًا”؛ فالأيتام والفقراء والمحتاجون كانوا في انتظار سهيل، وكانت قلوبهم قبل ألسنتهم تلهج بالدعاء أن يحفظ الله سهيلًا دائمًا، إلّا أنّ هذه المرة كان الخبر واقعًا، وكان ليس كالمعتاد، لكنه رحل، وأن النجم العالي قرر أن يعلو أكثر لكي تكثر الدعوات وتملأ المجرات وتعبر الأفلاك وتستقر في جنة الخلد. 

منذ نعومة أظافرنا كنا نسمع ذلك الاسم الجميل يتردد بالخير، فكبرنا وكبر ذلك السمع وبدأنا نفهم الحياة، فعلمنا أنه (سهيل بهوان) أخو (سعود بهوان). هؤلاء الإخوة يسعون في الأرض ويساعدون الناس: الفقراء والمحتاجين والأطفال والأرامل والأيتام والمرضى، فكان اسمهم لامعًا وصيتهم ذائعًا وسيرتهم طيبة، لدرجة أنني توقعت أنهم ليسوا من البشر، بل أنهم ملائكة حلّوا على الأرض كنجم سهيل.

مرت الأيام والسنوات، وقدّر لي أن ألتقي بالشيخ الراحل، فكان سمح المُحيا، طيب القلب، نقي السريرة، وكان رجلًا بهيًا يشع بالنور، كيف لا وهو الصائم القائم المؤدِّي الفروض الخمس في المسجد، ذلك الرجل الذي لم تغرُّه الدنيا ولا الأموال ولا الجاه ولا الصيت، ذهب ليقف مع المصلين بتواضع ووقار، وكان كلما يذهب للمسجد يفرّج عن هذا ويعطي هذا وذاك ويأخذ رسالة هذا ويساعد المحتاج، وكان رجلًا كريمًا سخيًا نافعًا.

إنه اليوم يغادرنا، رغم أن وقت ظهوره الآن عند دخول أبواب الشتاء، يرحل في صمت وهدوء، وتتساقط الدموع بعده، ولا أبالغ إن قلت إن دموع المواطنين انهمرت وألسنتهم لهجت له بالدعاء، لأن الأثر الذي تركه لنا كبير.

الأثر الطيب هو الإرث الحقيقي وبوابة العبور إلى قلوب الجميع، وعندما تكون مكانتك هكذا فأنت الرابح الأكبر، فلا مال ولا جاه ولا منصب يدوم، وإنما حب الناس ورضى الله الذي نسعى جاهدين للوصول إليه يتمثل في حب الناس لك وذكرهم بالخير لك دائمًا. 

سهيل الشيخ، سهيل النجم، سهيل الإنسان، سهيل الصبر والكفاح والحنية والرحمة والعطف والكرم، ستبقى مُخلَّدًا في قلوبنا، ستبقى أعمالك شاهدة وعطاءاتك مستمرة بمن حملوا الإرث الطيب، فذِكراك لن تموت، وستظل عالقًا في حنايا القلوب وفي الدموع الحقيقية، ستبقى يا شيخنا الجليل عالقًا في كل زوايا الوطن.

رحمك الله وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة وغفر لك.

إنا لله وإنا إليه راجعون

شاركها.