حلب – محمد ديب بظت

شهد موسم الزيتون بريف حلب في العام الحالي انخفاضًا ملحوظًا بحجم الإنتاج وجودة الثمار، مع تداعيات مباشرة على دخل الفلاحين والأسواق المحلية.

الجفاف وقلة الأمطار، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأمراض في الأشجار، كانت من أبرز العوامل التي أثرت على الموسم، بحسب ما أكده فلاحون ل.

أثر الجفاف

خليل حمو، فلاح في ريف جنديرس غرب مدينة حلب، قال ل، إن محصول الزيتون كان ضعيفًا هذا العام، وإن معظم الثمار كانت صغيرة وناضجة قبل أوانها بسبب نقص الأمطار والجفاف الذي ضرب المنطقة.

ضعف الإنتاج أثر على دخل العائلات، بحسب خليل، فالتكاليف المرتفعة للمياه والأسمدة جعلت الاستمرار في رعاية البساتين أكثر صعوبة، ما دفع بعض المزارعين إلى تقليص مساحات الأراضي المزروعة.

بدوره، قال إبراهيم سليمان، مزارع من منطقة العيس جنوب مدينة حلب، إن انخفاض كمية الإنتاج يضاعف الضغوط الاقتصادية على الفلاحين، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الزيت في الأسواق.

وأضاف إبراهيم أن الحرارة العالية والتقلبات الجوية الأخيرة أدت إلى نضج مبكر للثمار، ما قلل من كمية الزيت القابلة للاستخراج، متخوفًا من أن استمرار هذه الظروف في السنوات المقبلة قد يهدد القطاع بأكمله.

العوامل المناخية ليست الوحيدة التي أثرت على الموسم، فضعف الدعم الحكومي، ونقص المياه للري، وارتفاع تكلفة الأسمدة والمبيدات، كلها عوامل زادت من صعوبة الزراعة وضغطت على قدرة الفلاحين على إنتاج زيتون بجودة عالية.

تراجع الإنتاج هذا العام سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الزيتون والزيت في الأسواق المحلية، ما يضع عبئًا مزدوجًا على الفلاحين والمستهلكين على حد سواء، مع احتمالية زيادة حالات بيع منتجات أقل جودة.

تأثير مباشر لقلة الأمطار

رئيس دائرة الشؤون الزراعية والوقاية في مديرية الزراعة بحلب، أحمد ياسين، قال ل، إن تقييم موسم الزيتون الحالي في المحافظة تأثر بشكل مباشر بقلة هطول الأمطار، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في الإنتاج.

وبحسب رئيس الدائرة، فإن التقارير الأولية من المعاصر والجولات الميدانية أشارت إلى أن قلة الأمطار كانت العامل الرئيس وراء ضعف المحصول، ما أثر أيضًا على جودة الثمار، حيث ظهرت ظاهرة الثمار المجعدة التي تحدث غالبًا عند انحباس أو تأخر الأمطار خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني.

وأشار ياسين إلى أن العمليات الزراعية المناسبة جرى تقديمها، وأن أغلبية الآفات المنتشرة كانت تحت السيطرة وتم التعامل معها من قبل المزارعين، بينما تقدم مديرية الزراعة الدعم الفني لجميع الفلاحين عند ظهور أي مشكلات تتعلق بتطور المحصول خلال مراحل النمو المختلفة.

الإحصاءات التقريبية لإجمالي الإنتاج لم تكتمل بعد بسبب متابعة عمليات الجني في بعض المناطق، لكن التقديرات الأولية تشير إلى أن الإنتاج لن يتجاوز 19,940 طنًا من زيت الزيتون، بسبب بيع بعض المزارعين للزيتون مباشرة كصنف مائدة، خاصة الأصناف ثنائية الغرض، إضافة إلى قلة الأمطار والقطف المبكر الذي يلجأ إليه المزارعون لتجنب السرقة، وهو ما ينعكس على ارتفاع أسعار زيت الزيتون.

وأوضح ياسين أن ظاهرة الجفاف شملت أغلبية مناطق المحافظة، مع التحفظ على بعض الزراعات المروية التي لا تتجاوز مساهمتها 120,000 طن من إجمالي كمية الزيت المتوقع هذا العام.

سعر التنكة فاق المليون ليرة

سعر تنكة الزيت بوزن 16 كيلوغرامًا يبلغ حاليًا 1,150,000 ليرة سورية، ما يعادل نحو 96 دولارًا أمريكيًا، فيما يتحفظ المزارعون على البيع في الوقت الحالي بسبب توقعات ارتفاع الأسعار أو للحفاظ على الزيت كأصل مالي مع مرور الوقت، وبانتظار الكميات المنتجة من محافظات أخرى مثل إدلب.

وأشار رئيس دائرة الشؤون الزراعية والوقاية في مديرية الزراعة، أحمد ياسين، إلى وجود مخاوف من الغش واستغلال الوضع الحالي عبر خلط زيت الزيتون بزيوت نباتية أخرى أو زيوت مكررة.

وشكلت مديرية الزراعة لجنة لمراقبة عمل المعاصر للتأكد من جودة الزيت وأخذ عينات منه خلال الجولات الميدانية، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني فيما يتعلق بدرجات الحرارة المناسبة للعصر (27 درجة مئوية)، وظروف التخزين الملائمة ضمن خزانات “كروم” أو “التنك”، وتوجيه إنذارات عند المخالفة.

وأفاد رئيس دائرة الشؤون الزراعية أن متابعة هذه الأمور تتم بالتعاون مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عبر لجنة تراقب عمل المعاصر لإجراء التحاليل في المخابر وتنظيم الضبوط اللازمة.

دعم محدود

الدعم على المستوى الوزاري غير متوفر، وهو محدود للفلاحين ويقتصر على الدعم الفني من خلال المدارس الحقلية، ويعتمد أي دعم مادي على الجهة المانحة ومعايير محددة ومناطق معينة للاستفادة، وفقًا لياسين.

وخلال الفترة الماضية، بحسب ياسين، تعرضت الأراضي لتعديات مختلفة، وتقوم مديرية الزراعة بتأمين غراس لتعويض نقص الأشجار عبر توزيع غراس بأسعار مدعومة للفلاحين.

وكان مدير دائرة جبل سمعان الزراعية التابعة لمديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بحلب، عبد الرزاق الطالب، قال ل، إن القطاع الزراعي في المحافظة ما زال يواجه مجموعة من التحديات التي عاقت تعافيه بعد سنوات الحرب.

وأضاف الطالب أن ارتفاع تكاليف تجهيز وتأهيل الآبار الارتوازية بأنظمة الطاقة الشمسية حال دون إدخالها ضمن خطط الإنتاج، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات الزراعة من بذار وأسمدة، وانخفاض أسعار المنتجات الزراعية، ما شكّل ضغطًا إضافيًا على المزارعين.

كما أن ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة مع تراجع البنى التحتية الزراعية دفع المزارعين إلى البحث عن بدائل أقل تكلفة، حيث لجأ كثيرون إلى استخدام الأسمدة العضوية الناتجة عن مخلفات الأبقار والأغنام لأنها أقل تكلفة وأكثر استدامة.

هذه العوامل توضح جزءًا من الصعوبات الاقتصادية والزراعية التي يواجهها الفلاحون في ريف حلب، وتساعد على فهم أسباب ضعف الإنتاج الزراعي، بما في ذلك إنتاج الزيتون في الموسم الحالي.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.