تبادلت روسيا وأوكرانيا القصف في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، مع شنّ موسكو لضربات جوية مكثفة على كييف، وتعرض مناطق في جنوب روسيا لضربات، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب “تفاؤله” بالتوصل إلى اتفاق لوقف النار.
وفي مؤشر على مساعٍ لتقريب الهوة بين الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والخطة الأوروبية المكونة من 19 بنداً، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الخطة تتضمن نقاطاً “صحيحة”، وإنه سيبحث “قضايا حساسة” مع ترمب.
بدوره، قال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، إن العديد من بنود الخطة الأميركية المقترحة، “تبدو مقبولة”، مؤكداً أن الخطة ستخضع لتعديلات من جانب موسكو، وكييف، وواشنطن. وأضاف أن موسكو اطلعت كذلك على تقارير حول “خطة أوروبية” خاصة بأوكرانيا، غير أنه أكد أنها “غير بناءة، ولا تناسب روسيا”.
هجوم مكثف على كييف
وتعرضت العاصمة الأوكرانية لهجمات مشتركة بالصواريخ والمسيّرات ليل الاثنين الثلاثاء، وسٌمعت أصوات انفجارات قوية، فيما أمرت السلطات السكان بالبقاء في الملاجئ. وقال عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، إن مبنى سكنياً تعرض لأضرار جسيمة في الهجمات، وإن فرق الإطفاء تعمل على إخماد الحرائق في عدد من المحال، وفق ما نقلت “بلومبرغ”.
وأضاف كليتشكو أن بعض مناطق المدينة تواجه انقطاعات في الكهرباء وإمدادات المياه مع استجابة فرق الطوارئ للهجوم.
وفي الوقت نفسه، تعرّض إقليم كراسنودار على ساحل البحر الأسود في روسيا لهجمات مكثفة بطائرات مُسيّرة خلال الليل، ما أسفر عن إصابة ستة أشخاص وإلحاق أضرار بما لا يقل عن 20 مبنى سكنياً في خمس بلديات، بحسب ما قاله الحاكم فينيامين كوندراتييف.
وقال كوندراتييف إن ميناء نوفوروسيسك، وهو من أهم الموانئ الروسية، كان بين أكثر المناطق تضرراً.
وفي إقليم روستوف المجاور، أودى هجوم جوي بحياة شخص، وأدى لإصابة 3 آخرين، وألحق أضراراً بمبانٍ سكنية ومنشأتين صناعيتين وروضة أطفال، وفقاً لما ذكرته العمدة سفيتلانا كامبولوفا.
ترمب يعرب عن تفاؤله
وكان ترمب قد ألمح في منشور على “تروث سوشيال” الاثنين، إلى إحراز “تقدم” نحو اتفاق بشأن أوكرانيا، بعد اجتماعات في جنيف بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومسؤولين من أوروبيين وأوكرانيين، لبحث الخطة الأميركية المكونة من 28 بنداً، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع، على أنها تميل كثيراً لصالح موسكو.
وعلى مدى الأيام التي أعقبت وضع الخطة من قبل المبعوث الأميركي الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف ونظيره الروسي كيريل ديميترييف، سارع المسؤولون الأوكرانيون والأوروبيون إلى صياغة مقترح بديل يمنح روسيا شروطاً أقل تفضيلاً. ونتج عن ذلك خطة مختصرة من 19 بنداً، بحسب مصادر مطلعة.
ووصف مسؤولون روس الخطة المعدلة بأنها “مرفوضة من الأساس”.
وفي أوكرانيا، قالت وزارة الطاقة إن القوات الروسية تشن أيضاً “هجوماً واسعاً مشتركاً” على البنية التحتية للطاقة في البلاد. وأضافت الوزارة في بيان على تليجرام: “سيبدأ عمال الطاقة تقييم الأضرار وتنفيذ أعمال الإصلاح بمجرد أن يسمح الوضع الأمني بذلك”.
زيلينسكي: سأبحث النقاط الحساسة مع ترمب
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن خطة السلام تتضمن نقاطاً “صحيحة”، مشيراً إلى أن هناك “قضايا حساسة” سيبحثها مع الرئيس ترمب.
وذكر زيلينسكي في كلمته المسائية المصورة أنه “اعتباراً من الآن، وبعد (محادثات) جنيف، هناك مجموعة نقاط أقل، لم تعد 28 نقطة، وتم دمج عدد كبير من العناصر الصحيحة في هذا الإطار”، مضيفاً: “قدّم فريقنا اليوم بالفعل تقريراً عن المسودة الجديدة للخطوات، وهذا هو النهج الصحيح حقاً.. أما القضايا الحساسة، والنقاط الأكثر حساسية، فسأناقشها مع الرئيس ترمب”.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت عن “تقدم كبير” في محادثات السلام، مضيفة أنه لم يتبق الآن سوى عدة نقاط خلافية حيث يواصل الفريقان الأميركي والأوكراني العمل عليهما.
وقالت ليفيت لشبكة FOX NEWS إن محادثات جنيف كانت “مثمرة للغاية”، مشيرة إلى أنها بحثت خطة السلام الأميركية “بشكل شامل مع مساهمات من الجانبين الروسي والأوكراني”.
خطة من 19 بنداً
وكان النائب الأول لوزير الخارجية الأوكراني سيرجي كيسليتسيا أعلن الاثنين، أن الولايات المتحدة وأوكرانيا توصّلتا إلى مسودة جديدة لاتفاق سلام تضم 19 بنداً، مع إبقاء القضايا الأكثر حساسية رهن قرار رئيسي البلدين، وذلك في أعقاب اعتبار روسيا أن “الخطة الأميركية” لإنهاء الحرب “تبدو مقبولة”.
وقال كيسليتسيا، الذي كان ضمن الوفد الأوكراني في محادثات، إن الاجتماع كان “مكثفاً، لكنه مثمر”، وأسفر عن نسخة مُحسَّنة بشكل كامل من المقترح الأميركي السابق المكون من 28 بنداً، ما جعل “الجانبين يشعران بإيجابية”، وفق تعبيره.
وبعد ساعات من المحادثات الدقيقة التي كادت “تنهار” قبل أن تبدأ، توصّل الوفدان الأميركي والأوكراني إلى تفاهمات بشأن عدد من القضايا، فيما جرى وضع النقاط الخلافية “بين قوسين” منها القضايا الإقليمية والعلاقات بين حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وروسيا، والولايات المتحدة، ليتولّى الرئيسان ترمب وزيلينسكي الحسم فيها، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وأوضح الجانب الأوكراني أنه “لم يكن مخولاً” باتخاذ قرارات تتعلق بالأراضي، خصوصاً ما يتعلق بالتنازل عنها كما ورد في النسخة الأصلية للمسودة، مؤكداً أن مثل هذه الخطوة تتطلب، بموجب الدستور الأوكراني، إجراء استفتاء شعبي.
وقال كيسليتسيا لـ”فاينانشيال تايمز” إن المسودة الجديدة تختلف عن النسخة المسرّبة السابقة التي أثارت غضباً واسعاً في كييف، مشيراً إلى أن “القليل جداً فقط من بنودها الأصلية ما زال قائماً”.
وأضاف: “طورنا أرضية صلبة من التقارب، وهناك بعض الأمور يمكننا التوصل إلى تسوية حولها، أما البقية فستحتاج إلى قرارات قيادية”.
