دافع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف بعد مكالمة مسربة مع يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جرت في أكتوبر الماضي، وبدا فيها ويتكوف “منحازاً لروسيا”، فيما قالت مصادر إن وزير الجيش الأميركي حذر أوكرانيا من أنها تواجه “هزيمة وشيكة”، أمام روسيا وأن عليها التفاوض من أجل “تسوية سلمية”، في محاولة لدفعها للقبول بخطة ترمب.

وقال ترمب للصحافيين على متن طائرة الرئاسة إن ما قاله ويتكوف في المكالمة هي “أمور اعتيادية”، مضيفاً: “عليه أن يبيع هذا الأمر لأوكرانيا، وأوكرانيا تبيعه لروسيا. هذا ما يفعله صانع الصفقات. هذه صيغة تفاوضية قياسية جداً… وأتصور أنه يقول الشيء نفسه لأوكرانيا”.

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان يقلق من أن ويتكوف “يميل كثيراً لصالح روسيا”، قال ترمب: “هذه الحرب قد تستمر لسنوات. لدى روسيا عدد أكبر بكثير من الناس والجنود. إذا استطاعت أوكرانيا عقد صفقة، فسيكون ذلك جيداً للطرفين. أوكرانيا أصغر بكثير”.

وفي موسكو، اعتبر أوشاكوف أن تسريب المكالمة الهاتفية لوسائل الإعلام الأميركية هو “محاولة لعرقلة البحث عن السلام في أوكرانيا”.

وأضاف أنه يتحدث مع ويتكوف “كثيراً”، وأن هذه المحادثات “ليست علنية”.

مكالمة مسربة

وقدّم ويتكوف نصائح ليوري أوشاكوف المكالمة، بشأن كيفية طرح الرئيس الروسي التعاون لوضع خطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، على ترمب، الذي كان موقفه تجاه بوتين يميل نحو التصعيد.

فمع اقتراب اجتماعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 17 أكتوبر، كان يبحث تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى، ويفكر في فرض عقوبات جديدة على روسيا، ويعبر عن إحباطه من مواقف بوتين.

وأوصى ويتكوف في المكالمة أن يهنّئ بوتين ترمب على اتفاق غزة، وأن يشير إلى دعم روسيا له، وأن يعبر عن تقديره لترمب باعتباره “رجل سلام”. وقال: “من هناك، ستكون مكالمة جيدة للغاية”.

وزير الجيش الأميركي يحذر أوكرانيا

وفي السياق، قال مصدران مطلعان لشبكة NBC News، أن وزير الجيش الأميركي دان دريسكول قدم تقييماً قاتماً للوضع على الأرض في أوكرانيا خلال اجتماعه مع مسؤولين أميركيين في كييف الأسبوع الماضي.

وذكر المصدران أن دريسكول أخبر المسؤولين في أوكرانيا، أن قواتهم “تواجه وضعاً خطيراً على أرض المعركة، وأنها معرضة لهزيمة وشيكة أمام القوات الروسية”.

وقال دريسكول إن الروس “يضاعفون حجم وسرعة هجماتهم الجوية، ولديهم القدرة على القتال بلا نهاية”. وأضاف أن الوضع بالنسبة لأوكرانيا “سيتفاقم مع مرور الوقت، وأنه من الأفضل التفاوض على تسوية سلمية الآن بدلًا من الوصول إلى موقف أضعف في المستقبل”.

كما حذر دريسكول من أن صناعة الدفاع الأميركية “لن تتمكن من تزويد أوكرانيا بالأسلحة والدفاعات الجوية بالوتيرة المطلوبة لحماية البنية التحتية والسكان”.

وجاءت رسالة دريسكول بعد أن عرض على كييف خطة السلام التي اعتبرها المسؤولون الأوكرانيون بمثابة “استسلام لموسكو”.

وقال أحد المصادر: “الرسالة كانت ببساطة، أنتم تخسرون، وعليكم قبول الصفقة”.

وكان الاجتماع جزءاً من جهود بعض مسؤولي إدارة ترمب للضغط على الأوكرانيين لقبول المقترح الأميركي الجديد للسلام دون تأخير، “رغم أنه تبنى مطالب موسكو القصوى وفرض تنازلات مؤلمة على الحكومة الأوكرانية”، وفق عدة مسؤولين غربيين حاليين وسابقين.

ويتكوف وكوشنر إلى أوكرانيا

وكان ترمب، قد أعلن الثلاثاء، أن ويتكوف وصهره جاريد كوشنر سيلتقون بوتين الأسبوع المقبل، معتبراً أن موسكو قدمت “تنازلات” باتجاه التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ فبراير 2022.

وتحدث ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسة المتجهة إلى ولاية فلوريدا، عن مسار المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أن المحادثات مع روسيا “بدأت تسير بشكل جيد”.

وقال الرئيس الأميركي: “نجري محادثات جيدة.. بدأنا مع روسيا، نجري بعض المحادثات مع روسيا”، مضيفاً: “أوكرانيا تسير بشكل جيد، وأعتقد أنهم سعداء جداً حيال ذلك.. إنهم يودون رؤية ذلك ينتهي.. لن نعرف لبعض الوقت، لكننا سنحرز تقدماً”.

 وأشار إلى أن المفاوضين الأميركيين “يحرزون تقدماً” في المناقشات مع روسيا وأوكرانيا، وأن موسكو “وافقت على تقديم بعض التنازلات”، مضيفاً أنه “لا يوجد موعد نهائي للتوصل إلى اتفاق”، وقال: “الموعد النهائي بالنسبة لي هو عندما يُنجز الأمر”.

ورداً على سؤال بشأن مدى إمكانية أوكرانيا في تقديم تنازلات بشأن الأراضي، أجاب ترمب: “انظروا إلى الطريقة التي تسير بها الحرب.. إنها تتحرك في اتجاه واحد فقط.. لذا، في نهاية المطاف، تلك أراضٍ قد تحصل عليها روسيا على أي حال خلال الشهرين المقبلين”.

وأشار ترمب إلى أن “المفاوضات معقدة بسبب ترتيب الحدود على الأرض”، وأردف: “إنها عملية طويلة ومعقدة، ومحزنة جداً لأن الكثير من الناس يُقتلون”.

وفيما يخص الضمانات الأمنية، التي ستقدم إلى أوكرانيا، قال ترمب إن “أوروبا ستكون منخرطة بشكل كبير في الضمانات الأمنية”، لافتاً إلى أن خطة السلام الأولية المكونة من 28 نقطة “كانت مجرد خريطة”.

وسبق أن أمهل ترمب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حتى الخميس للموافقة على الخطة السلام التي كانت تدعو كييف إلى التنازل عن أراض، وقبول فرض قيود على جيشها، والتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

ويحاول المسؤولون الأميركيون تقريب وجهات النظر مع الروس والأوكرانيين بشأن وضع خطة لإنهاء أعنف صراع في أوروبا وأكثرها إلحاقاً للدمار منذ الحرب العالمية الثانية، فيما تخشى أوكرانيا من إجبارها على قبول اتفاق يصب إلى حد بعيد في مصلحة روسيا، بحسب وكالة “رويترز”.

شاركها.