في خطوة تُعد منعطفًا مهمًا في مسار دعم الابتكار و التحول الرقمي في سوريَة، احتضنت العاصمة، دمشق، لأول مرة فعاليات الأسبوع العالمي لريادة الأعمال تحت شعار “معًا نبني”، وذلك بتنظيم مشترك بين وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، وفريق ستارت أب سوريَة، وهي مبادرة مجتمعية لدعم الشركات الناسئة، ذلك وبحضور نخبة من الشباب والجهات الداعمة والمستثمرين ورواد الأعمال.

وأُقيم حفل الافتتاح في نادي شوترز في حي المزة، إيذانًا بانطلاق سلسلة واسعة من الأنشطة تمتد حتى 30 تشرين الثاني/ من نوفمبر 2025، وتشمل أكثر من 75 فعالية موزعة على 25 مدينة وبلدة في مختلف المحافظات السورية.

منصة لتعزيز ثقافة الابتكار:

تسعى الفعاليات إلى إبراز روح الإبداع لدى السوريين، وتسليط الضوء على المشاريع الريادية الناشئة، ورفع الوعي بأهمية ريادة الأعمال في دعم التعافي الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب التركيز على محاور نوعية مثل ريادة المرأة والتمويل والاستثمار والأثر المجتمعي للمبادرات التقنية.

والحدث، الذي تستضيفه سوريَة للمرة الأولى، لم يُقدَّم بوصفه فعالية احتفالية فحسب، بل كمنصة عملية للربط بين رواد الأعمال الشباب والخبراء والمستثمرين، وكفرصة لإكساب المواهب الصاعدة أدوات تساعدها في بناء مشاريع مستدامة قادرة على التأثير في سوق العمل المحلي.

افتتاح غني بالنقاشات المتخصصة:

استُهلت فعاليات اليوم الأول بكلمة مسجّلة لرئيس الشبكة العالمية لريادة الأعمال، جوناثان أورتمانس، الذي شدد على أهمية توسيع شبكات دعم رواد الأعمال حول العالم وإشراك المجتمعات المحلية في هذا الحراك العالمي.

وتلت الكلمة ثلاث جلسات حوارية متخصصة ركزت على محاور عملية، وشملت:

  • الجلسة الأولى: ناقشت دور الجهات الداعمة للاقتصاد والشباب، وعرضت نماذج للتعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة في بناء منظومة ريادية فعالة.
  • الجلسة الثانية: خُصصت للشباب دون سن العشرين، إذ عرض المشاركون أفكارًا مبتكرة في التكنولوجيا والخدمات، مع تقديم نماذج أولية لمشاريع واعدة.
  • الجلسة الثالثة: تناولت الريادة الاجتماعية وأثرها في تحسين حياة المجتمعات المحلية، مع عرض قصص نجاح لمبادرات تنموية استطاعت خلق أثر إيجابي رغم مواردها المحدودة.

دعم دولي وإقليمي للمبادرة:

من جانبه، أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى سوريَة، ميخائيل أونماخت، أن تنظيم الحدث يمثل شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص، ويعكس اهتمامًا دوليًا بدعم فرص النمو الاقتصادي المحلي.

وأشار أونماخت، في تصريحات إلى وكالة الأنباء السورية، إلى أن الأفكار التي قدمها الشباب خلال الجلسات تعد “مشجعة وتبشر بمستقبل ريادي واعد”.

أما رئيس مجلس إدارة، ستارت أب سوريَة، فادي بشارة، فلفت إلى أن أهمية الحدث تكمن في كونه جزءًا من مبادرة عالمية تُقام سنويًا في أكثر من 200 دولة، وتشارك فيها سوريَة للمرة الأولى هذا العام، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي هو دعم مشاريع الشباب التي تقدم حلولًا لمشكلات واقعية وتعزيز ثقتهم بقدرتهم على بناء مشاريع قابلة للنمو.

ومن الجانب الاستثماري، أشار رئيس مجلس إدارة شركة ترست آنجل، الأستاذ ميسرة مشعل، إلى العمل على إطلاق مركز تقني في دمشق يعنى باحتضان الشركات الناشئة وتأهيلها لدخول سوق العمل، عبر توفير التدريب والتمويل للمشاريع ذات الجدوى.

فعاليات تمتد عبر المحافظات:

وعلى الصعيد التنظيمي، أوضح عالم البيانات، المهندس جود خطاب، مسؤول إدارة معلومات في برنامج التعافي المبكّر وسبل العيش ضمن مبادرة (سوريَة بأكملها) في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن الأسبوع يشكل منصة دولية لعرض المبادرات المحلية، وهو ثمرة تعاون بين مؤسسات سورية وجهات دولية، إضافة إلى أحد البنوك الشريكة الذي يدعم الأنشطة التمويلية.

ويتميّز البرنامج بكونه لامركزيًا، إذ تقام فعاليات في محافظات عدة لتوفير فرص متساوية للمواهب الشابة، بما في ذلك ورشات عمل تقنية، ومسابقات ابتكار، ولقاءات مع خبراء في إدارة الأعمال والتمويل والتسويق الرقمي.

وجوه شابة تطمح لتغيير المستقبل:

من بين المشاركين برزت الشابة لين نجيب، 19 عامًا، التي عرضت تجربتها في تطوير حلول تقنية حصلت عبرها على ثلاث براءات اختراع. وأكدت لين، في تصريحات لوكالة الأنباء السورية، أن الحدث “يفتح آفاقًا جديدة للشباب ويدفعهم نحو خوض تجارب ريادية جريئة”.

وبدوره، أوضح مدير برنامج سند الشباب لريادة الأعمال، بشار سعد الدين، أن الحضور الواسع من مختلف المحافظات يعكس حاجة الشباب إلى بيئة حاضنة تسمح لهم بتطوير أفكارهم، مشيرًا إلى أن الأسبوع العالمي لريادة الأعمال يوفر لهم فرصة للتواصل المباشر مع الخبراء والمستثمرين وبناء شبكة علاقات مهمة للمستقبل.

الأسبوع العالمي لريادة الأعمال: خلفية تاريخية

يُعدّ الأسبوع العالمي لريادة الأعمال (Global Entrepreneurship Week – GEW) مبادرة دولية انطلقت لأول مرة في عام 2008، بمبادرة من مؤسسة كوفمان الأميركية والحكومة البريطانية آنذاك، بهدف نشر ثقافة الابتكار وتحفيز الشباب على إنشاء مشاريعهم الخاصة.

وأقيمت النسخة الأولى بمشاركة 77 دولة، وامتدت على مدار أسبوع واحد مليء بالفعاليات وورش العمل والمسابقات، ونجحت في استقطاب ملايين المشاركين عبر العالم.

وخلال سنوات قليلة، تحولت المبادرة إلى حدث عالمي ضخم يشمل أكثر من 200 دولة، وآلاف المؤسسات الداعمة، وملايين المشاركين سنويًا، ومئات آلاف من الفعاليات التي تعنى بريادة الأعمال، والتكنولوجيا، والابتكار، وتمكين المرأة والشباب.

أهداف مبادرة الأسبوع العالمي لريادة الأعمال:

يُقام الأسبوع كل عام في العديد من الدول بهدف:

  1. تشجيع الأفراد على اكتشاف قدراتهم الريادية.
  2. تعريف المجتمعات بدور الشركات الناشئة في دعم الاقتصاد.
  3. بناء شبكات عالمية تجمع المستثمرين ورواد الأعمال وصناع القرار.
  4. تعزيز مشاريع التكنولوجيا والتحول الرقمي في الاقتصادات الناشئة.

أهمية إقامة النسخة الأولى في سوريَة:

إطلاق الأسبوع لأول مرة في سوريَة يمثل خطوة مهمة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة عالميًا، وتزايد الحاجة إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لاسيما تلك المبنية على التكنولوجيا والابتكار.

وهذه الفعالية تأتي في وقت يتزايد فيه اهتمام الشباب السوري بالتقنيات الحديثة مثل:

وهي مجالات تمثل فرصة مهمة للنمو الاقتصادي وخلق وظائف جديدة، كما أن الحدث يعزز مفهوم الاقتصاد القائم على المعرفة، ويدفع نحو تسريع التحول الرقمي عبر دعم المبادرات المحلية وربطها بالخبرات الإقليمية والدولية.

شاركها.