اقترح وزراء في الحكومة البريطانية إنهاء الحق في المحاكمة أمام هيئة محلفين في مجموعة واسعة من الجرائم الجنائية في إنجلترا وويلز، وذلك في ظلّ مواجهتهم لتراكم هائل في القضايا، ما يُؤخّر جلسات الاستماع لأكثر من عام في كثير من الحالات، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وبموجب هذا التعديل، سيتم إلغاء هيئات المحلفين في جميع القضايا التي يُتوقع أن تُعاقب بالسجن لمدة 5 سنوات أو أقل، مع منع المتهمين من طلب المحاكمة أمام هيئة محلفين، كما هو الحال حالياً في العديد من الجرائم.
أما القضايا التي يُمكن حالياً عرضها إما على قاضٍ منفرد، أو على هيئة محلفين، فسيتمّ النظر فيها جميعاً في “قسم قضائي” جديد في محاكم التاج، التي تختص بالنظر في أخطر الجرائم الجنائية، وتقع في أكثر من 70 مركزاً قضائياً في جميع أنحاء إنجلترا وويلز، بما في ذلك المحكمة الجنائية المركزية.
كما سيتمّ إلغاء هيئات المحلفين في المحاكمات الطويلة أو المعقدة، مثل قضايا الاحتيال، ومع ذلك، سيتوال إشراك هيئة المحلفين في المحاكمات الطويلة والمعقدة التي تشمل الاغتصاب أو القتل أو القتل غير العمد، أو التي تنطوي على عنصر مصلحة عامة خاصة.
قضايا متراكمة
وقد وُضِعت هذه المقترحات في مذكرة من وزير العدل ديفيد لامي، إذ تتجاوز الخطط بكثير المقترحات التي طرحها في يوليو قاضي المحكمة العليا المتقاعد السير برايان ليفسون، الذي دعا إلى إنهاء الحق في المحاكمة أمام هيئة محلفين في نطاق أضيق بكثير من الجرائم.
وأفادت وزارة العدل بعدم اتخاذ قرار نهائي بعد، لكنها أضافت: “أوضحنا وجود أزمة في المحاكم تُسبب الألم والمعاناة للضحايا، مع تراكم 78 ألف قضية وتزايدها، ما يتطلب إجراءات جريئة لتصحيحها”.
ووصفت المذكرة، التي نشرتها الصحيفة لأول مرة، التغييرات المخطط لها بأنها “قرار نائب رئيس الوزراء”، في إشارة إلى لامي، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء.
وأفادت المذكرة أن لامي قرر زيادة الحد الأقصى لصلاحيات إصدار الأحكام للقضاة، وهي أدنى درجة في المحاكم الجنائية، من 6 أشهر سجناَ إلى 24 شهراً.
ويُحيل القضاة القضايا التي يعتقدون أنها تستحق أحكاماً تتجاوز صلاحياتهم إلى محاكم التاج، إذ قالت المذكرة إن لامي قرر إلغاء حق المتهمين في طلب محاكمة أمام هيئة محلفين في جرائم “أياً كان”، والتي تُحاكم إما أمام قاضٍ بمفرده أو أمام هيئة محلفين.
كما أوضحت المذكرة كيف قرر إنشاء “قسم جديد للقضاة” في محاكم التاج، حيث يجلس القضاة بمفردهم، للقضايا التي تصل أحكامها إلى خمس سنوات.
ولن تُشكّل هيئات محلفين للمحاكمات المعقدة والطويلة حتى تلك التي تنطوي على أحكام قد تتجاوز خمس سنوات، إلا في ظروف استثنائية.
وجاء في المذكرة أن هذه الحالات تتعلق بقضايا الاغتصاب والقتل والقتل غير العمد أو القضايا التي تنطوي على مصلحة عامة خاصة.
مقترحات “متطرفة”
في الإطار، وصف مارك إيفانز، رئيس نقابة المحامين في إنجلترا وويلز، المقترحات بأنها “متطرفة”، قائلاً: “هذا تغيير جوهري في كيفية عمل نظام العدالة الجنائية لدينا، وهو أمر مبالغ فيه”.
وكان ليفسون اقترح قصر المحاكمة أمام هيئة محلفين على القضايا التي يُحتمل أن تُسفر عن عقوبة بالسجن لمدة 3 سنوات أو أكثر، كما اقترح إنهاء استخدام هيئات المحلفين في قضايا الاحتيال وغيرها من القضايا الخطيرة والمعقدة.
وأشار إلى أن متوسط وقت المحكمة المستغرق للقضايا التي تُنظر أمام هيئات المحلفين قد تضاعف من حوالي 11 ساعة في عام 2001 إلى أكثر من 22 ساعة في عام 2024، لكن بدلاً من أن ينظر قاضٍ واحد فقط في القضايا غير المُشاركة فيها هيئة محلفين، أوصى ليفسون بأن يجلس قاضيان إلى جانبهما.
من جانبها، حذرت القاضية العليا في إنجلترا، البارونة سو كار، الثلاثاء، من أن أي إصلاحات ستحتاج إلى “موارد كافية” وإلا فلن تُحقق المقترحات “الأثر المأمول”، وفيما يتعلق بالتمويل، قالت كار إن نظام العدالة “يكاد يكون في أسفل قائمة الأولويات في سلم الإنفاق الحالي”.
وكان هناك 78 ألفاً و329 قضية تنتظر الانتهاء بمحاكم التاج في إنجلترا وويلز في نهاية يونيو الماضي، أي أكثر من ضعف عدد القضايا البالغ 38 ألفاً و70 قضية في نهاية عام 2019.
وبلغ متوسط وقت الانتظار للمحاكمة التي دفع فيها المتهم ببراءته 44.7 أسبوعاً في الربع المالي من أبريل إلى يونيو، وفقاً للإحصاءات الرسمية، وقبل جائحة فيروس كورونا، كان متوسط وقت الانتظار 27 أسبوعاً.
