في خطوة مفصلية للقطاع المالي السوري، أعلن حاكم مصرف سوريَة المركزي، الدكتور عبد القادر الحصرية، استعداد المصرف لإطلاق إطار تنظيمي ورقابي جديد يهدف إلى إعادة تفعيل وتطوير علاقات المراسلة المصرفية مع المصارف الأجنبية، وذلك في ضوء التطورات الإيجابية التي تحدّث عنها والمتعلقة برفع العقوبات الدولية وإعادة الاتصال عبر نظام سويفت.

ويأتي هذا التوجه في مرحلة يزداد فيها الاعتماد العالمي على التكنولوجيا المالية (FinTech) وأنظمة الدفع الرقمية، مما يجعل تحديث البنية المصرفية السورية ضرورة إستراتيجية، سواء على مستوى الامتثال الدولي أو البنية التقنية الداخلية.

نحو قطاع مصرفي متكامل رقميًا:

وفق تصريحات الدكتور عبد القادر الحصرية، التي وردت في منشور عبر قناة مصرف سوريَة المركزي في منصة تيليجرام، فإن الإطار التنظيمي المرتقب يهدف إلى:

  • إعادة إدماج القطاع المصرفي السوري في النظام المالي العالمي بعد سنوات من العزلة المصرفية.
  • تعزيز الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT)، وهي معايير تزداد أهميتها في تقييم أي مصرف على مستوى العلاقات الدولية.
  • رفع مستوى الشفافية وبناء الثقة مع الشركاء العالميين، وخاصة المصارف التي تقيّم مخاطر التعامل وفق أنظمة الامتثال الأمريكية والأوروبية.
  • تطوير أنظمة الدفع والبنى التشغيلية لضمان تحويلات مالية آمنة وسريعة، والاستفادة من التطورات العالمية في نظم التسوية الفورية.

نهج مدروس:

وهذه الخطوة، حسب وصف الدكتور الحصرية، تمثل جزءًا من نهج منهجي ومدروس يقوده المصرف المركزي لتأهيل المصارف السورية للعودة الفاعلة إلى النظام المالي الدولي والانفتاح على شراكات مصرفية موثوقة.

وكان الحصرية، قد أرسل في الـ 20 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أول رسالة رسمية عبر شبكة المدفوعات الدولية (سويفت) SWIFT، وقد أُرسلت أول رسالة إلى البنك الاحتياطي الأمريكي في نيويورك، وتم تأكيد استلامها، وهي المرة الأولى التي يعود فيها المصرف لاستخدام القنوات المعتمدة عالميًا في تبادل الرسائل المالية، وذلك منذ نحو 14 سنة.

ويُعد نظام سويفت العمود الفقري للمدفوعات والتحويلات بين البنوك حول العالم، إذ يربط أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة.

ومع أن نظام سويفت ليس نظامًا للتحويل المالي بحد ذاته، فإنه يشكل شبكة المراسلات الأساسية التي تمكّن المصارف من تبادل الرسائل المالية المؤمّنة، مثل أوامر الدفع وفتح الاعتمادات المستندية.

وعودة أي دولة أو مصرف إلى نظام  سويفت تعني:

  • رفع مستوى الثقة الدولية بقطاعها المالي.
  • إمكانية إجراء التحويلات عبر قنوات رسمية أكثر شفافية.
  • تعزيز قدرات الامتثال والتتبع الرقمي بما يتوافق مع الأنظمة المطبّقة في البنوك العالمية.

تأثيرات محتملة على التحول الرقمي المصرفي في سوريَة:

مع الاتجاه العالمي نحو المدفوعات الفورية والأنظمة اللامركزية وتنامي دور التقنية في الامتثال المالي، قد تمثل الخطوة التي تحدّث عنها مصرف سوريَة المركزي بداية مرحلة جديدة يمكن أن تشمل:

  • تحديث بنية المدفوعات المحلية وربطها بمعايير ISO 20022 المستخدمة عالميًا.
  • توسيع خدمات الدفع الإلكتروني والمحافظ الرقمية بطريقة أكثر أمانًا وتكاملًا.
  • تحسين قدرة المصارف السورية على استخدام تقنيات التحليل والذكاء الاصطناعي لرصد العمليات المشبوهة وتعزيز مكافحة الجرائم المالية.
  • تمكين الشركات السورية، لاسيما شركات التكنولوجيا والمحتوى الرقمي، من الوصول إلى بوابات دفع عالمية.

خطة إستراتيجية لدعم الاستقرار الاقتصادي:

وفق ما أكده حاكم مصرف سوريَة المركزي، فإن الإطار التنظيمي الجديد لن يكون مجرد تحديث تقني، بل خطوة إستراتيجية ستعزز موقع القطاع المصرفي السوري ضمن المنظومة المالية الدولية، وتساعد على دعم الاستقرار الاقتصادي من خلال رفع مستوى الامتثال والثقة، إضافة إلى تمكين المصارف من بناء شراكات مستدامة في الخارج.

ومع أن المرحلة المقبلة تتطلب جهودًا كبيرة على مستوى التقنية والتشريعات والحوكمة، فإن الخطوات المعلنة تشير إلى توجّه واضح نحو إعادة بناء البنية المصرفية السورية على أسس متوافقة مع المعايير العالمية، وهو ما قد يكوِّن نقطة تحول مهمة في مسار التحول الرقمي المصرفي داخل البلاد.

شاركها.