قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن الوفدين الأوكراني والأميركي سيجتمعان قريباً للعمل على صيغة خضعت للنقاش في محادثات بجنيف تستهدف إحلال السلام وتوفير ضمانات أمنية لكييف، وذلك بعد ساعات قليلة من قول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن لا مسودة نهائية لاتفاق السلام مع أوكرانيا حتى الآن.

وأضاف زيلينسكي في كلمته المسائية المصورة: “سيجتمع فريقنا مع ممثلين أميركيين في نهاية هذا الأسبوع لمواصلة تقريب المواقف بشأن النقاط التي توصلنا إليها نتيجة محادثات جنيف في شكل يقودنا على طريق السلام والضمانات الأمنية”.

وأردف: “سيكون هناك اجتماع للوفدين، وسيكون الوفد الأوكراني مستعداً استعداداً جيداً، وسيركز على العمل الهادف”، الأمر الذي اعتبره مراقبون إشارة على دخول المفاوضات مرحلة جدية تبحث التفاصيل.

وأجرى مفاوضون أميركيون وأوكرانيون محادثات في جنيف، الأحد، بشأن أحدث خطة سلام تدعمها الولايات المتحدة، وقال زيلينسكي إنه ستكون هناك محادثات أخرى الأسبوع المقبل يشارك فيها الوفدان وسيحضرها بنفسه، دون أن يقدم أي تفاصيل.

وأضاف: “ستُعقد الأسبوع المقبل محادثات مهمة، ليس مع وفدنا فحسب، بل معي أيضاً.. نُهيئ أرضية صلبة لمثل هذه المحادثات، ستقف أوكرانيا بثبات على قدميها.. ستظل صامدة دائماً”.

وقال زيلينسكي في منشور على إكس: “نظل على اتصال وثيق مع الجانب الأميركي ومع أصدقائنا الأوروبيين، كما تم إطلاع شركائنا في أنحاء العالم على آخر المستجدات، وأنا ممتن لهم على دعمهم لسيادتنا ودولتنا”.

وأكد زيلينسكي أن وفد بلاده يبذل قصارى جهده لضمان حصول أوكرانيا على دعم دفاعي كاف، مضيفاً: “نحن على اتصال مع الجانب الأميركي ومع شركائنا الأوروبيين” بهذا الشأن.

وكان أندريه يرماك، مدير مكتب زيلينسكي، قد صرح، في وقت سابق من الخميس، بأن كييف ستواصل العمل مع الوفد الأميركي للبناء على نتائج اجتماع جنيف.

وذكر يرماك، الذي عينه زيلينسكي رئيساً للوفد الأوكراني في المحادثات مع الولايات المتحدة، في منشور على منصة إكس: “كما فعلنا في جنيف، نستعد الآن لإجراء حوار بناء من أجل تحقيق تقدم ملموس في تحديد خطوات إنهاء الحرب”.

وتابع بالقول: “هدفنا الرئيسي المشترك ثابت لم يتغير، ألا وهو تحقيق سلام دائم ومشرف لأوكرانيا في أقرب وقت ممكن”.

الجيش الأوكراني

من جانبه، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الخميس، إن أوكرانيا ستحتاج إلى قوات مسلحة قوية وضمانات أمنية بعد إبرام أي اتفاق سلام مع روسيا، منادياً بضرورة عدم إجبار كييف على التخلي عن أراض.

وشدد ميرتس على أن المصالح الأمنية الأوروبية والأوكرانية على المحك، وقال إن الضمانات المتعلقة بالأمن قيد النقاش مع الولايات المتحدة وأوكرانيا.

وأضاف ميرتس في مؤتمر صحافي: “تحتاج أوكرانيا إلى قوات مسلحة قوية، وإذا تسنى التوصل إلى اتفاق سلام، فستظل  أوكرانيا بحاجة إلى قوات مسلحة قوية وضمانات أمنية موثوقة من شركائها”.

وأفاد بأن أهم ضمان هو وجود جيش أوكراني مجهز تجهيزاً جيداً، وقال ميرتس: “لهذا السبب نناقش أيضاً الحجم المستهدف المستقبلي للجيش الأوكراني”، مضيفاً أن من السابق لأوانه مناقشة أي نشر لقوات دولية.

وتدعو الدول الأوروبية إلى أن يكون الحد الأقصى لقوام جيش أوكرانيا 800 ألف جندي بدلاً من 600 ألف تدعو إليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في سياق 28 بنداً، لإنهاء حرب أوكرانيا.

ومضى ميرتس يقول إنه “ينبغي عدم إجبار أوكرانيا على قبول تنازلات عن أجزاء من أراضيها”، وإن “خط جبهة القتال يجب أن يكون نقطة الانطلاق لأي مفاوضات”.

نصيحة بوتين إلى أوكرانيا

في المقابل، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن القتال سيتوقف بمجرد انسحاب القوات الأوكرانية من مواقعها في المناطق الرئيسية، محذراً من أنها “إذا لم تفعل ذلك، ستحقق القوات الروسية أهدافها بالقوة”.

ولفت بوتين إلى أن وتيرة التقدم الروسي في جميع الاتجاهات “تتزايد بشكل ملحوظ”، واعتبر أن “انهيار الجبهة الأوكرانية أمر محتوم إذا تكرر سيناريو كوبيانسك في مناطق أخرى”، في إشارة إلى مدينة كوبيانسك الواقعة في مقاطعة خاركوف شرق أوكرانيا.

وقال الرئيس الروسي إنه لا توجد مسودة نهائية لاتفاق السلام مع أوكرانيا، وإن المطروح الآن بهذا الشأن هو مجموعة من القضايا للنقاش، واعتبر أن القيادة الأوكرانية “غير شرعية” ولا جدوى من توقيع أي اتفاقيات معها.

وأضاف بوتين، خلال خطاب بقمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) في بيشكيك، عاصمة قرجيزستان، أن الخطوط العريضة لمسودة خطة السلام التي ناقشتها الولايات المتحدة وأوكرانيا قد تصبح أساساً لاتفاقيات مستقبلية لإنهاء الصراع في أوكرانيا.

وقال بوتين إن روسيا درست الخطة الأولية للتسوية الأوكرانية التي كانت عبارة عن قائمة من 28 نقطة للنقاش، قال إنها تحتاج “أن نجلس لنناقشها بجدية، فكل كلمة مهمة”.

واعتبر الرئيس الروسي أن واشنطن تأخذ موقف موسكو في الاعتبار، لكنه قال إن “بعض الأمور لا تزال بحاجة إلى نقاش”.

وذكر أن المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يجب ترجمته إلى لغة دبلوماسية، معرباً عن استعداد بلاده لمناقشة قضايا الأمن الأوروبي والاستقرار الاستراتيجي مع الغرب، لكنه وصف المخاوف الغربية بشأن مزاعم عن خطط روسية لمهاجمة أوروبا بأنها “أمر سخيف”.

الأصول الروسية المجمدة

وأضاف بوتين أن روسيا تعد حزمة من الإجراءات الانتقامية رداً على المصادرة المحتملة للأصول الروسية في أوروبا، وحذر من أن أي تحرك لمصادرة الأصول الروسية سيكون بمثابة “سرقة للممتلكات”، وسيكون له تأثير سلبي على النظام المالي العالمي.

وفشلت قمة قادة الاتحاد الأوروبي، قبل شهر، في الاتفاق على اقتراح يقضي باستغلال الأصول الروسية المجمدة في منح أوكرانيا قرضاً تعويضياً بقيمة 140 مليار يورو، وذلك بعد معارضة شديدة من بلجيكا التي تتواجد بها الأموال، لكن المفوضية الأوروبية تواصل مساعيها نحو تلك الخطوة.

وكان مسؤولون أوكرانيون قالوا، الخميس، إن أوكرانيا لا تزال بحاجة ماسة إلى التمويل الخارجي، موجهين نداء جديداً إلى الاتحاد الأوروبي للموافقة على قرض مدعوم بأموال روسية مجمدة بعد أن حصلت كييف على موافقة أولية على مليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي.

وتوصلت كييف، الأربعاء، إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج جديد مدته 4 سنوات بقيمة 8.2 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا في الحفاظ على استقرار اقتصادها الكلي واستقرارها المالي خلال الحرب مع روسيا.

ولا يزال يتعين موافقة مجلس إدارة الصندوق على القرض، بعد أن تستوفي أوكرانيا الشروط، وفق رويترز.

وقالت وزارة المالية الأوكرانية، في بيان، إنه على الرغم من التمويل المحتمل من صندوق النقد الدولي، فإن “الحاجة لتمويل خارجي واسع النطاق، وفي الوقت المناسب، بشروط ميسرة وشبيهة بالمنح، لا تزال ملحة”.

ودعا وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها شركاء كييف في الاتحاد الأوروبي إلى الموافقة على قرار استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم قروض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا.

وقال سيبيها للصحافيين: “من المهم لنا أن نحصل على نتيجة إيجابية فيما يتعلق بقرض التعويضات، لذا فإن الأمر يتعلق بالاستخدام الفعلي للأصول الروسية المجمدة”، مضيفاً أن من الضروري أيضا توسيع نطاق برنامج شراء الأسلحة الأميركية لأوكرانيا بأموال أوروبية.  

شاركها.