دعت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، في بيان مشترك، إسرائيل إلى الالتزام بالقانون الدولي وحماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967، في ظل التصاعد الكبير لهجمات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، عن عملية واسعة شمال الضفة.
وقال وزراء خارجية الدول الأربع في البيان: “نحن – فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا – ندين بشدة التصعيد المهول للعنف من جانب المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، وندعو إلى الاستقرار في الضفة الغربية”.
وحذر البيان، المنشور على موقع وزارة الخارجية الألمانية، من أن “النشاطات المزعزعة للاستقرار تهدد نجاح خطة النقاط العشرين في غزة وفرص إحلال السلام والأمن طويل الأمد”.
وندد البيان بشدة بما اعتبره “زيادة كبيرة” في عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين بالضفة الغربية.
زرع الرعب
وطالب وزراء خارجية الدول الأربع بوقف هذه الهجمات، التي قالوا إنها “تزرع الرعب بين المدنيين، وتقوّض الجهود المبذولة حالياً لتحقيق السلام وضمان الأمن الدائم لإسرائيل نفسها”.
كما طالب الوزراء “حكومة إسرائيل بالالتزام بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وحماية السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة”، وحثوا الحكومة الإسرائيلية على “محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم ومنع المزيد من العنف من خلال معالجة جذور هذا السلوك”.
ولفت البيان إلى أن وتيرة الهجمات وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، إذ سجلت الأمم المتحدة (OCHA) 264 هجوماً في أكتوبر، وهو أكبر عدد من هجمات المستوطنين في شهر واحد منذ بدء تسجيل مثل هذه الحوادث عام 2006.
مشروع E1 الاستيطاني
وأوضح بيان وزراء الخارجية الدول الأربع أنه بعد الموافقة الرسمية على مستوطنة E1 في أغسطس 2025، والتي من شأنها تمزيق الضفة الغربية، تم اعتماد مشاريع بناء أكثر من 3000 وحدة سكنية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ليصل إجمالي الوحدات الجديدة المعتمدة منذ يناير إلى 28 ألف وحدة، وهو رقم قياسي على الإطلاق.
ودعا البيان الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة النظر في سياساتها.
حجب أموال السلطة غير مبرر
وندد البيان باستمرار الحكومة الإسرائيلية في حجب الإيرادات الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، معتبراً ذلك “أمراً لا يُبرر”.
وطالب الوزراء الحكومة الإسرائيلية بالإفراج عن هذه الإيرادات، وتوسيع نظام التحويلات المصرفية بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية، والسماح بزيادة تحويلات الأموال.
وجاء في البيان أن “هذه الخطوات أساسية لمصلحة المواطنين الفلسطينيين وقدرة السلطة الفلسطينية على تقديم الخدمات العامة”، مع تحذير من أن “إضعاف السلطة الفلسطينية يقلل من قدرتها على تنفيذ برنامج الإصلاح وتحمل المسؤولية في غزة، كما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803”.
وحذر كذلك من أن “فشل السلطة الفلسطينية مالياً لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالاستقرار الإقليمي وأمن إسرائيل نفسها”.
حل الدولتين
وجددت الدول الأربع التزامها بحل عادل وشامل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، “قائم على حل الدولتين، بحيث تعيش دولة إسرائيل ودولة فلسطين المستقلة والديمقراطية والمتصلة والمستقرة جنباً إلى جنب في سلام وأمن واعتراف متبادل”.
واختتم البيان بالتأكيد على أنه لا بديل عن حل الدولتين عبر التفاوض.
ترحيب فلسطيني
من جانبه، رحب نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، عبر منصة “إكس”، ببيان الدول الأوروبية، لافتاً إلى أنه يدين بوضوح التصاعد الخطير في عنف المستوطنين “ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية وسياسات التوسع الاستيطاني الغير شرعية”.
وشدد الشيخ على ضرورة دعم حل الدولتين والتحرك الدولي لضمان الاستقرار والسلام.
بدورها، رأت وزارة الخارجية الفلسطينية أن دعوة الدول الأربع إلى إلغاء مشروع الاستيطان “E1” والإفراج عن الإيرادات الضريبية الفلسطينية تمثل خطوات إيجابية لتعزيز قدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ خططها والحفاظ على الاستقرار المالي والسياسي للشعب الفلسطيني، بما يتوافق مع التزامات المجتمع الدولي.
عملية عسكرية واسعة شمال الضفة
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، عن بدء عملية عسكرية واسعة شمال الضفة الغربية، في خطوة قوبلت بتنديد فلسطيني.
وقال الجيش، في بيان، إن قواته وجهاز الأمن العام (الشاباك) وقوات الشرطة الإسرائيلية شرعت منذ الليلة الماضية في العملية.
من جانبها، أفادت الإذاعة العبرية بأن 3 ألوية عسكرية تشارك في العملية شمال الضفة، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي فرض حظر تجول في 5 مناطق، بينها طمون وطوباس.
واتخذ الجيش الإسرائيلي مواقع داخل مدينة طوباس في الضفة الغربية، الأربعاء، وأمرت بعض السكان الفلسطينيين بمغادرة منازلهم، وذلك في أحدث هجوم ضمن حملة مستمرة منذ أشهر في مدن شمال الضفة المحتلة.
وقال محافظ طوباس أحمد الأسعد، لوكالة “رويترز”، إن القوات الإسرائيلية، مدعومة بطائرة هليكوبتر فتحت النيران في المدينة، وتحاصر طوباس وتقيم مواقع في أحياء عدة.
وأضاف: “على ما يبدو، فإن الاجتياح طويل، قوات الاحتلال الإسرائيلي طردت الناس من بيوتها، واعتلوا أسطح البنايات، ويقومون بحملات اعتقالات”.
الأمم المتحدة وهجمات المستوطنين
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في أحدث تقرير لها، الأسبوع الماضي، إن مشاهد حشود المستوطنين الإسرائيليين الملثمين الذين نفذوا هجمات في الضفة الغربية المحتلة، خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، “هي صور مروعة، وتعكس نمطاً أوسع من العنف المتزايد ضد الفلسطينيين”.
وقال المتحدث باسم المفوضية ثمين الخيطان، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إن تصاعد العنف يأتي بينما كثفت السلطات الإسرائيلية عمليات هدم المنازل ومصادرة الممتلكات والاعتقالات وفرض قيود على التنقل، إلى جانب استمرار بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية، “وتشريد ونقل آلاف الفلسطينيين قسراً على يد المستوطنين الإسرائيليين والجيش”.
وأوضح أن عدد هجمات المستوطنين، التي تم تسجيلها خلال الشهر الماضي، كان أكبر من أي شهر آخر منذ عام 2006، إذ سُجلت أكثر من 260 هجمة.، وفق ما نشر الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
كما أفاد بسقوط ما لا يقل عن 1017 فلسطينياً في الضفة الغربية، من بينهم 221 طفلاً، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنين خلال الفترة بين 7 أكتوبر 2023 وحتى 13 نوفمبر 2025.
وأوضح أنه تم تسجيل 757 هجوماً في النصف الأول من عام 2025 وحده، وهو رقم أعلى بنسبة 13% من نفس الفترة من العام الماضي.
وأشار إلى الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية الوجود الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
التهجير القسري من الضفة
من جانبه، دعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى الوقف الفوري لأوامر الهدم الجماعي الصادرة في 28 أكتوبر، والتي تسعى إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة.
وأفاد تقرير صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة بأن النقل الجبري الجاري للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ونقل إسرائيل لجزء من سكانها المدنيين إلى الأرض المحتلة، يواصل تغيير السمة والوضع والتركيبة السكانية في الضفة الغربية، “وقد يصل إلى جرائم الحرب، وربما في ظروف محددة إلى جريمة ضد الإنسانية”.
واستعرضت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إيلزي براندز كيريس التقرير أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار.
وشددت على ضرورة الالتفات إلى عدم معالجة السبب الجذري لدورات القتل والقمع، “وهو حرمان الفلسطينيين من حقوق الإنسان، بما في ذلك حقهم في تقرير المصير”.
