د. أكرم خولاني

يعاني بعض طلاب المدارس من صعوبات في الرياضيات والعمليات الحسابية، وربما يعود ذلك لعدم الاهتمام بالتعليم سواء من قبل الطالب نفسه أو من قبل المعلمين، ولكن قد يكون السبب هو أن الطالب يعاني من عُسر الحساب، وهو نوع محدد من* اضطرابات التعلم يحتاج إلى التشخيص والتدخل المبكرين لتقديم الدعم المناسب.

ما المقصود بعُسر الحساب؟

عُسر الحساب أو “الديسكلكوليا” (Dyscalcullia) هو حالة عصبية تشمل صعوبة فطرية في تعلم أو استيعاب الحسابات الرياضية، تتضمن صعوبة في فهم الأرقام وتعلم كيفية ضربها وتعلم النظريات الرياضية وعددًا من الأعراض المشابهة، وهو قريب لعُسر القراءة، لذلك يُطلق عليه أحيانًا “عُسر القراءة الحسابي”، لكن عُسر القراءة يتعلق بصعوبة القراءة عمومًا، بينما يرتبط عُسر الحساب بالرياضيات على وجه التحديد.

وعلى الرغم من أن صعوبات الحساب توجد عند الأطفال الذين يملكون نسبة ذكاء منخفضة، فإنها يمكن أن تصيب الأشخاص على اختلاف مستويات نسب الذكاء، وقد يعاني المصابون من صعوبة مع الوقت، وحساب المقاييس، والاستدلال المكاني.

ويقدر انتشار عُسر الحساب بنسبة تتراوح بين 3 و6% من الناس.

ما الأعراض؟

قد تبدو أعراض عُسر الحساب مختلفة حسب العمر ومرحلة النمو كما يلي:

أعراض عُسر الحساب في مرحلة الطفولة المُبكرة

  • صعوبة في تعلم العد.
  • صعوبة في الربط بين الرقم وما يمثله كمعرفة أن الرقم 4 ينطبق على مجموعات من الأشياء مثل 4 تفاحات أو 4 سيارات أو 4 وردات.
  • صعوبة في التعرف على الأحجام مثل الأصغر إلى الأكبر أو الأطول إلى الأقصر.

أعراض عُسر الحساب في مرحلة الدراسة الابتدائية

  • صعوبة في تعلم وتذكر حقائق الأرقام الأساسية مثل روابط الأرقام، على سبيل المثال 6 + 4 = 10.
  • الاستمرار في استخدام الأصابع في العد بدلًا من استخدام استراتيجيات أكثر تقدمًا مثل الرياضيات الذهنية.
  • ضعف الفهم لإشارات رموز الرياضيات مثل (+) و(-) و(X) و(÷) أو ارتكاب الأخطاء عند استخدام هذه الرموز في مكانها المناسب.
  • صعوبة في إدراك أن 3 + 5 هي نفسها 5 + 3 أو عدم القدرة على حل 3 + 26 – 26 دون حساب.
  • صعوبة في تحديد القيمة المكانية ووضع الأرقام في الخانات المناسبة لها، وغالبًا ما يتم وضع الأرقام في العمود الخطأ.
  • عدم القدرة على فهم لغة الرياضيات أو على وضع خطة لحل مشكلة الرياضيات.
  • صعوبة في فهم العبارات الرياضية مثل أكبر من وأقل من.
  • صعوبة في تذكر النتيجة في الألعاب الرياضية أو الألعاب التنافسية.
  • صعوبة في حساب التكلفة الإجمالية لأشياء يشتريها.
  • تجنُب المواقف التي تتطلب فهم أو التعامل مع الأرقام مثل ممارسة الألعاب التي تتضمن الرياضيات.

أعراض عُسر الحساب في مرحلة الدراسة الثانوية

  • صعوبة في فهم المعلومات على المخططات والرسوم البيانية.
  • صعوبة في إيجاد طرق مختلفة لحل نفس المسألة الرياضية، مثل إضافة طول وعرض مستطيل ومضاعفة الإجابة لحل المحيط بدلًا من إضافة كل الأضلاع.
  • صعوبة في تعلم وفهم طرق التفكير وإجراءات الحساب متعددة الخطوات.
  • صعوبة في القياس مثل قياس الأحجام أو الأوزان في وصفة بسيطة أو السوائل في زجاجة.
  • عدم الثقة في تنفيذ التمارين التي تتطلب فهم السرعة والمسافة والاتجاهات.
  • صعوبة في تطبيق مفاهيم الرياضيات على المال مثل حساب الدفعات والمتبقي منها.

أعراض عُسر الحساب لدى البالغين

  • صعوبة في العد التنازلي أو العكسي.
  • بطء في أداء العمليات الحسابية.
  • ضعف مهارات الحساب الذهني.
  • ضعف الإحساس بالأرقام والتقدير.
  • صعوبة في فهم القيمة المكانية.
  • غالبًا ما يكون جمع الأرقام هو العملية الافتراضية.
  • مستويات عالية من القلق من الرياضيات.

ما الأسباب المحتملة لعُسر الحساب؟

تحدث حالة صعوبات الحساب نتيجة وجود خلل وظيفي في الدماغ، وقد تحدث هذه الحالة من تلقاء نفسها أو قد تحدث جنبًا إلى جنب مع حالات أخرى من تأخر في النمو أو صعوبات التعلم أو حالات عصبية أخرى، حيث قد يكون الأطفال والبالغون أكثر عرضة لتشخيصهم بعُسر الحساب إذا كانت لديهم اضطرابات أخرى مثل: عُسر القراءة، فرط الحركة وتشتت الانتباه، الاكتئاب، القلق، وخلل التآزر الحركي.

وقد يكون لعُسر الحساب مكون وراثي، إذ إنه يميل للانتشار في العائلات، مثل صعوبات التعلم الأخرى.

كما أن إصابات الدماغ الناتجة عن الصدمات، أو الأورام، أو سوء التغذية، أو العدوى، كلها يمكن أن تؤدي إلى حدوث خلل في الدماغ يؤثر في اكتساب المهارات الرياضية والإصابة بصعوبات الحساب.

كيف يتم التشخيص؟

إن تشخيص عُسر الحساب ليس بالأمر السهل، إذ إن معظم المدارس لا تستخدم أي جهاز للكشف المبكر يساعد في كشف الاضطراب بالصف ومساعدة الأطفال بالأدوات اللازمة، لذلك فإن العبء يقع على الأهل بشكل أساسي، الذين يجب أن يكونوا متنبهين ويكشفوا الأعراض الأولى للمرض.

وعند الاشتباه بالحالة يجب التوجه إلى الطبيب الذي يقوم بأخذ معلومات حول التاريخ الطبي والعائلي للشخص، واستبعاد التشخيصات الأخرى المحتملة.

ويقوم بالتشخيص عند البالغين طبيب نفساني، بينما يحتاج التشخيص لدى الأطفال إلى فريق من المتخصصين بمن في ذلك طبيب نفساني وخبير في التربية الخاصة.

ما استراتيجيات العلاج؟

لا يوجد دواء لعلاج عُسر الحساب، ولا تعد هذه الحالة قابلة للشفاء التام، ولكن يمكن إدارتها من خلال استراتيجيات علاجية تعتمد على التدخل المبكر، والأساليب التربوية المتخصصة، واستخدام التكنولوجيا المساندة، وتقديم الدعم النفسي المناسب.

التشخيص الدقيق والتدخل المبكر

يعد التشخيص المبكر لعُسر الحساب خطوة ضرورية لضمان حصول الطفل على الدعم المناسب في الوقت المناسب، وبمجرد تحديد المشكلة يمكن وضع خطة تعليمية فردية تناسب احتياجات الطالب وتساعده على تخطي الصعوبات الحسابية من خلال أساليب تدريس تفاعلية.

الاستراتيجيات والأساليب التعليمية الفعالة

هناك العديد من الأساليب التعليمية التي يمكن استخدامها لمساعدة الأطفال والبالغين الذين يعانون من عُسر الحساب ومنها:

  • التعليم القائم على الوسائل البصرية باستخدام الألوان، والمخططات والرسومات التوضيحية لمساعدة الطلاب على فهم العمليات الحسابية.
  • التعلم من خلال اللمس والتجربة، حيث يجب استخدام المكعبات، والعملات وأدوات العد الملموسة، لتعزيز الفهم العملي للأرقام.
  • يجب تكرار المسائل الحسابية بطرق مختلفة لتعزيز التذكر والفهم التدريجي.
  • تجزئة العمليات الحسابية المعقدة إلى خطوات بسيطة تسهل على الطالب التعامل معها.
  • تعليم العمليات الحسابية من خلال مواقف يومية مثل إعداد الفواتير، والتسوق وقياس الوقت.

استخدام التكنولوجيا المساندة

تساعد التقنيات الحديثة في توفير دعم إضافي للمصابين بعُسر الحساب، وتشمل:

  • التطبيقات التعليمية التي توفر دروسًا تفاعلية وتمارين حسابية مبسطة.
  • الآلات الحاسبة التكيفية التي تساعد في إجراء العمليات الحسابية المعقدة دون الإحساس بالإحباط.
  • استخدام الألعاب الرقمية التي تدمج الرياضيات بشكل ممتع وتفاعلي يساعد على تعزيز الفهم.

الدعم النفسي والتربوي

يعاني بعض المصابين بعسر الحساب من القلق والإحباط بسبب صعوباتهم في الرياضيات، لذا يجب تقديم دعم نفسي لهم، مثل:

  • تعزيز الثقة بالنفس حيث يجب تشجيع الطالب على المحاولة والاحتفال بأي تقدم يحرزه، حتى لو كان بسيطًا.
  • تعليم استراتيجيات الاسترخاء مثل التنفس العميق وتقنيات التفكير الإيجابي لمساعدتهم على التعامل مع القلق في أثناء حل المسائل الرياضية.
  • تدريب المعلمين على تعديل أساليب التدريس وتشجيع الأهل على توفير بيئة داعمة للطفل في المنزل.

تؤدي الاستراتيجيات التعليمية والعلاجية السابقة إلى مساعدة المصابين على تطوير مهاراتهم العددية وتحسين أدائهم الأكاديمي والعملي وتجاوز الآثار النفسية لهذه المشكلة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.