سيد حسين القصاب
ناقش مجلس الشورى تقرير لجنة المرافق العامة والبيئة حول مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 1973م بشأن تنظيم الإعلانات، المرافق للمرسوم رقم (8) لسنة 2025م، وذلك بحضور وزير شؤون البلديات والزراعة وائل المبارك.
وأكدت مقرر اللجنة إجلال بوبشيت أن مشروع القانون يهدف، حسبما ورد في مذكرة هيئة التشريع والرأي القانوني، إلى إعادة تنظيم قطاع الإعلانات في مملكة البحرين بما يحقق الكفاءة وحماية القطاع من الممارسات الضارة، وتوفير آليات فعالة لضمان تسهيل الحصول على التراخيص على نحو سريع ومنظم.
من جهته، ذكر وزير شؤون البلديات والزراعة وائل المبارك أن مشروع القانون المطروح يأتي بعد مرور ما يزيد على خمسين عاماً على القانون القائم، مؤكداً أن التطورات الكبيرة التي شهدها قطاع العمل البلدي في مملكة البحرين جعلت من الضروري تحديث التشريع بما يتواءم مع الممارسات الحديثة ومتطلبات التنمية العمرانية.
وأوضح الوزير، خلال مداخلته في الجلسة، أن الوزارة استفادت من التجارب والممارسات الحالية في إعداد مشروع القانون، بما في ذلك التوسع في التعريفات أو إعادة ضبطها، فضلاً عن تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ بعض المهام الداعمة للعمل البلدي، مع الحفاظ على دور الوزارة كجهة مرخصة ومنظِّمة للقطاع بشكل أساسي.
وبيّن المبارك أن إسناد بعض المهام للقطاع الخاص يهدف إلى رفع كفاءة الأداء وتسريع الإنجاز، مستشهداً بتجربة تراخيص البناء التي تم فيها منح المكاتب الهندسية دوراً في مراجعة الطلبات، وهو ما أسهم في تحسين الجودة والسرعة وتعزيز الرقابة. وأشار إلى أن توسع النطاق الجغرافي لمشروعات الإعلانات وتزايد حجم الأعمال يتطلب دعماً إضافياً من القطاع الخاص، خصوصاً في المهام التشغيلية.
وقال الوزير إن من أمثلة مشاركة القطاع الخاص المهمة إزالة الإعلانات المخالفة، حيث تتطلب هذه العملية سرعة اتخاذ القرار للتعامل مع الإعلانات التي تهدد السلامة، أو تخالف الأنظمة، مؤكداً أن إسناد هذه المهام إلى شركات مختصة يسهم في سرعة التنفيذ ورفع كفاءة الرقابة.
وأضاف أن العقوبات المنصوص عليها في مشروع القانون ستُطبّق بحسب طبيعة المخالفة، سواء كانت متعلقة بالمضمون أو التركيب، لافتاً إلى أن شركات التركيب ستتحمل مسؤولية سلامة الإعلان، وذلك بحسب نوع كل مخالفة.
وأوضح المبارك، رداً على استفسارات أعضاء المجلس، ومنهم د. دلال الزايد، أن الرقابة ستشمل جانبي الموقع والمضمون، مع التأكيد على أن محتوى الإعلان يجب أن يتوافق مع القيم العامة والآداب والنظام العام. وأشار إلى أن موضوع “الإعلانات الفضائية” يخضع لتشريعات وقوانين أخرى، مثل قوانين البث والنشر، ولا يدخل ضمن نطاق تنظيم مشروع القانون الحالي.
وأكد الوزير أن جميع الإعلانات ستخضع لمراجعة مسبقة من الوزارة من حيث الموقع والمضمون، وأن المشروع يتجه إلى الاستغناء عن دور اللجان الحالية، بحيث يصبح ترخيص الإعلان مشابهاً لبقية التراخيص من حيث المسار الإداري والمراجعات المنظمة ذات المراحل الواضحة.
وأضاف أن الوزارة تستعين حالياً بشركة استشارية متخصصة تقوم بمراجعة منظومة الإعلانات بالكامل، وتعمل على إعداد استراتيجية وطنية للإعلانات في مملكة البحرين، مشيرًا إلى أنه في حال تطلّب التنظيم إدخال تعديلات على اللائحة التنفيذية أو آليات التشغيل، فسيتم اتخاذها بما يدعم تطوير المنظومة.
واختتم المبارك بالتأكيد على أهمية مشروع القانون في تعزيز العمل البلدي وتطوير آليات الرقابة والتنظيم، بما يحقق أهداف التحديث، ويتماشى مع الممارسات الحديثة.
أكد أن سوق الإعلانات في البحرين أصبح “كبيراً ومزدهراً ومتعدد الوسائط”، ولم يعد مقتصراً على الوسائل التقليدية، مشيراً إلى أن وجود أكثر من قانون ينظم الإعلانات، إلى جانب قدم القانون الحالي، يُحتّم إصدار قانون جديد يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية في هذا المجال.
من جهته، أوضح رئيس اللجنة د. محمد علي أن التعديلات جاءت من الحكومة الموقرة بهدف منح وزارة شؤون البلديات والزراعة صلاحيات أوسع لمراقبة المخالفات وحماية الأرواح، مضيفاً أن القانون المعدل يعالج مسألة تعدد العقوبة بتعدد المخالفات، بحيث يكون لكل إعلان ترخيص خاص، ولكل ترخيص مخالفة وإجراء مستقل.
من جانبها، أعربت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى د. جهاد الفاضل عن رغبتها في أن يكون التعديل شاملاً بدل الاكتفاء ببعض المواد، لقدم القانون الحالي والحاجة إلى تطويره بصورة أوسع. واستشهدت بتصريح وزير شؤون البلديات في مجلس النواب الذي ذكر تسجيل 11 مخالفة فقط خلال خمس سنوات في أمانة العاصمة.
وتساءلت د. الفاضل: «لماذا انتظرنا خمسة أعوام لتقديم تعديلات تشريعية؟». كما طرحت عدة استفسارات حول مدى اعتبار التعديلات تفويضاً تشريعياً لخصخصة التفتيش على الإعلانات، ومدى انسجام النص المعدل مع سياسات الخصخصة.
وأضافت: «في حال كانت الشركة المعلنة أجنبية ولا مقر لها في البحرين، كيف تُسجّل المخالفات، وتُطبق الجزاءات عليها؟».
وفي السياق ذاته، أكد عضو مجلس الشورى د. علي الحداد أن تنظيم قانون الإعلانات يأتي لضمان الكفاءة والحماية من الممارسات الضارة، وتوفير آليات فعالة تسرّع إجراءات الترخيص، وتُنظمها بشكل واضح. وأشار إلى أن تفويض الوزارة المختصة بشؤون البلديات سيمكنها من مواكبة التطور المتسارع في قطاع الإعلانات، بما يعزز جودة الخدمات، ويحافظ على الضوابط والمعايير.
بدورها، ركز عضو مجلس الشورى د. عبدالعزيز أبل في مداخلته على تعريف خدمة الإعلان، مشيراً إلى أنه يشمل مختلف طرق النشر والعرض، سواء بالصورة أو الصوت أو الضوء أو غيرها من وسائل التعبير. وطرح تساؤلاً حول كيفية احتساب العقوبات على الإعلانات المخالفة المنشورة، في ظل نص المادة (16) التي تقضي بتعدد العقوبة بتعدد الإعلانات.
كما تساءل د. أبل عمّا إذا كانت العقوبات ستتعدد بعدد الصفحات أو الصحف أو منصات التواصل الاجتماعي، موضحاً أن تعدد العقوبات «لا يتناسب مع عصر حرية الرأي والتعبير»، مضيفاً «لا يوجد تاجر سيعلن عن أمر يضرّه، لذلك فإن وجود عقوبة واحدة معقولة قد يكون أكثر اتساقاً مع واقع اليوم».
وفي ختام النقاش قرر المجلس الموافقة على المشروع بقانون في مجموعه، على أن يؤخذ الرأي النهائي عليه في الجلسة القادمة.
