أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف اليوم، الاثنين 1 من كانون الأول، إعادة افتتاح المتحف الوطني بدمشق أمام الزائرين، بعد انتهاء أعمال التنظيف والتأهيل التي عملت عليها خلال الفترة الماضية، بهدف “تحسين بيئة المتحف وتعزيز حماية التراث الوطني”.

وقالت “المديرية” في بيان عبر موقعها الرسمي، إنه جرى تركيب نظام مراقبة جديد ومتطوّر يعتمد على كاميرات عالية الدقة وأجهزة إنذار مرتبطة بغرفة عمليات مخصصة للمراقبة على مدار الساعة، في إطار رفع جاهزية المتحف الأمنية، “لضمان حماية المقتنيات الثمينة والحفاظ على سلامة الزوّار”.

وتابعت المديرية أنه جرى تنفيذ حملة شاملة لتنظيف قاعات العرض والممرات والمستودعات وإعادة ترتيب المساحات الداخلية بطريقة تُتيح للزوار تجربة أفضل وأكثر راحة، إضافة إلى تنظيف الحدائق المحيطة بالمتحف وتقليم الأشجار وإزالة الأعشاب، ما أعاد للمحيط الخارجي جماله ورونقه، وجعله أكثر جاهزية لاستقبال الضيوف والباحثين والمهتمين بالتراث السوري، بحسب “المديرية”.

ولفت البيان إلى أن إعادة افتتاح المتحف تأتي ضمن خطة أوسع تعمل عليها المديرية لإحياء الحركة الثقافية داخل المؤسسات المتحفية، كاشفًا عن التحضير لبرامج تعليمية، ومعارض دورية، ونشاطات تفاعلية تهدف إلى تعميق المعرفة بتاريخ سوريا وإشراك الجمهور في حماية تراثه.

ودعت “المديرية” جميع المهتمين لزيارة المتحف والاطلاع على ما يقدّمه من “كنوز أثرية ومعرفية تمثّل جزءًا أصيلًا من ذاكرة الإنسانية”، مؤكدة أن المتحف الوطني بدمشق سيبقى منارة ثقافية وشاهدًا على حضارات سوريا المتعاقبة.

سرقة تماثيل أثرية

في 11 تشرين الثاني الماضي، أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف في دمشق عن فتح تحقيق رسمي في حادثة فقدان عدد من المعروضات الأثرية من داخل المتحف الوطني بدمشق، وذلك بإشراف مباشر من وزير الثقافة، محمد ياسين الصالح، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية.

وأوضحت المديرية في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أن التحقيق يهدف إلى الوقوف على ملابسات الحادثة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان سلامة المقتنيات وتعزيز منظومة الحماية والمراقبة داخل المتحف، مشيرة إلى أن الحادثة لم تؤثر على سير عمل المتحف، الذي يواصل استقبال زوّاره كالمعتاد.

وأكدت المديرية أن جميع القطع الأثرية تخضع حاليًا لعمليات جرد وتدقيق شاملة، وأن “صون الموروث الثقافي السوري هو واجب وطني وأخلاقي، والتزام أمام الشعب والعالم بوصف التراث الإنساني قيمةً حضارية لا تُقدّر بثمن”.

الأمن الداخلي بدمشق يحقق

قائد الأمن الداخلي في محافظة دمشق، العميد أسامة محمد خير عاتكة، قال للوكالة السورية للأنباء (سانا)، إن التحقيقات بدأت فور وقوع الحادثة التي سُجلت مساء الأحد 9 من تشرين الثاني، وطالت عددًا من التماثيل الأثرية والمقتنيات النادرة.

وأشار إلى أن الجهات المختصة تنفّذ حاليًا “عمليات تتبّع وتحرٍ دقيقة لضبط الفاعلين واستعادة المسروقات، إلى جانب التحقيق مع عناصر الحراسة والمعنيين بالأمر للوقوف على ملابسات الحادث”.

مصدر في المديرية العامة للآثار والمتاحف، تحفظ عدم ذكر اسمه، قال ل، آنذاك، إن من ضمن المسروقات 6 تماثيل من العصر الروماني.

ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن مسؤولين في المديرية العامة للآثار والمتاحف قولهم إن اللصوص سرقوا ست تماثيل رخامية تعود إلى الحقبة الرومانية، وإن عملية السرقة اكتُشفت صباح الاثنين عندما وُجد أحد أبواب قسم الآثار الكلاسيكية مكسورًا.

الصحفي محمد السلوم، وهو أول من نقل خبر السرقة، قال إن السرقة وقعت في صالات العرض، وليس في المستودعات. وضمّت المفقودات مجموعة من العملات الذهبية والفضية والدراخما من القسم الكلاسيكي، بالإضافة إلى حوالي 7 أو 8 تماثيل رخامية صغيرة، منها تماثيل الآلهة “أفروديت”.

الآثاري والناشط في مجال الحفاظ على التراث الثقافي، ياسر الشوحان، قال ل إن قسم الآثار الكلاسيكية أهم قسم في المتحف الوطني، ويُعدّ من أهم الأقسام على مستوى العالم.

تأهيل المتحف

كانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) استأنفت أنشطتها في سوريا، بعد انقطاع دام 14 عامًا، عقب زيارة بعثة رفيعة المستوى من المنظمة إلى سوريا.

وأطلقت المنظمة مبادرة أولى، تهدف إلى تقديم دعم عاجل وتدابير إسعافية، لإعادة تأهيل المتحف الوطني بدمشق، بحسب ما أعلنته عبر موقعها الرسمي، في 10 من حزيران الماضي.

وستوفر المبادرة، التي طُوِرت بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف، تدابير الإسعافات الأولية الحاسمة لتعزيز البنية التحتية المادية للمتحف، وتعزيز الإدارة الشاملة، وتحسين ظروف التخزين والأمن لمنع المزيد من الضرر، وبدء ترميم وحفظ التراث الوثائقي السوري، “الذي لا يقدر بثمن رقميًا”، وفقًا لبيان المنظمة.

وتبلغ ميزانية المبادرة الأولية 175 ألف دولار أمريكي، ومن المقرر أن تستمر لعدة أشهر، وتتضمن مجموعة شاملة من الأنشطة مثل التخطيط للطوارئ، وترميم الأشياء، ورقمنة التراث الوثائقي، وورشات العمل التدريبية في مجال الجرد، وعلم المتاحف، وتعليم التراث.

مساعد المدير العام لـ”يونسكو” للثقافة، إرنستو أوتوني، قال إن “المتحف الوطني بدمشق، يضم مجموعات أثرية قيّمة، راسخة الجذور في تاريخ سوريا، وتتردد صداها في قلوب البشرية”.

تأسس المتحف الوطني بدمشق عام 1919، وهو من أقدم المؤسسات الثقافية في الشرق الأوسط، ويضم مجموعة أثرية عريقة، تعكس ثراء وتنوع التراث السوري، وتضم معارضه قطعًا أثرية، تشهد على الإرث التاريخي والثقافي العريق للمنطقة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.