وجه مسؤولون أميركيون انتقادات لإسرائيل، بسبب تصعيدها العسكري في سوريا، في ظل مخاوف واشنطن من أن تؤدي الضربات الإسرائيلية المتكررة إلى زعزعة استقرار الوضع في المنطقة، وذلك قبيل زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للبيت الأبيض، المتوقع إجراؤها قبل نهاية ديسمبر الجاري.
ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب في منشور على منصة “تروث سوشيال”، مساء الاثنين، إسرائيل إلى تجنّب أي خطوات من شأنها عرقلة مسار تطور سوريا.
وقال مسؤولان أميركيان لموقع “أكسيوس”، إن نتنياهو “يتدخل بطرق غير مفيدة للغاية”، مشيرين إلى أنه “أمر بعدة عمليات عسكرية عبر الحدود داخل سوريا، بما في ذلك خلال الأيام القليلة الماضية”.
وفي إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي الذي قتل 13 سورياً في بلدة بيت جن بريف دمشق، قال مسؤول أميركي إن “السوريين غضبوا كثيراً”، مشيراً إلى تصاعد الأصوات “المطالِبة بالرد” داخل سوريا بسبب هذا الهجوم.
وأدانت دمشق “الاعتداءات الإسرائيلية”، وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، السبت، إنها “لا تستهدف سوريا وحدها فحسب، بل تسعى إسرائيل من خلالها إلى تقويض الاستقرار، وتهديد أي مسار سياسي بالمنطقة”.
وقتلت إسرائيل في هجومها على بيت جن مدنيين من بينهم “أطفال ونساء”، وفق بيان للخارجية السورية، والتي وصفته بـ”جريمة حرب مكتملة الأركان”.
وقال مسؤولون أميركيون لـ”أكسيوس”، إن “البيت الأبيض لم يتلق إشعاراً مسبقاً بالعملية الإسرائيلية”، وإن “الإسرائيليين لم يحذروا السوريين عبر القنوات العسكرية”.
غضب أميركي متصاعد
وذكر موقع “أكسيوس”، أن المسؤولين الأميركيين العاملين في ملف الشرق الأوسط أعربوا عن غضبهم منذ أشهر، مما يرونه نهج نتنياهو في سوريا “أطلق النار أولاً واسأل لاحقاً”.
وقال مسؤول أميركي رفيع: “سوريا لا تريد مشكلات مع إسرائيل، هذه ليست لبنان”، مضيفاً: “لكن نتنياهو يرى أشباحاً في كل مكان”.
وأضاف المسؤول: “نحاول أن نقول لنتنياهو إنه يجب أن يوقف هذا، لأنه إذا استمر فسوف يدمّر نفسه، سيضيّع فرصة دبلوماسية هائلة، ويحوّل الحكومة السورية الجديدة إلى عدو”.
وتشعر إدارة ترمب بالقلق من أن الضربات المتكررة التي تنفذها إسرائيل قد تؤدي إلى “زعزعة استقرار سوريا، وتقويض الآمال في التوصل إلى اتفاق أمني”، وفق ما ذكر مسؤولان أميركيان رفيعان لـ”أكسيوس”.
ويعتبر دعم جهود الرئيس السوري أحمد الشرع لتحقيق الاستقرار في بلاده، أحد أبرز استراتيجيات ترمب بشأن الشرق الأوسط. كما أن ترمب وفريقه وقفوا مراراً إلى جانب الحكومة السورية في نزاعاتها مع إسرائيل، وفقاً لـ”أكسيوس”.
ومنذ سقوط الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024، احتل الجيش الإسرائيلي تسعة مواقع داخل جنوب سوريا، وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
ولا تعترف سوريا رسمياً بإسرائيل، التي تحتل هضبة الجولان السورية منذ عام 1967، ثم ضمّتها لاحقاً، وهي خطوة اعترفت بها الولايات المتحدة، ولكن لم تعترف بها معظم الدول الأخرى.
ومنذ الجمعة، أجرى المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك ومسؤولون آخرون في إدارة ترمب “محادثات متوترة” مع نظرائهم الإسرائيليين. كما أجروا محادثات مماثلة مع السوريين، لمحاولة تهدئتهم وتجنب مزيد من التصعيد، بحسب ما ذكر “أكسيوس”.
وقالت وكالة الأنباء السورية “سانا”، إن الرئيس أحمد الشرع استقبل في دمشق المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك لبحث “مستجدات المنطقة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك”.
زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى واشنطن
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ترمب دعا نتنياهو لزيارة البيت الأبيض في “المستقبل القريب”، وذلك بعد وقت قصير من منشور ترمب عن سوريا.
ستكون هذه الزيارة المرتقبة الخامسة لرئيس الوزراء الإسرائيلي منذ عودة ترمب إلى منصبه في يناير.
ووفقاً للقناة 12 الإسرائيلية، من المرجح أن يقوم نتنياهو بالزيارة بحلول نهاية هذا الشهر.
ولم يتضمّن البيان الذي نشرته إسرائيل بشأن مكالمة ترمب ونتنياهو، أي ذكر مباشر لسوريا.
ووفق “القناة 12” ستكون القضية السورية موضوعاً رئيسياً خلال زيارة نتنياهو المقبلة، إذ يدفع ترمب باتجاه “اتفاق أمني”.
وقال مسؤولون أميركيون لـ”أكسيوس”، إنه ليس واضحاً من يتولى ملف سوريا داخل الحكومة الإسرائيلية بعد استقالة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرب من نتنياهو.
وكتب ترمب، في منشوره، الاثنين، أن الولايات المتحدة راضية جداً عن النتائج التي ظهرت من خلال العمل الجاد والعزيمة في دولة سوريا، وأن بلاده تبذل ما في وسعها للتأكد من أن الحكومة السورية تواصل تنفيذ ما كان مُخططاً له، لأنه “أمر بالغ الأهمية، من أجل بناء دولة حقيقية ومزدهرة”.
وذكر أن قراره بإنهاء العقوبات القوية والقاسية على سوريا كان “من الأمور التي ساعدتهم كثيراً”، وتابع: “أعتقد أنّ هذا قوبل بتقدير كبير من قبل سوريا وقيادتها وشعبها”.
وشدد الرئيس الأميركي على أهمية حفاظ إسرائيل على حوار قوي وصادق مع سوريا، وألا يحدث أي أمر يمكن أن يعرقل تطور سوريا إلى دولة مزدهرة.
وقال إن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع “يعمل بجد لضمان حدوث أمور إيجابية، وأن يكون لكل من سوريا وإسرائيل علاقة طويلة ومزدهرة معاً”، واعتبر أن “هذه فرصة تاريخية، وتضيف إلى النجاح الذي تم تحقيقه بالفعل من أجل السلام في الشرق الأوسط”.
