انطلق في مدينة حلب مؤتمر التعريف بمعرض “ناس تكس”، الذي يعد واحدًا من أكبر المعارض الدولية المتخصصة في قطاع النسيج، تمهيدًا لإطلاق المعرض رسميًا في مدينة المعارض بدمشق بين 1 و4 من نيسان 2026.

المعرض، بحسب القائمين عليه، سيكون منصة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال الصناعات النسيجية، في وقت يواجه هذا القطاع تحديات تتعلق بتكاليف الإنتاج، وتوفر الطاقة، وصعوبة وصول العديد من المصانع إلى التقنيات الحديثة.

حضر المؤتمر نائب وزير الاقتصاد والصناعة، باسل عبد الحنان، ومحافظ حلب، عزام غريب، إلى جانب عدد من الصناعيين والعاملين في القطاع، الأحد 30 من تشرين الثاني.

نائب وزير الاقتصاد والصناعة، باسل عبد الحنان، قال ل، إن المعرض يعد حدثًا اقتصاديًا مهمًا لقطاع النسيج الذي يشكل أكثر من 60% من إجمالي الصناعات المحلية، ولا سيما في حلب التي تعد العاصمة الصناعية لسوريا منذ عقود طويلة.

وأبدت عدد من الشركات، من بينها شركات تركية، رغبتها بالمشاركة في المعرض.

ولفت عبد الحنان إلى إمكانية تنظيم مؤتمر استثماري خاص بقطاع النسيج على هامش الفعالية.

وكانت وزارة الاقتصاد والصناعة أقامت، في 18 من تشرين الثاني الماضي، مؤتمرًا مشابهًا في دمشق تمهيدًا لإطلاق معرض “ناس تكس 2026″، بمشاركة رسمية وحضور عدد من الصناعيين.

وذكرت الوزارة حينها أن الفعالية هي تأكيد لدور قطاع الصناعات النسيجية في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز موقع سوريا على خارطة هذا القطاع إقليميًا ودوليًا.

تحديات تواجه القطاع

أبرز التحديات التي تواجه الصناعة النسيجية في الوقت الراهن، قدم خطوط الإنتاج التي تقلل من القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، إلى جانب ضيق الأسواق المتاحة للصناعي السوري في الداخل والخارج.

كما أن نقص اليد العاملة الماهرة بعد موجات الهجرة خلال السنوات الماضية، تزيد من التحديات، بحسب نائب وزير الاقتصاد والصناعة، باسل عبد الحنان.

واعتبر أن بوادر عودة العمال بدأت هذا العام، لكنه شدد على أن هذه العودة تحتاج إلى برامج تدريب وتأهيل لاستعادة الخبرات المفقودة.

وأوضح أن الحكومة تعمل على معالجة ملف حوامل الطاقة وارتفاع أسعارها مقارنة بدول أخرى، وهو ما يراه الصناعيون من أهم أسباب ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وتركز الحكومة، وفق قوله، على فتح أسواق تصديرية عبر المعارض الداخلية والخارجية.

وكشف عن خطة لإقامة سلسلة معارض خارجية العام المقبل عبر غرف الصناعة، تهدف إلى تسهيل وصول المنتج السوري إلى أسواق جديدة، وخلق قنوات تسويقية تساعد المصانع الصغيرة والمتوسطة.

فرصة لاستعراض واقع الصناعة

من جهته، قال نائب رئيس غرفة صناعة حلب، إسماعيل حج حمد، إن المعرض سيتيح استعراض واقع الصناعة النسيجية في مختلف مفاصلها، ويمثل فرصة لعرض التحديات التي يمر بها الصناعيون ضمن سياق تحركات أوسع لإعادة تنشيط القطاع.

الصناعة، بحسب وصف حج أحمد، عمومًا “مقطعة الأوصال”، نتيجة ما عاشته المدينة خلال السنوات الماضية، لكنها بدأت تتعافى تدريجيًا بعد سقوط النظام السابق، مع الإشارة إلى أن التعافي الكامل يحتاج إلى وقت واستقرار وإجراءات داعمة.

أما الصناعي حسني طراب، رئيس لجنة الليرمون الصناعية، فاعتبر أن أهمية المعرض تكمن في إظهار حجم صناعة النسيج في مدينة “مرت بفترة قاسية جدًا”، على حد تعبيره.

القطاع يعاني اليوم من مشكلات تتعلق بالكهرباء، ومن دخول بضائع مستوردة لا ترقى لمستوى الصناعة السورية، وهو ما يؤثر على قدرة المنتج المحلي على المنافسة في الأسواق الداخلية.

وفي السياق ذاته، قال الصناعي عبد القادر طرقجي، إن أبرز الصعوبات التي تواجه الصناعيين تتعلق بملف الجمارك، إلى جانب عمليات التهريب التي تدخل منتجات منافسة بأسعار أقل وجودة متفاوتة.

وشدد على ضرورة خفض أسعار حوامل الطاقة، ولا سيما الفيول والكهرباء، بحيث يتمكن المصنّع السوري من المنافسة مع دول أخرى تنخفض فيها تكلفة الإنتاج.

بُعد دولي

من جانبه، ذكر المتحدث الرسمي باسم “ناس تكس”، عز الدين قاسم، أن المعرض سيشهد مشاركة شركات من الصين حتى إسبانيا، إلى جانب شركات من الخليج وشمال إفريقيا، تشمل مصانع معدات وخطوط إنتاج ومواد أولية.

وأوضح ل أن تنوع المشاركين يعطي للمعرض بعدًا دوليًا، ويسمح للصناعيين المحليين بمقارنة تقنياتهم مع التطورات العالمية في القطاع.

وأشار قاسم إلى أن اختيار حلب لاستضافة فعالية التعريف بالمعرض يعود لكونها ثقلًا رئيسًا في الناتج المحلي.

إعادة تشغيل القطاع الصناعي في حلب يسهم في رفع الاقتصاد الوطني، ويعيد للمحافظة دورها الأساسي في إنتاج النسيج، خصوصًا مع توفر “بيئة أساسية” لهذا القطاع رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت به خلال السنوات الماضية.

بدورها، قالت رئيسة قسم النسيج والأزياء في جامعة “حلب”، منى الغبرة، ل، إن سوريا تعاني من نقص في المواد الخام والخيوط، إلى جانب تراجع القدرة على التصدير.

واعتبرت أن هذه الفعاليات تتيح فرصة لإعادة النظر في سلاسل الإنتاج، وفتح بابي الاستيراد والتصدير تدريجيًا، بما يسمح بعودة الصناعات إلى مسارها الطبيعي.

ويرى الصناعي زهير نعساني أن المؤتمرات والمعارض المماثلة تفتح المجال أمام الشركات الأجنبية للاطلاع على واقع الصناعة المحلية، وتوفر فرصة للتصدير وتعريف الأسواق الخارجية بالمنتج السوري.

صعوبات القطاع لا تزال متعددة، أبرزها حوامل الطاقة ونقص الخبرات وغياب التسهيلات المتعلقة بالإجراءات والشحن، بحسب نعساني، معتبرًا أن حل هذه الملفات سيكون عنصرًا حاسمًا في قدرة القطاع على التعافي.

وأضاف أن مخرجات هذه الفعاليات يمكن أن تسهم في تحسين بيئة العمل الصناعي وانفتاح البلد اقتصاديًا في حال تم تحويل النقاشات إلى إجراءات عملية، مؤكدًا أن الصناعيين يعولون على هذه اللقاءات لتعزيز حضور الصناعة النسيجية محليًا وخارجيًا.

واقع متعب

كان عضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب ورئيس لجنة الصناعة النسيجية، محمد زيزان، ذكر سابقًا ل، أن عددًا كبيرًا من معامل النسيج لا يعمل بكامل طاقته، وبعضها يعمل بطاقة متدنية.

العوامل التي أدت إلى ذلك، إغراق الأسواق بمنتجات مهربة أو منخفضة الجودة، وانخفاض الرسوم الجمركية على المستوردات، إضافة إلى صعوبات الشحن الخارجي، وعدم القدرة على التصدير إلى أسواق تقليدية مثل الأردن والجزائر.

وفيما يتعلق بالعمالة، قال زيزان إن توفرها مقبول قياسًا بالظروف الحالية، لكنه شدد على الحاجة إلى تطوير مهاراتها استعدادًا للمرحلة المقبلة التي تتطلب كفاءات أعلى.

لا وجود لأرقام دقيقة خاصة بحجم الصادرات النسيجية السورية حاليًا، لكنها أقل من مستوى الطموح.

وأكد ضرورة تذليل العقبات التي تواجه المنتج المحلي لتعزيز حضور الألبسة السورية في الأسواق الخارجية، نظرًا إلى تاريخها ومكانتها التقليدية.

غرفة الصناعة تعمل على الترويج للصناعات النسيجية من خلال معارض تخصصية تصديرية.

وتسعى لاستضافة رجال أعمال وتجار عرب، مع خطة لإقامة المزيد من هذه الفعاليات داخليًا وخارجيًا بهدف فتح أسواق جديدة أمام المنتجات السورية، بحسب زيزان.

الصناعة النسيجية بحلب تفقد أسواقها وقدرتها على المنافسة

المصدر: عنب بلدي

شاركها.