أكدت النائب د. مريم الظاعن أن كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، في الجلسة الافتتاحية للقمة الخليجية السادسة والأربعين، شكّلت وثيقة سياسية متكاملة، وأرست بوضوح مرتكزات العمل الخليجي المشترك، ورسّخت الاتجاهات الاستراتيجية التي ينبغي لدول مجلس التعاون المضي فيها خلال المرحلة المقبلة لضمان الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة لشعوب المنطقة.
وأوضحت أن جلالة الملك وضع من خلال كلمته خريطة طريق شاملة تستند إلى عدد من المحاور الرئيسية، أبرزها تثبيت دعائم الأمن الخليجي باعتباره مصيرًا واحدًا لا يتجزأ، حيث عبّر جلالته بوضوح عن جوهر فلسفة الأمن الجماعي الخليجي، وهو مبدأ تأسيسي يُعيد التأكيد أن التحديات الإقليمية المتسارعة لا يمكن مواجهتها إلا عبر منظومة أمنية موحّدة، وسياسات دفاعية راسخة، وتعاون وثيق لحماية الملاحة البحرية، وصون السيادة الوطنية، والحفاظ على المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وأضافت أن هذا التوجه يكتسب أهمية مضاعفة في ظل التطورات الراهنة، ما يجعل من القمة محطة مفصلية لتعزيز آليات الأمن والدفاع المشترك، وتطوير بنية التعاون العسكري، وتحديث منظومات الردع، وهو ما ينسجم مع الدور التاريخي للمجلس في صون الاستقرار الإقليمي.
وقالت إن جلالته وجّه أيضًا نحو الدفع بالتكامل الاقتصادي وتعزيز الوحدة السوقية الخليجية، مقدّمًا رؤية اقتصادية واضحة تستند إلى استكمال مسار الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتوسيع التعاون في قطاعات الأمن الغذائي والمائي، والاقتصاد الرقمي، والطاقة المتجددة.
وأكدت أن ما تحقق خلال العقود الماضية من نموذج تنموي خليجي متكامل هو ثمرة سياسات موحّدة ورؤية مشتركة، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تسريع خطوات الوحدة الاقتصادية، لما لها من أثر مباشر في تعزيز تنافسية دول المجلس ورفع مستويات الازدهار والمعيشة لشعوبها.
وفيما يتعلق بالمواقف تجاه القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، نوّهت الظاعن بما تضمنته كلمة جلالة الملك من تأكيد صريح على مركزية القضية الفلسطينية، وعلى ضرورة تنفيذ خطة السلام في غزة وتهيئة الظروف لتحقيق حل عادل ومستدام، يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية.
وأضافت أن جلالته قدّم طرحًا متوازنًا يجمع بين الواقعية السياسية والتمسك بالمبادئ، عبر دعم الحوار والخيارات الدبلوماسية والحلول السلمية، بما يعزّز الاستقرار الإقليمي، ويخفّض منسوب التوتر، ويفتح آفاقًا أوسع للتنمية.
وأشادت سعادتها بالتقدير الرفيع الذي أكده قادة دول مجلس التعاون لمملكة البحرين خلال القمة، سواء من خلال إشادتهم بحكمة جلالة الملك، أو بترؤس البحرين للدورة الحالية، أو بانتخابها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن للعامين (20262027)، وهو ما يعكس مكانتها وفاعلية دورها في الساحة الدولية.
وأكدت أن البحرين بقيادة جلالة الملك المعظم تواصل إرساء نموذج للدبلوماسية الحكيمة المتوازنة، القائمة على تعزيز الاستقرار الإقليمي، ودعم الشراكات الدولية، وتبنّي سياسات تقوم على التفاهمات والحلول السلمية.
واختتمت الظاعن مؤكدة أن كلمة جلالة الملك مثّلت رؤية استراتيجية عميقة لا تتعامل مع القمة كاجتماع دوري، بل كمنصة لإعادة صياغة أولويات المرحلة المقبلة على مستوى الأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية، مشيرة إلى أن المجلس الأعلى برئاسة جلالته وضع خلال هذه القمة أسسًا واضحة لمستقبل أكثر تكاملًا وتضامنًا، يعزّز مكانة مجلس التعاون كقوة إقليمية مؤثرة، قادرة على حماية مصالحها وصون استقرارها والمساهمة في ترسيخ السلام والتنمية على الساحتين الإقليمية والدولية.
