قال رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لدى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، محمد النسور، إن الأمور في سوريا تتحسن، مضيفًا “في كل مرة نذهب فيها إلى دمشق، نلمس التغيير”.

وأضاف النسور في تصريح نقله موقع “الأمم المتحدة“، اليوم الأربعاء 3 كانون الأول، أن المفوضية التي مُنعت من العمل داخل سوريا لسنوات عديدة، أصبح لديها فريق دائم في دمشق، وهو ما يمثل “نقطة تحول مهمة” بعد فترة طويلة كانت ترصد فيها أوضاع حقوق الإنسان في سوريا من بيروت.

وأكد أن إحدى أهم مزايا وجود مكتب داخل البلاد، هي أنه يعمل “كمستشار للسلطات”، موضحًا أن المفوضية “ترصد الانتهاكات وتبلغ عنها وتستخدم المناصرة لتنبيه السلطات إليها لمنعها”.

وتابع “هناك إرادة سياسية من الحكومة للتحسين”، من خلال “التعاون اليومي” بين المفوضية والسلطات السورية.

رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية، أكد أن يوم الاحتفال بحقوق الإنسان الذي يصادف 10 من كانون الأول سيمثل “فصلًا جديدًا في العلاقة مع الحكومة السورية”، مبينًا أن المناقشات ستركز على كيفية النهوض بأجندة حقوق الإنسان في سوريا الجديدة.

أولويات ملحة

بالرغم من الإيجابيات التي تحدث عنها رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،محمد النسور، إلا أنه أشار إلى وجود عدد من الأولويات الملحة التي تواجه سوريا.

وشملت هذه الأولويات، بحسب المسؤول الأممي، الحاجة إلى إعادة بناء بلد مزقته الحرب، ومعالجة المظالم العديدة المتبقية، وتحقيق العدالة للانتهاكات الماضية والحالية.

وعبر المسؤول الأممي عن قلقه من انعدام الأمن في شمال شرقي سوريا والسويداء، والأحداث التي شهدتها المنطقة الساحلية في وقت سابق من هذا العام، مستدركًا أن الاتجاه العام “بناء وإيجابي للغاية”.

وتتلقى الحكومة السورية، بحسب النسور، مساعدة فنية من المفوضية تهدف إلى “إصلاح التشريعات، وتعزيز حقوق الإنسان في مؤسسات تنفيذ القانون، وتحسين الإدارة العامة، مضيفًا أن هذه الخطوات تظهر “التزامًا بمستقبل قائم على الحقوق”.

الضغوط المالية تشكل تحديًا لعمل المفوضية أضاف النسور،  إلا أن الجهات المانحة أظهرت “مؤشرات إيجابية للغاية” على زيادة التمويل المخصص لسوريا.

وأوضح أن “هناك اهتمامًا كبيرًا من الجهات المانحة الرئيسية بتعزيز حقوق الإنسان في سوريا الجديدة”، سواء من داخل المنطقة أو خارجها.

ورغم العديد من العقبات، أشار المسؤول الأممي إلى عزم السوريين على إعادة بناء مجتمعهم بشكل “يرتكز على حقوق الإنسان”.

المساءلة والعدالة الانتقالية

أشار النسور إلى أن الحكومة السورية وافقت على تجديد ولاية لجنة التحقيق الدولية، مما يتيح “استمرار التحقيقات الدولية المستقلة، ليس فقط في الانتهاكات المرتكبة في عهد نظام الأسد، ولكن أيضًا بعد سقوطه”.

وأوضح أن العدالة الانتقالية تعد الأولوية لعام 2026، مضيفًا أن “هناك حاجة ليس فقط للمساءلة، بل أيضًا لكشف الحقيقة، والتعويضات، والمصالحة الوطنية”.

النسور نوه إلى أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تدعم منظمات المجتمع المدني التي تقودها النساء، وتشجع على زيادة تمثيل المرأة في المؤسسات السياسية، لا سيما في أعقاب التمثيل الضئيل الذي نتج عن الانتخابات البرلمانية، وهو طلب “أصبحت تتقبله السلطات بشكل متزايد”، بحسب تعبيره.

وأكد أن المفوضية تعمل على تمكين هذه المنظمات من خلال تدريبها على استخدام المناصرة للترويج لقضاياها، وربطها بآليات حقوق الإنسان الدولية.

المسؤول الأممي قال إن “الشيء الأكثر روعة في سوريا هو صمود الشعب، وجيل الشباب المتعلم والمبدع، والراغب في الانخراط في سوريا الجديدة بإيجابية بالغة”.

وتابع، “لقد رأوا ما حدث في دول أخرى في حالات ما بعد الصراع في المنطقة وخارجها، وهم يبذلون قصارى جهدهم للدفع في الاتجاه الصحيح”.

أهمية نجاح العملية الانتقالية

أكدت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، ضرورة إحراز تقدم في المساءلة والعدالة الانتقالية والمفقودين، مشيرة إلى المحاكمة الأولى الجارية حاليًا بشأن “الجرائم” التي ارتكبت خلال أحداث الساحل في آذار الماضي .

وقالت رشدي، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في سوريا، نقلها موقع ” الأمم المتحدة” في 19 من تشرين الثاني الماضي، “يجب أن يشعر السوريون أن هناك خطوات جادة يتم اتخاذها لإنهاء الإفلات من العقاب، في الماضي والحاضر، ومنع تكرارها”.

كما تطرقت إلى عدم اكتمال عملية إنشاء مجلس شعب انتقالي، ودعت إلى الشفافية وضمان التمثيل العادل لجميع الطوائف والنساء السوريات.

وأشارت نائبة المبعوث الأممي إلى أهمية الشمول في صياغة دستور دائم، قائلة إن “صياغة عقد اجتماعي جديد بين السوريين يجب أن تكون مصدرًا للسلام والوحدة”.

ودعت السلطات السورية والمجتمع المدني إلى الاستفادة من الدروس وإنجازات الانتقال السياسي حتى الآن، مشددة على أن مدى الشمول السياسي حتى الآن يجب أن يكون “أرضية هذا الانتقال لا سقفه”.

ونوهت نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، إلى ضرورة وضع آليات ملموسة لتحويل الالتزامات بتنفيذ اتفاق 10 آذار إلى أفعال بين “قوات سوريا الديمقراطية” والحكومة السورية، من حيث التكامل العسكري والسياسي، وبروح من التوافق بين الطرفين.

وأضافت أن الأعمال “العدائية” المتقطعة على طول خط التماس هذا الشهر تذكر بضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار.

كما دعت إلى إحراز تقدم في تنفيذ خارطة طريق السويداء، مشيرة إلى أن اشتباكات الأسبوع الماضي تُظهر أن “الثقة متدنية للغاية”.

وشجعت جميع الأطراف على اتخاذ خطوات ملموسة للمضي قدمًا، لا سيما تدابير بناء الثقة الأولية، وخاصة فيما يتعلق بالمعتقلين والمختطفين، واستعادة خدمات الدولة.

وشددت نائبة المبعوث الخاص على أهمية نجاح عملية الانتقال السياسي للشعب السوري، رجالًا ونساء، الذين “ناضلوا على قدم المساواة من أجل مستقبل واستقرار بلدهم”.

وأعربت عن تطلعها إلى مزيد من التعاون مع جميع الأطراف المعنية لدعم “بناء سوريا ذات سيادة، ومستقرة وموحدة ومزدهرة، تلبي تطلعات جميع مواطنيها”، على حد تعبيرها.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.