التقى الرئيس الصيني شي جين بينج الخميس، بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بكين، وذلك في رابع زيارة رسمية للزعيم الفرنسي إلى العاصمة الصينية، فيما تسعى أوروبا إلى تحقيق التوازن بين التهديدات الاقتصادية والأمنية من بكين والاعتماد على ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال فترة تشهد اضطرابات تجارية عالمية.
وحظي ماكرون باستقبال رسمي ضخم، إذ أجريت له مراسم رسمية، واستعرض مع الرئيس الصيني حرس الشرف.
وبدأ ماكرون زيارته إلى الصين، بجولة في المدينة المحرّمة في بكين الأربعاء، وسيلتقي شي مرة أخرى خلال رحلته إلى مدينة تشنجدو في مقاطعة سيشوان جنوب غربي الصين الجمعة.
وقالت “بلومبرغ”، إن أحد أولويات ماكرون، خلال الزيارة، هو معالجة ما يسميه “اختلالات التجارة العالمية”، إذ بلغ العجز التجاري لفرنسا مع الصين نحو 47 مليار يورو (55 مليار دولار) في عام 2024، وفقاً لوزارة الخزانة الفرنسية. ويأمل ماكرون في جذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى فرنسا، التي تشمل صادراتها الرئيسية الطيران والسلع الفاخرة.
“عدم استفزاز بكين”
وسعى ماكرون في السابق إلى إظهار جبهة أوروبية متماسكة في التعامل مع الصين، مع الحرص في الوقت نفسه على عدم استفزاز بكين، وفق ما رأى محللون.
وقال نواه باركين، المحلل المتخصص في الشأن الصيني لدى مجموعة روديوم لرويترز “يتعيّن عليه (ماكرون) أن يوضح لقيادة الصين أن أوروبا سترد على التهديدات الاقتصادية والأمنية المتزايدة من جانب بكين، مع تجنّب تصعيد التوتر إلى حد اندلاع حرب تجارية شاملة وانهيار دبلوماسي”.
وأضاف “ليس من السهل توصيل هذه الرسالة”.
تأتي زيارته بعد رحلة شابتها توترات لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو، عندما قالت إن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين تمر “بنقطة انعطاف”.
كما سيزور رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس الصين مطلع العام المقبل.
وتصاعد التوتر التجاري بين الصين وأوروبا مع تدفق الصادرات الصينية الرخيصة، ولا سيما في قطاع الصلب، إلى قطاعات واسعة من الصناعة الأوروبية.
كما يسود القلق في أوروبا إزاء التفوق التكنولوجي المتزايد للصين في قطاع السيارات الكهربائية وهيمنتها على معالجة العناصر الأرضية النادرة، وهو ما قد يهدد إمدادات قطاعات صناعية أوروبية حيوية.
ومع زيادة الضغوط على التجارة العالمية؛ بسبب الرسوم الجمركية التي تفرضها واشنطن، تغتنم بكين الفرصة لتقديم نفسها شريكاً تجارياً على أمل تهدئة المخاوف الأوروبية بشأن دعم الصين لروسيا ونموذجها الصناعي المدعوم من الدولة.
وقال مستشارون لماكرون قبل الزيارة إنه سيضغط من أجل إعادة التوازن لديناميكيات التجارة بحيث تعزز الصين الاستهلاك المحلي، وعبروا عن أملهم في “تقاسم المكاسب من الابتكار”، بحيث تحصل أوروبا على إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الصينية.
وسعياً للتصدي للقلق المتزايد بشأن التجارة مع الصين، من المتوقع أن يكشف الاتحاد الأوروبي عن آلية جديدة للأمن الاقتصادي قد تتيح للتكتل استخدام أدواته التجارية بشكل أكثر تشددا في مواجهة بكين.
ودعمت فرنسا مسعى المفوضية الأوروبية لرفع الرسوم الجمركية على واردات السيارات الكهربائية من الصين.
وقالت مصادر في قطاع الطيران إنه على الرغم من افتتاح إيرباص مؤخراً خط تجميع جديداً في الصين، فإنها لن تتمكن على الأرجح من إبرام طلبية منتظرة منذ فترة طويلة تصل إلى 500 طائرة خلال زيارة ماكرون.
وتمنح مثل هذه الصفقات بكين نفوذاً في مواجهة واشنطن، التي تضغط من أجل التزامات جديدة لشراء طائرات من بوينج.
