سمحت المحكمة الأميركية العليا، الخميس، للجمهوريين في ولاية تكساس بإجراء الانتخابات النصفية في 2026، بموجب خطة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية للكونجرس التي دفع بها الرئيس دونالد ترمب، رغم حكم محكمة أدنى درجة أفاد بأن الخريطة “يُحتمل أن تحمل تميزاً على أساس عرقي”، حسبما أفادت وكالة “أسوشيتد برس”.
وبأغلبية القضاة المحافظين، أصدرت المحكمة قرارها بناءً على طلب طارئ من تكساس لاتخاذ إجراء سريع، لأن التأهل للترشح في الدوائر الجديدة بدأ بالفعل، مع إجراء انتخابات تمهيدية في مارس المقبل.
وأثار القضاة شكوكاً حول قرار المحكمة الأدنى درجة بأن “العرق لعب دوراً في الخريطة الجديدة”، قائلين في بيان إن “مُشرّعي تكساس لديهم أهداف حزبية مُعلنة”.
وعرقل القضاة أحكاماً سابقة للمحاكم الأدنى في قضايا إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في الكونجرس، وكان آخرها في ولايتيْ ألاباما ولويزيانا، والتي صدرت قبل عدة أشهر من الانتخابات.
ووُضعت خريطة الكونجرس في تكساس، التي سُنّت الصيف الماضي، بناءً على طلب ترمب، لمنح الجمهوريين خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب، إذ أشعلت الجهود المبذولة للحفاظ على أغلبية جمهورية ضئيلة في مجلس النواب في انتخابات العام المقبل معركةً وطنيةً لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية.
“لقد فزنا”
في الإطار، قال المدعي العام لولاية تكساس، كين باكستون، إن قرار المحكمة العليا “دافع عن حق تكساس الأساسي في رسم خريطة تضمن تمثيلها من قبل الجمهوريين”. ووصف قانون إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بأنه “الخريطة الكبيرة الجميلة”.
وأضاف باكستون في بيان: “تكساس تمهد الطريق لاستعادة بلادنا، مقاطعة تلو الأخرى، وولاية تلو الأخرى”. وأضاف: “تعكس هذه الخريطة المناخ السياسي في ولايتنا، وهي فوز ساحق لتكساس ولكل محافظ سئم من رؤية اليسار يحاول قلب النظام السياسي بدعاوى قضائية زائفة”.
بدوره، أصدر حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، بياناً قال فيه: “لقد فزنا! تكساس رسمياً وقانونياً، أكثر تأييداً للحزب الجمهوري”.
وأشادت وزيرة العدل الأميركية، بام بوندي، بقرار المحكمة العليا، قائلة في منشور عبر منصة “إكس”: “لا يحق للمحاكم الفيدرالية التدخل في قرار الولاية بإعادة رسم الخرائط التشريعية لأسباب حزبية”.
وفي معارضة للرأي، كتبت القاضية إيلينا كاجان، نيابةً عن القضاة الليبراليين الثلاثة أنه “ما كان ينبغي لزملائها التدخل في هذه المرحلة”.
وأضافت أن هذا التدخل “يضمن وضع العديد من مواطني تكساس، دون مبرر وجيه، في الدوائر الانتخابية بسبب عرقهم. وهذه النتيجة، كما أعلنتها هذه المحكمة عاماً بعد عام، تُعدّ انتهاكاً للدستور”.
وكتب ريتشارد هاسن، خبير قانون الانتخابات في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، على مدونة قانون الانتخابات: “إن تصويت المحكمة العليا هو بمثابة ضوء أخضر لمزيد من إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، ورسالة قوية للمحاكم الأدنى للتراجع”.
من جانبه، قال كين مارتن، رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية، في بيان إن “قرار المحكمة بالسماح للجمهوريين بولاية تكساس بتطبيق خرائطهم الانتخابية المزورة والمُشوّهة عنصرياً قرار خاطئ أخلاقياً وقانونياً. مرة أخرى، منحت المحكمة العليا ترمب ما أراده تماماً: خريطة مزورة لمساعدة الجمهوريين على التهرب من المساءلة في انتخابات التجديد النصفي لتجاهلهم الشعب الأميركي”.
وكانت تكساس أول ولاية تُلبي مطالب ترمب في معركةٍ وطنيةٍ متوسعةٍ حول إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية، إذ رسم الجمهوريون الخريطة الجديدة للولاية لمنح الحزب الجمهوري خمسة مقاعد إضافية، وتبعتهم ميزوري ونورث كارولينا بخرائط جديدة تُضيف مقعداً جمهورياً إضافياً لكلٍّ منهما.
ولمواجهة هذه التحركات، وافق ناخبو كاليفورنيا على مبادرة اقتراع لمنح الديمقراطيين خمسة مقاعد إضافية هناك.
إضعاف النفوذ السياسي
وفي قضية تكساس، خلص قاضيا المحكمة الجزئية الأميركية جيفري براون وديفيد جواديراما، إلى أن خطة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية تُضعف على الأرجح النفوذ السياسي للناخبين السود واللاتينيين، مُخالفةً بذلك الدستور. وعيّن ترمب براون في ولايته الأولى، بينما عيّن الرئيس باراك أوباما جواديراما.
وكتب براون: “لا شك أن السياسة لعبت دوراً في رسم خريطة عام 2025، لكن الأمر تجاوز ذلك بكثير. تُظهر أدلة دامغة أن تكساس رتّبت خريطة عام 2025 على أساس عنصري”.
وأثار رأي الأغلبية معارضة لاذعة من القاضي جيري سميث، قاضي محكمة الاستئناف في هيئة المحكمة، الذي اتهم براون بـ”سوء سلوك قضائي خبيث” لعدم منحه وقتاً كافياً قبل إصدار رأي الأغلبية.
كما اختلف سميث، الذي عينه الرئيس رونالد ريجان، بشدة مع جوهر الرأي، قائلاً إنه “سيكون مرشحاً لجائزة نوبل للرواية، إذا كانت هناك مثل هذه الجائزة”.
وكتب سميث، في إشارة إلى المتبرع الليبرالي الضخم وحاكم كاليفورنيا الديمقراطي: “الفائزان الرئيسيان من رأي القاضي براون هما جورج سوروس وجافين نيوسوم. أما الخاسران الواضحان فهما شعب تكساس وسيادة القانون”.
وألغت الخريطة الجديدة خمساً من الدوائر الانتخابية التسع “الائتلافية” في الولاية، حيث لا تحظى أي أقلية بأغلبية، لكنها مجتمعةً تفوق عدد الناخبين البيض غير اللاتينيين.
وانخفض العدد الإجمالي للدوائر الانتخابية التي تشكل فيها الأقليات أغلبية من المواطنين في سن التصويت من 16 إلى 14، ومع ذلك، جادل الجمهوريون بأن الخريطة “أفضل لناخبي الأقليات”، فهناك دائرة انتخابية ثامنة جديدة ذات أغلبية لاتينية، ودائرتان ذات أغلبية سوداء بدلاً من عدم وجود أي دائرة.
لكن المنتقدين يعتبرون أن الأغلبية من ذوي الأصول الإسبانية أو السوداء في كل منطقة ضئيلة للغاية، لدرجة أن الناخبين البيض، الذين يميلون إلى المشاركة بنسب أكبر، سيسيطرون على نتائج الانتخابات.
وتواجه الخرائط المُعاد رسمها طعوناً قضائيةً في كاليفورنيا وميزوري، وقد سمحت لجنةٌ من ثلاثة قضاة باستخدام خريطة نورث كارولاينا الجديدة في انتخابات عام 2026. وترفع إدارة ترمب دعوى قضائيةً لمنع خرائط كاليفورنيا الجديدة، لكنها دعت المحكمة العليا إلى إبقاء دوائر تكساس المُعاد رسمها كما هي.
