دخلت شركة “وارنر براذرز ديسكفري” في مفاوضات حصرية لبيع استوديوهاتها السينمائية والتلفزيونية وخدمة البث HBO Max إلى منصة “نتفليكس”، حسبما أفادت به مصادر مطلعة لـ “بلومبرغ”.
وأضافت المصادر أن الشركتين قد تعلنان عن الصفقة خلال الأيام المقبلة، بافتراض عدم فشل المحادثات، إذ تشير هذه الخطوة إلى تفوق “نتفليكس” على شركتيْ “باراماونت سكاي دانس” و”كومكاست”، اللتين كانتا تتنافسان أيضاً على ملكية الشركة.
وقالت المصادر إن “نتفليكس” عرضت رسوم فسخ بقيمة 5 مليارات دولار، حال عدم موافقة الجهات التنظيمية على الصفقة.
ويُمثل هذا الاستحواذ تحولاً استراتيجياً جذرياً لـ”نتفليكس”، التي لم تُبرم صفقة بهذا الحجم من قبل. وستُحدث هذه الصفقة، في حال إتمامها، تغييراً جذرياً في صناعة الترفيه، إذ ستُدمج خدمة البث المدفوعة المهيمنة عالمياً مع أحد أقدم وأعرق استوديوهات هوليوود.
وقبل إتمام عملية البيع، ستكمل شركة “وارنر براذرز”، التي تُقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 60 مليار دولار، عملية فصل قنوات الكابل المخطط لها، بما في ذلك CNN وTBS وTNT.
وتشمل أصول “وارنر براذرز” أيضاً استوديوهاتها المترامية الأطراف في بيربانك بولاية كاليفورنيا، إلى جانب أرشيف ضخم من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، بما في ذلك “هاري بوتر والأصدقاء”.
انتكاسة لـ”باراماونت”
وسيُمثل هذا الاستحواذ انتكاسة للرئيس التنفيذي لشركة “باراماونت سكاي دانس”، ديفيد إليسون، الذي بدأ المزايدة على “وارنر براذرز” بعدة عروض غير مرغوب فيها.
وطرحت شركة “وارنر براذرز” نفسها رسمياً للبيع في أكتوبر الماضي، بعد أن تلقت اهتماماً من عدة جهات، كما قدمت “كومكاست” عروضاً.
وأثارت عملية المزايدة جدلاً واسعاً، حيث اتهمت “باراماونت” شركة “وارنر براذرز” باتباع عملية غير عادلة لصالح “نتفليكس”.
ووصفت رسالة من محامي التقاضي الذي يمثل “باراماونت” صدرت في 3 ديسمبر الجاري، عملية البيع بأنها “مُشوّهة”، وألمحت إلى أن “وارنر براذرز” قد اختارت مساراً لصالح “نتفليكس”.
وأكدت “باراماونت” في رسالة إلى “وارنر براذرز” في الأول من ديسمبر أن عرضها من المرجح أن يحظى بموافقة الجهات التنظيمية حول العالم.
ويشهد قطاع التلفزيون التقليدي انكماشاً كبيراً مع تحول المشاهدين إلى البث، وهو المجال الذي تهيمن عليه “نتفليكس”، إذ أعلن قسم شبكات الكابل في وارنر براذرز في الربع الأخير عن انخفاض في الإيرادات بنسبة 23%، حيث ألغى العملاء اشتراكاتهم، وانتقل المعلنون إلى أماكن أخرى.
وقد تكون “نتفليكس” هي المتصدرة في سباق الاستحواذ على “وارنر براذرز”، متقدمة على “باراماونت” و”كومكاست”. ويشير عرض شراء بقيمة 30 دولاراً للسهم الواحد إلى تقييمٍ كبيرٍ بقيمة 75 مليار دولار لأصول وارنر.
ومن شأن قاعدةٍ مشتركةٍ تضم حوالي 450 مليون مشترك أن تُثير مخاوفَ كبيرةً بشأن مكافحة الاحتكار، رغم أن “نتفليكس” تُحاول تخفيف القيود التنظيمية مُجادلةً بأن الصفقة “ستُخفّض أسعار المستهلكين من خلال تجميع الخدمات”.
قلق في هوليوود
وتأسست “نتفليكس” قبل ما يقرب من ثلاثة عقود كشركةٍ لتأجير أقراص DVD وإرسالها للعملاء عبر البريد، وأنهت عام 2024 بإيراداتٍ بلغت 39 مليار دولار.
وتبلغ قيمتها السوقية حوالي 437 مليار دولار، أما شركة “وارنر براذرز”، التي تأسست في عشرينيات القرن الماضي، فقد حققت مبيعاتٍ تجاوزت 39 مليار دولار.
وسيمنح محتوى “وارنر براذرز” “نتفليكس” برامجَ قويةً تُحافظ على تفوقها على منافسيها مثل “والت ديزني” و”باراماونت”.
ومن المؤكد أن الصفقة ستواجه تدقيقاً من قِبل مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد أثارت بالفعل بعض الشكوك.
وأثار اهتمام “نتفليكس” بشركة “وارنر براذرز” قلقاً في هوليوود، فقد رفضت الشركة إلى حد كبير عرض أفلامها في دور السينما، وعرضت أفلامها الأصلية في بعض الأحيان لفترات محدودة.
ونمت الشركة الرائدة في مجال البث لتصبح الشركة الأكثر قيمة في هوليوود، دون الاستفادة من مكتبة محتوى أو استوديو، من خلال ترخيص برامج من جهات أخرى ثم التوسع في المحتوى الأصلي.
ومع عملية الشراء، ستصبح “نتفليكس” مالكة شبكة HBO، إلى جانب مكتبتها من المسلسلات الناجحة مثل “ذا سوبرانو” و”ذا وايت لوتس”.
