ذكرت وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية، أن غارة شنتها القوات الأمريكية بالتعاون مع الحكومة السورية بهدف القبض على مسؤول في تنظيم “الدولة الإسلامية”، أسفرت عن مقتل رجل كان يعمل متخفيًا في جمع المعلومات الاستخباراتية عمن وصفتهم بـ”المتطرفين”.
ونقلت الوكالة في تقرير نشرته اليوم، الجمعة 5 من كانون الأول، عن عائلة المستهدَف خالد المسعود ومسؤولين سوريين، أن الاستهداف الذي جرى في مدينة الضمير بريف دمشق، في 19 من تشرين الأول الماضي، طال بشكل خاطئ المسعود الذي يعمل مع الاستخبارات السورية، وتجسس على تنظيم “الدولة” لمصلحة الحكومة السورية.
وزارة الداخلية السورية أعلنت، في اليوم نفسه، أن جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع قيادة الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، نفذ مداهمة لموقع خلية تتبع لتنظيم “الدولة” في منطقة معضمية القلمون (بالقرب من الضمير) شمال المحافظة، بعد متابعة دقيقة ورصد مستمر لتحركات “العناصر الإرهابية”، بحسب وصفها.
أسفرت العملية، بحسب الداخلية، عن إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، فيما قتل الثاني في أثناء محاولته تفجير نفسه، وتوفي الثالث متأثرًا بجروحه نتيجة الاشتباكات، كما عُثر على أسلحة وذخائر وحزام ناسف معدّ للتفجير، في إطار جهود الوحدات الأمنية لضمان أمن الوطن واستقرار المواطنين.
لم يُعلّق مسؤولو الحكومة الأمريكية أو السورية على مقتل المسعود، مما يُشير إلى أن أيًا من الطرفين لا يريد أن يعوق الحادث تحسن العلاقات بين واشنطن ودمشق، خصوصًا بعد انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد التنظيم، بحسب الوكالة.
الباحث في مركز “صوفان” (مركز أبحاث مقره نيويورك يركز على القضايا الأمنية) وسيم نصر، اعتبر، في حديث للوكالة، أن مقتل المسعود قد يكون “نكسة كبيرة” لجهود مكافحة تنظيم “الدولة”.
وأضاف نصر أن المسعود كان يتسلل إلى صفوف تنظيم “الدولة” في البادية السورية، قائلًا إن الغارة التي استهدفته جاءت نتيجة “انعدام التنسيق بين التحالف ودمشق”.
وفي أحدث مؤشر على تزايد التعاون، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، الأحد، أن القوات الأمريكية وقوات من وزارة الداخلية السورية عثرت على 15 مخبأ أسلحة لتنظيم “الدولة” في الجنوب ودمرتها.
معلومات استخباراتية خاطئة
تعتقد عائلة المسعود أنه استُهدف بناء على معلومات استخباراتية خاطئة قدّمها أعضاء في “جيش سوريا الحرة” (موجود في قاعدة التنف وانضم إلى وزارة الدفاع السورية)، في حين لم يستجب ممثلو “جيش سوريا الحرة” لطلبات الوكالة للتعليق.
قال عبد الكريم المسعود، ابن عم الشخص المستهدف، إن خالدًا عمل مع “هيئة تحرير الشام” (قبل حل نفسها) في معقلها بإدلب قبل سقوط الأسد، ثم عاد إلى الضمير وعمل مع الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية.
وأكد مسؤولان أمنيان سوريان ومسؤول سياسي، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتعليق علنًا، أن المسعود كان يعمل مع الحكومة السورية في دور أمني، وقال اثنان من المسؤولين إنه عمل على مكافحة الدولة.
وعندما سُئل مسؤول دفاعي أمريكي عن مزيد من المعلومات حول الغارة وهدفها وما إذا كانت قد نُسِّقت مع الحكومة السورية، قال، “نحن على علم بهذه التقارير، لكن ليس لدينا أي معلومات نقدمها”، وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته وفقًا للأنظمة.
صورة متداولة للمستهدف في عملية وزارة الداخلية السورية وقوات التحالف الدولي في مدينة الضمير خالد المسعود – 19 من تشرين الأول 2025 (أنس الخن/فيسبوك)
تضارب في الروايات
تضاربت الروايات حول هوية المسعود وأين كان يعمل، فمن جهة ذكرت العائلة أنه كان يعمل مع “هيئة تحرير الشام”، تشير تقارير أخرى إلى أن المسعود كان مرتبطًا بالتنظيم.
ينحدر خالد المسعود من أب بدوي وأم من مدينة الضمير، وهو متزوج من شقيقة إبراهيم نقرش الملقب بـ”طلاعية”، أمير تنظيم “الدولة” في مدينة الضمير، والذي قُتل بغارة للتحالف في الحي الشرقي من المدينة قبل سنوات، وفق تقرير لصحيفة “المدن”.
وبحسب التقرير، يُعتبر المسعود من بين أربعة قادة بارزين لتنظيم “الدولة” في الضمير، إلى جانب إبراهيم نقرش، خالد غزال، ومالك جمعة، الأخيرون خرجوا من المدينة بعد اتفاقية تسوية مع القوات الروسية وتحت حماية طيران نظام الأسد المخلوع والطيران الروسي في عام 2017، قبل أن يُقتلوا لاحقًا في مواجهات مع التحالف في البادية السورية.
وعاد المسعود بعد سقوط نظام الأسد إلى الضمير قادمًا من البادية مع عدد من أفراد عائلته وعائلة النوري التي تنتمي إلى العائلات البدوية في المنطقة، وتمكنوا بفضل ثرواتهم من شراء عقارات وأملاك في المدينة، مدّعين الانتماء إلى “هيئة تحرير الشام” ثم “الأمن العام”، وفق تقرير الصحيفة.
ولم تتمكن من التحقق من المعلومات السابقة بشكل مستقل.
عمليات ضد التنظيم
في 3 من كانون الأول الحالي، نفذت الوحدات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية السورية، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عملية أمنية، استهدفت موقعًا تابعًا لتنظيم “الدولة الإسلامية”، في بلدة كناكر، التابعة لمنطقة قطنا بريف دمشق.
وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، أحمد الدالاتي، قال في بيان نشرته وزارة الداخلية، إن العملية جاءت استنادًا إلى معلومات استخباراتية “موثوقة”، ومتابعة دقيقة لتحركات عناصر التنظيم، خلال الأسابيع الماضية.
أعلنت وزارة الداخلية السورية، في 8 من تشرين الثاني الماضي، إطلاق عملية أمنية “واسعة النطاق” في عدد من المحافظات، تستهدف ملاحقة خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة.
المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، قال إن العملية الأمنية التي أطلقتها الوزارة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، اشتملت على 61 مداهمة في مختلف المحافظات السورية، وأسفرت عن 71 عملية اعتقال، شملت قيادات من مختلف المستويات، بالإضافة إلى عناصر عاديين ارتكبوا جرائم عدة، من بينها استهداف مواطنين وعناصر من وزارة الدفاع.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
