نفت عدة مؤسسات حقوقية معنية بالشأن السوري، مشاركتها في تحقيق “ملفات دمشق” الذي كشف عن وثائق تضم أكثر من 134 ألف سجل أمني واستخباراتي سوري حصلت عليها القناة الألمانية (NDR) وشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) و24 مؤسسة إعلامية.
وأحدث كشف الوثائق وأسماء المعتقلين، جدلًا على مواقع على التواصل الاجتماعي، حول أخلاقيات التعامل مع هذه الوثائق، خصوصًا أن ملف المفقودين والمعتقلين، من الملفات عالية الحساسية في سوريا.
وقال معدو التحقيق الذي نُشر أمس 4 من كانون الاول ، إنه عند ظهور أسماء المعتقلين، شاركت (NDR) المعلومات مع ثلاث جهات لمساعدة العائلات في التعرف على أقاربهم المفقودين: “المؤسسة المستقلة للأمم المتحدة لشؤون المفقودين في سوريا” و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” و”تعافي”، وهي مبادرة تدعم ناجين من الاعتقال والتعذيب، إلا أن تلك المؤسسات نفت لاحقًا.
وتتكوّن “ملفات دمشق” من مجموعتي بيانات تسلمتهما “NDR” في عام 2025 من مصدرين مختلفين.
المصدر الأساسي للصور كان رئيس “وحدة حفظ الأدلة” في الشرطة العسكرية بدمشق بين عامي 2020 و2024، والذي قام بنسخ الملفات إلى قرص صلب ثم تأمينه خلال فترة الثورة، بهدف فضح جرائم النظام، بحسب قوله، ووصلت البيانات إلى “NDR” عبر وسطاء.
الهيئة الوطنية: التسريب دون موافقة مخالف للقانون
الهيئة “الوطنية للمفقودين”، أكدت في بيان نشرته اليوم 5 من كانون الأول، أنّ الوثائق والسجلات المتعلقة بالاعتقال والاختفاء القسري ومصير المفقودين هي جزء من الأرشيف الوطني السوري، الذي يخص الشعب السوري بأكمله، وعليه، يجب أن تُدار بشكل حصري وفق أطر قانونية ومؤسسية وطنية واضحة.
وذكرت الهيئة بأنّ تسريب أو نشر وثائق رسمية أو صور للضحايا دون موافقة الجهات المختصة يُعدّ مخالفة للقانون، ويُعرّض الضحايا وذويهم للأذى، ويُربك مسارات العدالة.
و حتى تاريخ إصدار هذا البيان، لم تتسلم الهيئة أية ملفات إضافية مرتبطة بما تداولته وسائل الإعلام مؤخرًا، ولم يصلها سوى جزء محدود من المواد الرقمية،بالتالي وفق الهيئة لا يمكن للهيئة اعتماد ما يُنشر في الإعلام لتحديد مصير أي شخص، ولا يصدر أي إعلان رسمي بخصوص مصير المفقودين إلا بعد اكتمال الإجراءات الفنية والقانونية داخل الهيئة.
“المستقلة”: لم نشارك بالتحقيق
وقالت المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين، التابعة للأمم المتحدة،في بيان نشرته مساء أمس 4 من كانون الأول، إن المؤسسة المستقلة ليست ولم تكن جزءًا من إعداد التقرير أو التحقيق الأخير الذي يتم تداوله.
وأشارت المؤسسة، إلى أهمية التعاون مع الهيئة الوطنية للمفقودين التي تم إنشاؤها لقيادة الجهود الوطنية بشأن هذه القضية الحيوية للبلاد.
ولا تقوم المؤسسة، بحسب البيان، بالكشف عن أي معلومات شخصية أو خاصة بملفات المفقودين أو مناقشتها عبر المنصات العامة أو وسائل الإعلام أو المصادر المفتوحة، وهذا يشمل التقارير الأخيرة المتداولة.
وأكدت المؤسسة، أن المعلومات يجب ألا تُستخدم أبدًا بطريقة تؤدي إلى إعادة إيذاء العائلات أو الإضرار بها، ونشدد على أن أي نتائج يجب أن تحترم كرامتهم وحقوقهم.
“المركز السوري”: الصور وصلتنا ولم نشاركها
المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير، أصدر بيانًا توضيحيًا عقب نشر التحقيق، قال فيه إن الصور المشار إليها في تقرير الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين لم يتم الحصول عليها من قبل المركز، ولا تربطه أي علاقة بالتحقيق المنشور.
وأشار المركز إلى أنه حصل على مجموعة من الصور المُسرّبة بعد سقوط النظام مباشرة عبر المعتقل السياسي السابق منصور المنصور، الذي استلمها بدوره من ضابط في الشرطة العسكرية. وقد وصلت هذه الصور إلى المركز في سياق عمله كإحدى المنظمات السورية التي اضطلعت بدور محوري في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وجهود المساءلة.
وأجرى المركز تحليلًا أوليًا لهذه الصور، تمكن خلاله من تحديد هوية حوالي 1,900 ضحية بالاسم، حيث أطلع المركز “الهيئة الوطنية للمفقودين” على النتائج الأولية للتحليل في إطار التنسيق المهني العام بين الجهات السورية العاملة في هذا المجال.
ومن أبرز المعلومات المتعلقة بالصور الموجودة لدى المركز:
- العدد الإجمالي للصور: 23,281 صورة.
- يوجد حوالي ثلاث صور لكل ضحية في المتوسط.
- عدد الضحايا الذين تظهر صورهم: 7,437 ضحية.
- الغالبية من الذكور، مع وجود صورة واحدة لامرأة.
- تعود أغلبية الصور للفترة بين حزيران 2015 وكانون الأول 2019.
- يوجد عدد محدود من الصور تعود لعامي 2013 و2012، ولا توجد أي صور من عام 2014.
“العدل” تحذر من نشر صور ضحايا التعذيب في سجون الأسد
“تعافي”: لا نملك صورًا أو مستندات
أحمد حلمي، مدير مبادرة “تعافي” خرج بفيديو مسجل يوضح فيه، أنه ليس لدى المبادرة صور أوز مستندات تتعلق بما نشرته “ملفات دمشق”.
وقال: لقد تواصلت معنا الجهة التي قامت بالتحقيق الصحفي منذ ما يقارب الشهر وسألونا عن الطريقة التي يمكننا، كمبادرة تعافي، أن نساعد بها ضمن إطار التحقيق الصحفي الذي لم نكن نعرف عنه أي معلومات قبل هذا التواصل، مشيرًا إلى أن أولوية المبادرة هي ضمان عدم نشر صور قاسية وقوائم أسماء بشكل عشوائي على الإنترنت، احتراماً لكرامة ومشاعر الأهالي.
كما يجب بحسب حلمي، مشاركة كل ما لديهم مع الجهات المختصة المسؤولة.
وأضاف: هذه الجهة شاركت معنا جدولًا محدودًا جدًا يضم مجموعة من الأسماء، وبعض المعلومات غير الكاملة وغير الكافية لمعرفة مصير أي أحد، وغير كافية حتى للبدء بالتواصل مع أهالي الأسماء الموجودة في هذه الملفات.
“الشبكة السورية”: وصلتنا جداول بيانات فقط
فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قال في منشور له على صفحته على “فيسبوك“، إن الشبكة لم تتسلم أي صور أو وثائق مرتبطة بما يُعرف بـ”ملفات دمشق”، مضيفًا بل وصلتنا فقط جداول بيانات (ملفات إكسل) تتضمن معطيات أولية عن قرابة 1500 شخص الغالبية العظمى منها مسجلة لدينا.
وأضاف: نتوجّه بالشكر لكل من شاركنا معلومات أو بيانات وساهم في دعم جهود التوثيق.
وعن طريقة تعامل الشبكة مع هذه المواد، قال عبد الغني، من حيث التحقّق والتحليل والنشر وسائر المراحل ذات الصلة، فهي تخضع لمعايير حقوقية ومهنية دقيقة.
وتابع: لم ننشر في أي وقت مضى، ولن ننشر مستقبلًا، أي بيانات أو أسماء أو صور من دون موافقة من الأهالي، كما نتّبع سياسة واضحة في إبلاغ ذوي الضحايا عبر جلسات تواصل تدريجية، ونحرص على أن تكون المعلومات دقيقة وموثَّقة، إضافة إلى ذلك، نخضع كل ما يَرِد إلينا من معلومات أو مواد لعملية تحقّق جديدة.
وزارة العدل تحذر
أصدرت وزارة العدل السورية، أمس 4 من كانون الأول بيانًا حول نشر بعض وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية وثائق وصورًا ومعلومات تتعلق بضحايا تعرضوا لانتهاكات وتعذيب خلال عهد النظام السابق.
وأوضحت العدل أن هذه المواد مسربة وجمعت بطرق غير قانونية، ولا تراعي الضوابط القانونية والأخلاقية اللازمة.
وأشارت الوزارة إلى أن النشر العشوائي لهذه الوثائق والصور يتعارض مع حق الضحايا ويمس مشاعر ذويهم، محذرة من استغلال بعض الجهات لهذه المواد في عمليات ابتزاز ومتاجرة لا تمت للقيم الإنسانية بصلة، بحسب تعبيرها، وتشكل انتهاكًا لكرامة الضحايا وأسرهم.
وشددت الوزارة على ثلاثة مبادئ رئيسة في هذا السياق، هي صون كرامة الضحايا وحقوق عائلاتهم، وحماية الأدلة وعدم العبث بها، وتوثيقها ضمن الأطر المعتمدة.
96 ألف مختفٍ قسرًا
يبلغ عدد المختفين قسرًا في سجون نظام الأسد منذ آذار 2011 حتى آب 2025، 96,321 شخصًا، بينهم 2329 طفلًا و5742 سيدة (أنثى بالغة)، بحسب بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
وقدّرت “الشبكة السورية” أعداد المعتقلين المفرج عنهم من سجون النظام بعد سيطرة المعارضة على المدن بنحو 29 ألف معتقل ومختفٍ قسرًا، بينهم مئات الأطفال والنساء، وهو رقم يشمل من كان معتقلًا بسبب ارتكابه جرمًا جنائيًا والمختفين قسريًا.
ولا توجد إحصائية بعد المختفين قسرًا الذين أفرج عنهم، أو تقدير لعدد المختفين قسرًا من مجموع المفرج عنهم من مختلف السجون، الذين سجنوا لأسباب جنائية مثلًا.
توثيق “الشبكة السورية” يمكن ألا يكون شمل جميع المختفين قسرًا في معتقلات النظام.
تحقيق يوثق مقتل أكثر من عشرة آلاف معتقل في سجون الأسد
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
