حذّر مشرعون وخبراء قانونيون وزارة العدل الأميركية من إجراء عمليات تنقيح واسعة في الملفات المرتبطة برجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، المُدان في قضايا الاعتداء الجنسي على أطفال، وذلك مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدّده الكونجرس للإفراج عنها.
وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز”، الأحد، أن قانون شفافية ملفات إبستين، الذي أُقر، الشهر الماضي، ألزم وزيرة العدل بام بوندي بتسليم جميع المستندات غير المصنفة في قضية إبستين بحلول 19 ديسمبر الجاري، مشيرة إلى أن القانون يتضمن بنداً يسمح بـ”حجب بعض المعلومات الحساسة”.
ونقلت الصحيفة عن بول باتلر أستاذ القانون في جامعة جورجتاون قوله: “إذا كان دافع بوندي هو حماية (الرئيس دونالد) ترمب من إحراج قد يسببه، ورود اسمه في الملفات بطرق لم تُكشف بعد، أو حمايته من التعرض الجنائي.. فإن القانون يتيح لها بعض الاستثناءات بهدف مواصلة حمايته”.
وتعرض ترمب مراراً لانتقادات من بعض المنتمين إلى حركة MAGA (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) لعدم نشره ملفات قضية إبستين، رغم تعهّده بذلك خلال حملته الانتخابية.
“أمضى ساعات في منزلي”
وتفاقم الجدل، بحسب “فاينانشال تايمز”، بعدما كشفت رسائل بريد إلكتروني نشرها الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب، الشهر الماضي، عن مذكرة كتبها إبستين، قالت إن ترمب “أمضى ساعات في منزله” برفقة امرأة تبيّن لاحقاً أنها ضحية اتجار جنسي.
ونفى الرئيس الأميركي أي صلة بجرائم إبستين، واتهم الديمقراطيين بأن لهم علاقات برجل الأعمال الراحل.
وأشارت الصحيفة إلى أن المهلة البالغة 30 يوماً للإفراج عن ملفات وزارة العدل تُشكل اختباراً لإدارة ترمب التي تسعى لاحتواء حالة الاستياء بين أبرز داعميها.
وأدت القضية إلى استقالة النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، التي كانت تُعد من أبرز مؤيدي الرئيس الأميركي.
وبلغت الضغوط ذروتها، الشهر الماضي، عندما أقر الكونجرس قانون إبستين بأغلبية شبه جماعية، بعد تراجع ترمب عن معارضته لنشر الملفات تفادياً للتعرض لما وصفته الصحيفة بـ”هزيمة مُحرجة” أمام الكونجرس.
وقال رو خانا، النائب الديمقراطي المشارك في رعاية القانون، لصحيفة “فاينانشال تايمز” إن “القانون يفرض على وزارة العدل رفع السرية عن المعلومات إلى أقصى حد ممكن”. وتابع: “أي جزء يُحجب يجب أن يرفق بتبرير مكتوب يُنشر في السجل الفيدرالي، ويُقدم للكونجرس، وسنراقب الأمر عن كثب”.
دعم جمهوري
ولفتت الصحيفة إلى أن الضغوط تزايدت هذا الأسبوع بعدما وجّه خانا وداعمون آخرون للقانون، رسالة إلى بوندي طلبوا فيها مناقشة معلومات جديدة قالت إنها الأساس للتحقيقات التي أعلنت مؤخراً بشأن ديمقراطيين مرتبطين بإبستين.
وبحسب القانون، يمكن لبوندي حجب أو تنقيح السجلات التي تكشف هويات الضحايا، أو تتضمن مواداً تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال، أو صوراً لوفيات.
كما يمكنها حجب المعلومات التي يجب “الحفاظ على سريّتها حمايةً للدفاع الوطني أو السياسة الخارجية”، وذلك بموجب أمر تنفيذي وقعه ترمب.
وترى “فاينانشال تايمز” أن إصدار أمر تنفيذي يحد من نشر معلومات حظيت بدعم شبه كامل من الكونجرس قد يشكل “معضلة سياسية” لترمب.
وأكد البيت الأبيض، في بيان، أن الرئيس الأميركي “يدعو باستمرار إلى الشفافية بشأن ملفات إبستين، من خلال نشر آلاف الصفحات من الوثائق، والتعاون مع طلب الاستدعاء الصادر عن لجنة الرقابة في مجلس النواب، والدعوة مؤخراً لمزيد من التحقيقات بشأن أصدقاء إبستين من الديمقراطيين”.
مخاوف من الاستغلال
وأوضحت الصحيفة أن القانون يستثني المواد التي قد تلحق ضرراً بتحقيقات أو ملاحقات فيدرالية جارية، وهو بند يخشى البعض استغلاله بعدما أطلقت بوندي، بتوجيه من ترمب، الشهر الماضي، تحقيقات بحق الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ووزير خزانته لورانس سامرز، وآخرين.
وقال باتلر: “ليس مستبعداً أن تعثر بوندي على مبرر يتيح اعتبار حتى المواد المتعلقة مباشرة بترمب تندرج ضمن هذا الاستثناء باعتبارها جزءاً من تحقيق فيدرالي نشط يتعلق بآخرين”.
وذكرت الصحيفة أن بعض الجمهوريين بدأوا أيضاً بدق ناقوس الخطر، إذ حذّر أحد المشرعين، قائلاً : “لأي شخص يأمل في استخدام عبارة (تحقيقات جارية) كذريعة لحجب ملفات إبستين، يرجى قراءة نص القانون”، مستشهداً بالبند الذي يشترط أن تكون عمليات الحجب “ضيقة النطاق ومؤقتة”.
وعندما سُئلت بوندي، الشهر الماضي، عما إذا كانت التحقيقات الجديدة المتعلقة بالديمقراطيين ستؤثر في نشر الملفات، شددت على أنها ستلتزم بالقانون، وتابعت: “لقد أفرجنا عن أكثر من 33 ألف وثيقة من ملفات إبستين للكونجرس، وسنواصل الالتزام بالقانون وبأعلى قدر ممكن من الشفافية.. مع حماية الضحايا”.
