يصادف اليوم مرور سنة كاملة منذ بدء فصل جديد في تاريخ سورية– كانت تلك لحظة غيّرت مسار تاريخ بلدكم، وفتحت الباب للأمل والكرامة والحرية. إنه يوم جدير بالاحتفال والذكرى والتجديد.
ومنذ تحرير سورية، دخلت العلاقات البريطانية السورية أيضا حقبة جديدة. حيث استعدنا العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، وقام مسؤولون من البلدين بسلسلة من الزيارات التاريخية. ففي 5 يوليو/تموز، كان وزير الخارجية آنذاك ديفيد لامي أول وزير بريطاني تطأ قدمه سورية منذ أكثر من 14 سنة. وخلال زيارته تلك، أعلن تجديد العلاقات البريطانية السورية. ثم في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، رحبنا بزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى لندن – وكانت لحظة قوية حين رُفع العلم السوري مرة أخرى ليرفرف على مبنى السفارة السورية في لندن.
عودتنا في زيارة إلى دمشق – بعد مجرد بضعة أيام من سقوط الأسد – كانت لحظة مؤثرة. فقد تجولتُ في المدينة القديمة، بتاريخها الثري، والتقيتُ مجددا أصدقاء عايشوا سنوات من المشقة والعناء. وشاهدتُ بنفسي آثار الدمار الذي خلّفته الحرب على المباني وعلى حياة الناس، لكنني لمست أيضا الصمود والأمل في نفوسهم: أفراد ومجتمعات عازمون على إعادة بناء سورية، وأطفال مرحون في ساحات مدارسهم، وأشخاص ينعمون بحرية مناقشة السياسات بلا رهبة. هذه اللحظات فيها تأكيد على سبب أهمية الصداقة والشراكة بين بلدينا.
وطوال أكثر من عقد من الزمن، تصدّت المملكة المتحدة بكل حزم لنظام الأسد. فقد رفضنا التواصل مع حكومته الضالعة بكل وحشية في اعتقال وتعذيب وقتل شعبها. وموقفنا كان راسخا. فخلال تلك السنوات الكئيبة، عملنا كل جهدنا لتخفيف المعاناة حيثما استطعنا، وقدمنا ما يربو على 4.6 مليار جنيه إسترليني من المساعدات لسورية والمنطقة منذ سنة 2011 – وهي أكبر استجابة إنسانية على الإطلاق مقدمة من المملكة المتحدة. ووفرنا، بالعمل مع شركائنا، المواد الغذائية، والرعاية الطبية، والاستجابة الطارئة، والتعليم، والمأوى لملايين السوريين المحتاجين.
واليوم، تواصل المملكة المتحدة دعم سورية، ودعم تعافيها وإعادة إعمارها. فإلى جانب رفع العقوبات البريطانية، قدمنا 254.5 مليون جنيه إسترليني من الدعم في السنة الحالية، مع التركيز على استعادة قطاعيّ التعليم والزراعة، وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في أنحاء سورية. هذا التمويل يساعد أيضا اللاجئين السوريين الذين لا يزالون نازحين في أنحاء المنطقة، وكذلك المجتمعات التي تستضيفهم. كما إننا ندعم استئناف التجارة بين بلدينا، بما في ذلك من خلال مجتمع الأعمال الناشط؛ حيث ارتفع حجم التجارة البريطانية السورية بنسبة 200% منذ مثل هذا اليوم في السنة الماضية.
لكن لا يزال هناك الكثير من التحديات، والكثير مما يلزم عمله. حيث تقلقني بشدة التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية، وما تشكله هذه التوغلات من تهديد لاستقرار سورية. وبالنسبة للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين وكذلك مجلس الشعب، فالدرب أمامهم طويل، وما زال يقع على عاتقهم الكثير من المسؤوليات الواجب القيام بها. كما إن حجم الاحتياجات الاقتصادية وإعادة الإعمار رهيب.
إلا أننا في يوم الاحتفالات هذا نتطلع بأمل إلى المستقبل. الطريق لن يكون سهلا، لكن يمكننا معا العمل تجاه إحلال الاستقرار والعدالة والأمن والازدهار. والمملكة المتحدة سوف تقف إلى جانبكم كصديق وكشريك على المسار تجاه تحقيق السلام والاستقرار والازدهار لجميع السوريين.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي
