طالبت سوريا وفرنسا باعتقال رئيس “المخابرات الجوية” في النظام السوري السابق جميل الحسن، الذي يُعتقد أنه يوجد في الأراضي اللبنانية، بتهم بارتكاب جرائم حرب وباعتباره مهندس حملة العقاب الجماعي التي شنها النظام السوري المخلوع عقب اندلاع الثورة السورية في عام 2011.

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن مسؤول فرنسي لم تسمِّه، الخميس 11 من كانون الأول، أن باريس ودمشق طالبتا بيروت باعتقال حسن المُدان غيابيًا في فرنسا لدوره في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والمطلوب بموجب مذكرة توقيف في ألمانيا، كما أنه مطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لدوره في اختطاف وتعذيب مواطنين أمريكيين.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول قضائي لبناني رفيع قوله، إن الحكومة اللبنانية لا تملك معلومات مؤكدة عن مكان وجود حسن الذي فر من سوريا بعد سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024.

ولا يزال مكان اختباء حسن مجهولًا، لكن العديد من المسؤولين السوريين والغربيين الحاليين والسابقين يشتبهون بوجوده بلبنان، حيث يعيد مسؤولو المخابرات السابقون في النظام بناء شبكة دعم.

وكانت وزارة العدل الأمريكية وجهت اتهامات لحسن في 9 من كانون الأول 2024، باستخدام أساليب تعذيب تضمنت “الجلد والصعق الكهربائي والحرق وتعليق المعتقلين من معاصمهم لفترات طويلة”، بالإضافة إلى تهديد المعتقلين بـ”الاغتصاب والقتل”.

وليس هذا الطلب هو الأول من نوعه، حيث طالبت ألمانيا في شباط 2019 تسليم جميل حسن، عندما كان يتلقى العلاج في أحد مشافي لبنان.

تخطيط لقمع الثورة

بحسب وثيقة أمنية نقلت عنها الصحيفة، اجتمع حسن وقادة الأجهزة الأمنية الأخرى في وسط دمشق للتخطيط لحملة تضليل وقمع عنيف بعد عامين من بدء الثورة السورية في 2011.

ولطالما وُصف جهاز “المخابرات الجوية” خلال سنوات حكم عائلة الأسد بأنه “الأكثر وحشية وسرية” من بين أجهزة المخابرات الأربعة حينها (أمن الدولة والأمن السياسي والأمن العسكري والمخابرات الجوية)، وتولى حسن قيادة الجهاز في عام 2009.

ووضع قادة الأجهزة الأمنية خطة في وثيقة وقّعوا عليها بالأحرف الأولى، وقد عرض مسؤول أمني سوري سابق الوثيقة على صحيفة “وول ستريت جورنال”، وأكدها مسؤول آخر.

وبحسب الوثيقة ووثائق أخرى، فضّل حسن استخدام القوة الغاشمة والدموية مع المتظاهرين والمعارضين، وكانت رسالته إلى الأسد “افعل كما فعل والدك في حماة”، في إشارة إلى المجزرة التي ارتكبها الرئيس الأسبق حافظ الأسد في حماة وأدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص عام 1982.

وكتب قادة أنظمة أمن النظام المخلوع في الوثيقة أنه تجب محاصرة أي مكان تخرج فيه الاحتجاجات عن السيطرة.

وأضافت الوثيقة أنه سيتم إرسال قناصة لإطلاق النار على الحشود مع أوامر بإخفاء مصدر إطلاق النار وعدم قتل أكثر من 20 شخصًا في المرة الواحدة، لتجنب ربط ذلك بالدولة بشكل واضح.

وجاء في الوثيقة، “لن يُظهر أي تساهل تجاه أي هجوم على أسمى رمز مهما كانت التكلفة، لأن الصمت لن يؤدي إلا إلى تشجيع خصومنا”.

وتُظهر وثائق جمعتها لجنة الشؤون الدولية والعدالة أن حسن أمر قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين.

تعذيب المدنيين

حسن لعب دورًا أساسيًا في الحملة التي تعرضت لها مدينة داريا في عام 2012، حيث أرسل جيش النظام السابق دبابات رافقها عناصر من “المخابرات الجوية” التي عملت على مدى عامين لاعتقال المدنيين وتعذيبهم.

وكانت لدى جهاز مخابرات القوات الجوية محكمة عسكرية ميدانية خاصة بها في المزة في دمشق تُصدر أحكامًا بالإعدام أو تُرسل المحكومين إلى سجن “صيدنايا” سيئ الصيت.

كما احتوى موقع القوات الجوية على مقبرة جماعية خاصة به، وفقا للمركز السوري للعدالة والمساءلة في واشنطن، الذي استند في نتائجه إلى صور الأقمار الصناعية وزيارة للموقع بعد سقوط النظام.

مخترع البراميل المتفجرة

ينحدر جميل حسن من قرية القرنبة في حمص، وهو من مواليد 1952، وانتسب إلى الكلية الحربية 1972، باختصاص دفاع جوي، وتدرج في الرتب العسكرية إلى أن بلغ رتبة لواء في 2009، وهو عام تعيينه مديرًا لـ”المخابرات الجوية”.

وكان جميل حسن معاونًا لعبد الفتاح قدسية عندما كان مديرًا للإدارة، وعمل قبلها رئيسًا لفرع “المخابرات الجوية” في المنطقة الشرقية في دير الزور عام 2009، بحسب موقع منظمة “مع العدالة“.

ويتهم حسن بأنه صاحب فكرة البراميل المتفجرة التي استعملها النظام في قصفه لمواقع المعارضة السورية، والتي قتلت الآلاف من المدنيين، وأكد ذلك المحلل اللبناني، ميخائيل عوض، عندما وجه في مقابلة تلفزيونية شكرًا لحسن على اختراعه.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.