أفادت مصادر طبية في غزة ووسائل إعلام فلسطينية، الجمعة، بأن العاصفة والمنخفض الجوي العميق اللذان يضربان القطاع، تسببا في وفاة 11 شخصاً وإصابة آخرين، إثر انهيارات متتالية لمنازل وجدران، وغرق بعض المناطق، في وقت فشل اتفاق وقف إطلاق النار الذي دام شهرين في معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة بشكل كبير.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، عن مصادر محلية لم تسمها، قولها إن 5 فلسطينيين لقوا حتفهم، وأصيب آخرون جراء انهيار منزل يؤوي نازحين في منطقة بئر النعجة في بيت لاهيا شمال القطاع، فيما توفي اثنان بعد سقوط حائط كبير على خيام نازحين في حي الرمال غرب مدينة غزة، إلى جانب طفلة بسبب البرد القارس في مدينة غزة ورضيع في مخيم الشاطئ، ورضيعة أخرى داخل خيام النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس، بينما توفي فلسطيني جراء انهيار جدار في مخيم الشاطئ.
وأشارت طواقم الدفاع المدني إلى انهيار ما لا يقل عن 10 منازل خلال الساعات الماضية، كان آخرها منزلان في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان، إلى جانب إجلاء سكان في حي الشيخ رضوان ومحيط دوار الكرامة شمال القطاع.
وأدى المنخفض الجوي إلى غرق مخيمات كاملة في منطقة المواصي بخان يونس، وتضرر مناطق واسعة في دير البلح، والسوق المركزية في النصيرات، فضلاً عن منطقتي اليرموك والميناء في مدينة غزة.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في بيان: “البرد والزحام وانعدام النظافة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض والعدوى؛ ويمكن تجنب هذه المعاناة من خلال إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك الدعم الطبي والمأوى المناسب”.
وأشارت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الجمعة، إلى أن مئات الآلاف من النازحين في القطاع معرضون لاحتمال غمر مياه الأمطار الغزيرة خيامهم وملاجئهم في ظل منع دخول المواد المستخدمة في بناء أماكن الإيواء والأكياس التي يمكن ملؤها بالرمل، من دخول القطاع.
وأوضحت أن ما يقرب من 795 ألف نازح معرضون للخطر جراء السيول في المناطق المنخفضة المليئة بالأنقاض حيث تعيش العائلات في ملاجئ غير آمنة.
وأضافت المنظمة أن عدم توافر صرف صحي أو إدارة للنفايات يزيد من احتمالات تفشي الأمراض.
ولفتت إلى أن المواد اللازمة للمساعدة في دعم أماكن الإيواء مثل الأخشاب ورقائق الخشب (الأبلكاج) وكذلك أكياس الرمل ومضخات رفع المياه تأخر وصولها لغزة وسط استمرار فرض القيود، موضحة أن الإمدادات التي سبق إرسالها إلى غزة، ومنها الخيام المقاومة للماء والبطانيات الحرارية والأغطية البلاستيكية، لم تكن كافية لمواجهة السيول.
وقالت مديرة المنظمة، إيمي بوب: “منذ وصول العاصفة أمس، تحاول العائلات حماية أطفالها بكل ما لديها”.
وأظهرت مشاهد مدى الدمار الهائل الذي ألحقته الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث دمرت غالبية المنازل.
ونزح سكان غزة البالغ عددهم نحو 2 مليون نسمة بالكامل تقريباً، ويعيش معظمهم في مخيمات واسعة تمتد على طول الساحل، أو بين أنقاض المباني المتضررة دون بنى تحتية مناسبة للفيضانات، ويستخدمون حفر الصرف الصحي المحفورة بالقرب من الخيام كمراحيض.
ذكر الدفاع المدني أنه منذ بدء العاصفة، تلقى أكثر من 2500 نداء استغاثة من سكان غزة الذين تضررت خيامهم وملاجئهم، وباستخدام الدلاء والمماسح، بذل الفلسطينيون جهداً كبيراً لإخراج المياه من خيامهم.
قالت علياء بهتيتي، إن ابنها البالغ من العمر 8 سنوات “كان غارقاً بالماء طوال الليل، وفي الصباح تحول لونه إلى الأزرق، لأنه كان نائماً على الماء”.
كانت أرضية خيمة علياء مغطاة بطبقة من الماء بسمك بوصة واحدة، مؤكدة أنها لا تستطيع “شراء الطعام أو الأغطية أو المناشف أو الشراشف للنوم عليها”.
قالت سابرين قديه، المقيمة في مخيم خان يونس بمنطقة المواصي المكتظة، إن عائلتها “استيقظت على تسرب مياه الأمطار من سقف خيمتهم، ومياه الشارع التي غمرت فرشهم”.
وقال أحمد أبو طه، المقيم أيضاً في المخيم، إن “الأوضاع سيئة للغاية، لدينا كبار سن ونازحون ومرضى داخل المخيم”.
نقص المساعدات الإغاثية
تقول منظمات إغاثة إن مواد الإيواء لا تصل إلى غزة بكميات كافية خلال فترة الهدنة، إذ أفادت إحصاءات نشرها الجيش الإسرائيلي مؤخراً بأنه “لم يلتزم بشرط وقف إطلاق النار الذي ينص على السماح بدخول 600 شاحنة مساعدات إلى غزة يومياً”، رغم أن إسرائيل تنفي هذه النتيجة.
وأكدت المنظمات أن إسرائيل لا تسمح بدخول مساعدات كافية إلى غزة لبدء إعادة إعمار القطاع، بعد سنوات من الحرب.
وأعلنت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT)، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات إلى غزة، في 9 ديسمبر الجاري، أنها سمحت بدخول 260 ألف خيمة وغطاء بلاستيكي إلى غزة، بالإضافة إلى أكثر من 1500 شاحنة محملة بالبطانيات والملابس الشتوية.
في المقابل، يُقدّر تحالف “مجموعة المأوى”، الدولي لمقدمي المساعدات بقيادة المجلس النرويجي للاجئين، العدد بأقل من ذلك.
ويقول التحالف إن الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية أدخلت 15 ألف و 590 خيمة إلى غزة منذ بدء الهدنة، بينما أرسلت دول أخرى نحو 48 ألف خيمة، مشيراً إلى أن العديد من الخيام “غير معزولة بشكل كافٍ”.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وافقت إسرائيل على الالتزام بشروط المساعدات الواردة في الهدنة التي أبرمت في يناير الماضي، ونصت على السماح بدخول 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة، وتؤكد أنها تفعل ذلك، لكن وكالة “أسوشيتد برس” وجدت أن بعض أرقامها نفسها تشكك في ذلك.
ونصت الهدنة على سماح إسرائيل بدخول عدد من القوافل والخيام، إذ قالت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة “جيشا”، وهي جماعة إسرائيلية تدافع عن حق الفلسطينيين في حرية التنقل: “لم تدخل أي قوافل إلى غزة خلال فترة وقف إطلاق النار”.
