سيد حسين القصاب

تواصل البحرين تعزيز منظومتها الأمنية من خلال توظيف التقنيات الحديثة والأنظمة الذكية والخدمات الرقمية، في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى الوقاية من الجريمة قبل وقوعها، وتسريع الاستجابة، ورفع مستوى السلامة العامة.

ولم يعد الأمن مقتصراً على الوجود الميداني فقط، بل أصبح يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الحكومية، وكاميرات المراقبة، والأنظمة الإلكترونية التي تعمل على مدار الساعة، بما يعكس انتقال العمل الأمني إلى مرحلة أكثر تطوراً وذكاءً.

البلاغات الإلكترونية.. خدمات رقمية تعزز سرعة التفاعل

أسهمت البلاغات الإلكترونية عبر تطبيق «حكومتي» في إحداث نقلة نوعية في طريقة تواصل الأفراد مع الجهات الأمنية والخدمية، من خلال إتاحة تقديم البلاغات ومتابعتها بشكل رقمي وسريع، دون الحاجة إلى الحضور الشخصي.

وبلغ حجم البلاغات عبر تطبيق حكومتي 1034 بلاغاً، موزعين على 606 بلاغات للمديريات الأمنية، و203 بلاغات لإدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، فيما وصلت البلاغات للجرائم الإلكترونية 188 بلاغاً، و11 بلاغاً لوحدة حماية الطفل في الفضاء الرقمي.

وبالنسبة إلى تقييم الأداء، فقد بلغ مؤشر الرضا العام 96%، فيما بلغت الطلبات الإلكترونية للعملاء لإضافة المرافقات واستكمال الإجراءات 405 بلاغات.

ويعكس هذا التوجه حرص الجهات المعنية على تسخير التكنولوجيا لتسهيل الإجراءات، وتعزيز سرعة الاستجابة، ورفع كفاءة التعامل مع البلاغات، بما يدعم مفهوم الأمن الذكي القائم على الحلول الرقمية والأنظمة المتطورة.

الأنظمة الذكية.. قراءة مبكرة للمخاطر

يشكّل الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، إحدى الركائز الأساسية في تطوير العمل الأمني، حيث تسهم هذه التقنيات في تحليل البيانات، ورصد الأنماط غير الاعتيادية، والتنبؤ بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.

ويعزز هذا النهج من قدرة الجهات الأمنية على اتخاذ قرارات استباقية، وتحسين توزيع الموارد، ورفع مستوى الجاهزية في التعامل مع مختلف التحديات الأمنية والمرورية.

كاميرات المراقبة.. عين تقنية لتعزيز السلامة

وفي هذا السياق، أكد وكيل وزارة الداخلية لشؤون السلطة التشريعية، راشد بونجمة، خلال إحدى جلسات مجلس الشورى، أن هناك تشريعاً لتركيب 500 كاميرا مراقبة جديدة لضبط المخالفات، في خطوة تهدف إلى تعزيز السلامة المرورية والحد من السلوكيات الخاطئة في الطرق.

وأشار إلى أن تشغيل عدد محدود من هذه الكاميرات سيبدأ بشكل تجريبي في شهر ديسمبر الجاري، على أن يبدأ تشغيل نحو 300 كاميرا في الأشهر الأولى من عام 2026، بالتزامن مع تفعيل نظام النقاط الذي يؤدي إلى سحب رخصة السائق عند بلوغ حد معين من المخالفات.

«Dash Cam».. خيار تنظيمي بضوابط واضحة

وفي ما يتعلق بكاميرات المركبات «Dash Cam»، أوضح بونجمة أنها تُعد خياراً متاحاً وليست إلزامية، مبيناً أن تسجيلاتها قد تُعتبر قرينة، وليست دليلًا قاطعًا في حال وقوع حادث.

وشدد حينها، على أهمية الالتزام بالقوانين ومراعاة خصوصية الآخرين عند استخدام هذه الكاميرات، بما يحقق التوازن بين الاستفادة التقنية وحماية الحقوق الشخصية.

التكنولوجيا في خدمة الوقاية لا العقاب

يعكس التوسع في استخدام الكاميرات والأنظمة الذكية توجهاً واضحاً نحو تعزيز الوقاية قبل وقوع الجريمة، وليس الاكتفاء بضبط المخالفات بعد حدوثها، حيث تسهم هذه التقنيات في نشر ثقافة الالتزام بالقانون، ورفع مستوى الوعي المروري والأمني، إضافة إلى دعم اتخاذ القرار المبني على البيانات والتحليل الذكي.

الأمن الذكي نموذج متقدّم

يمثل الأمن الذكي في البحرين، نموذجا متقدّماً في توظيف التكنولوجيا لخدمة المجتمع، من خلال الدمج بين العنصر البشري والأنظمة الرقمية والتقنيات الحديثة.

ومع استمرار تطوير البلاغات الإلكترونية، وتوسيع شبكات كاميرات المراقبة، وتفعيل الأنظمة الذكية، تتجه المنظومة الأمنية نحو مرحلة أكثر كفاءة واستباقية، يكون فيها الأمن حاضراً قبل وقوع الجريمة، في إطار يوازن بين السلامة العامة، وحماية الخصوصية، وتعزيز جودة الحياة.

شاركها.