تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارًا حول الأحاديث النبوية التي ورد فيها النهي عن الجلوس أو المشي أو الاتكاء على القبور، وما المقصود بهذا النهي والحكمة الشرعية منه.
وأوضحت دار الإفتاء في ردها أن الشريعة الإسلامية منعت المشي على القبر أو الجلوس عليه أو الاتكاء؛ صيانةً لحرمة الميت وحفاظًا على كرامته، مؤكدة أن حرمة الإنسان بعد وفاته كحرمته في حياته. واستشهدت الإفتاء بعدد من الأحاديث النبوية الشريفة، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن أن تحمُّل الأذى الشديد أهون من الجلوس على القبر، في إشارة واضحة إلى عِظم حرمة هذا الفعل.
كما وردت أحاديث أخرى عن عدد من الصحابة، منها ما رواه عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، الذي عبَّر عن شدة كراهته للمشي على قبر مسلم، وكذلك حديث عمارة أو عمرو بن حزم رضي الله عنه حين نهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاتكاء على القبر لما في ذلك من أذى لصاحبه، إضافة إلى ما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه من تغليظ النهي عن المشي على القبور.
وبيَّنت دار الإفتاء أن العلماء اختلفوا في دلالة هذا النهي؛ فذهب فريق من السلف، وتبعهم جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، إلى أن النهي يفيد الكراهة، وأنه يشمل كل صور المشي أو الجلوس على القبور لما في ذلك من استخفاف بحق الميت وعدم مراعاة حرمته.
في المقابل، رأى بعض الفقهاء، ومنهم المالكية وبعض متأخري الحنفية، أن النهي يحمل على الجلوس على القبر لقضاء الحاجة، وأنه في هذه الحالة يصل إلى درجة التحريم، بينما أجازوا المرور أو الجلوس لغير ذلك، مستدلين بما ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم من وقائع تدل على الجواز في غير موضع الامتهان.
ونقلت الإفتاء أقوال عدد من العلماء، منهم شرف الدين الطيبي والإمام الخطابي، اللذين أوضحا أن النهي إما يُحمل على الجلوس لقضاء الحاجة، أو على كراهة مس القبر أو وطئه بالجسد، لما في ذلك من أذى للميت ومخالفة لآداب الشريعة.
وبذلك يتضح المقصود من الأحاديث الواردة، وتنتفي الشبهة المثارة في هذا الشأن.
المصدر: صدى البلد
