اخبار تركيا
شهدت مدينة ميامي الأمريكية، اجتماعا ضم ممثلين عن تركيا والولايات المتحدة مع كل من قطر ومصر، لبحث الانتقال للمرحلة الثانية مناتفاق وقف إطلاق النارفي قطاع غزة، وذلك في توقيت يسبق لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، نهاية الشهر الجاري.
وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل انتهاك الاتفاق، يقول خبراء إنه يعكس عدم رغبتها في تنفيذ ما عليها من التزامات.
ففي الوقت الذي بحثت فيه الولايات المتحدة مع كل من قطر ومصر وتركيا منجزات المرحلة الأولى والانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، قصفت إسرائيل مبنى يؤوي نازحين فيحي التفاحشرقي مدينة غزة فقتلت 7 فلسطينيين وأصابت آخرين، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.
وقد ذكر بيان مشترك أصدره المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوفالسبت أن ممثلين عن الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا اجتمعوا يوم الجمعة في ميامي بولاية فلوريدا لمراجعة الخطوات التالية في خطة وقف إطلاق النار في غزة.
ودعا البيان الأطراف “إلى الالتزام بتعهداتهم وضبط النفس”، وأكد على التزام الوسطاء الكامل بجميع بنود خطة الرئيس الأميركيدونالد ترامبللسلام.
كما أشار إلى أن المجتمعين شددوا على ضرورة تمكين هيئة حكم في غزة تحت سلطة موحدة لحماية المدنيين والنظام العام، وبحث خطوات للتكامل الإقليمي من بينها تسيير التجارة، وتطوير البنية التحتية، والتعاون في الطاقة والمياه، كركائز لتعافي القطاع، واستقرار الإقليم على المدى الطويل.
في الوقت نفسه، أصدرت قطر ومصر وتركيا بيانا مشتركا أثنى على ما تم في المرحلة الأولى، وقال إن الهيئة التي ستحكم غزة ستكون تحت سلطة موحدة من القطاع ضمن المرحلة الثانية من الاتفاق.
قطع الطريق على نتنياهو
ويحمل هذا الاجتماع أهمية كبيرة لكونه يسبق مباحثات مرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيليبنيامين نتنياهو، نهاية الشهر الجاري، لبحث مواصلة تنفيذ الاتفاق.
فالموقف الإسرائيلي، كما يقول أستاذ النزاعات الدولية إبراهيم فريحات لبرنامج “مسار الأحداث”، يمثل أكبر العقبات أمام الانتقال للمرحلة الثانية التي تبدو واشنطن عازمة عليها، لأنها تعتبر اتفاق غزة أبرز إنجازات ترامب خلال عامه الأول في الحكم.
والواضح كما يقول فريحات أن نتنياهو لا يرغب في الانسحاب من غزة بعدما استعاد أسراه ليسمح بدخول قوات تركية إليها، ومن ثم فهو يريد إبقاء حالة الحرب في حين أن ترامب يريد نوعا من الاستقرار.
ولأن الموقف يتطلب حسما أميركيا، فإن قطر ومصر وتركيا قرروا الضغط على واشنطن لكي تبدي تشددا أكبر مع نتنياهو الذي لا يبدي أن تعاون في تنفيذ الاتفاق، برأي فريحات.
ولا يختلف المسؤول السابق بالخارجية الأميركية توماس واريك على أهمية الاجتماع من حيث موعده لكنه يعزو هذه الأهمية إلى رغبة في واشنطن في تسريع نزع سلاح المقاومة حتى توقف إسرائيل ضغطها العسكري.
كما أن العديد من الدول ترفض الانضمام للقوة الدولية المراد تشكيلها في غزة، فقد كان ضروريا برأي واريك عقد هذه الاجتماعات لتسريع تشكيل هذه القوة التي لن تنسحب إسرائيل من غزة قبل أن تبدأ في عملها، المتمثل في نزع السلاح، والذي يقول المتحدث إنه منصوص عليه كشرط أساسي للمرحلة الثانية.
لكن الباحث والمحاضر بالمعهد العالي للدراسات الدولية بجنيف بلال سلايمة رد على هذا الكلام بأن قرار مجلس الأمن الدولي 2803 وبيان ويتكوف الأخير نصا على وجود تراتبية زمنية معينة لتنفيذ الاتفاق.
وحتى بيان ويتكوف الأخير يضيف سلايمة “لم يشر إلى نزع السلاح كعقبة أساسية ولا إلى الانسحاب الإسرائيلي أو القوة الدولية، التي يتحدث عنها واريك”.
ويعتقد المتحدث أن الغرض من الاجتماع كان تحديد النقاط التي يجب على ترامب مناقشتها مع نتنياهو، فضلا عن أنه يعكس رغبة الدول الموقعة على الاتفاق بتنفيذه رغم الانتهاكات الإسرائيلية، في حين تريد واشنطن “إدارة ملف غزة بما يضمن توسيع العلاقات الإسرائيلية بدول المنطقة”.
ترامب اصطدم بالواقع
أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد فيرى أن ترامب تعمد منذ البداية إضفاء ضبابية على نقاط خطته حتى يفسرها كل طرف على طريقته فيجري قبولها من الجميع، لكنه اصطدم عند التنفيذ بواقع مختلف.
فالإدارة الأميركية حسب شديد رهنت تنفيذ الخطة بقدرة ترامب الشخصية على تذليل العقبات لكنها فوجئت بعجزه عن التعامل مع رفض غالبية الدول المشاركة في القوة الدولية إن كانت ستعمل وفق الشروط الإسرائيلية والنظرة الأميركية.
والأهم أيضا برأي المتحدث أن الوسطاء العرب والمسلمين يخشون أن ينجح نتنياهو المطلوب للمحكمةالجنائية الدولية في إقناع ترامب بتغيير مواقفه كما سبق وأقنعه بتغيير بنود خطة السلام التي قبلوا بها.
فالانسجام الأميركي الإسرائيلي قائم في الأهداف لكنه غائب في تفاصيل التنفيذ حيث يريد ترامب نوعا من الاستقرار في حين يريد نتنياهو مواصلة الحرب، وفق شديد.
وخلص الخبير الفلسطيني إلى أن نتنياهو “ربما يحصل خلال زيارته المقبلة لواشنطن على دعم أميركي لمواصلة القتال في جبهة أخرى مقابل تبريد جبهة غزة”، مشيرا إلى أن الوسطاء الذين اجتمعوا مع الأميركيين “لا يريدون هذا الأمر”.