أثارت حادثة اقتحام محل لصياغة الذهب في حي الهلك بمدينة حلب، في 19 من كانون الأول، مخاوف بين الأهالي، خاصة أنها وقعت داخل حي مكتظ بالسكان والحركة التجارية، حيث أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة ثالث.

ولم تعلن الجهات الأمنية عن نتائج أو توقيفات، بعد مرور أيام على الحادثة، إذ تواصلت مع مديرية الأمن الداخلي في محافظة حلب للاستفسار عن آخر المستجدات المتعلقة بالتحقيقات، لكنها أفادت بعدم وجود أي تطورات جديدة يمكن الإعلان عنها حتى الآن، وأكدت أن التحقيقات لا تزال مستمرة.

مخاوف

محمود العلي، أحد سكان حي الهلك، قال ل، إن صوت إطلاق النار كان “صادمًا”، إذ إن الأهالي لم يدركوا في البداية ما الذي يحدث.

الحي عادة ما يكون مزدحمًا، وتكثر فيه الحركة التجارية، الأمر الذي جعل وقوع الجريمة بهذا الشكل العلني مصدر قلق بين السكان.

عبد الرحمن عامر، وهو من سكان الحي أيضًا، أشار إلى أن الأيام التي تلت الحادثة شهدت تراجعًا ملحوظًا في حركة الأهالي، خاصة في ساعات المساء، مع إغلاق عدد من المحال أبوابها في وقت مبكر.

وعبّر عن قلقه من تكرار مثل هذه الحوادث، في ظل غياب توضيح رسمي حول دوافعها.

ولا تقتصر هذه المخاوف على حي الهلك وحده، إذ يرى سكان في أحياء أخرى من المدينة أن تكرار حوادث إطلاق النار خلال الفترة الماضية بدأ يعيد إلى الأذهان فترات سابقة من التوتر الأمني.

مطالب بكشف نتائج التحقيق

يرى ناشطون مدنيون أن استمرار الغموض وعدم الإعلان عن نتائج التحقيقات يسهم في تعميق القلق الشعبي.

قال الناشط المدني أحمد عمر ل، إن ما جرى يعكس حالة مزدوجة بين وجود ضبط أمني ببعض المناطق من جهة، واستهتار بعمل الأجهزة الأمنية من جهة أخرى.

واعتبر أن استمرار انتشار السلاح يضعف أي جهود لضبط الوضع، كما أنه متاح بسهولة كما لو كان سلعة عادية.

ضبط الأمن، بحسب رأي الناشط، لا يكتمل ما لم ينحصر السلاح بيد الدولة بشكل جدي، حتى لا يبقى حجة إضافية تستخدم ضدها.

وقال الناشط المدني أحمد حسن، ل، إن تأخر الإعلان عن أي نتائج أو توقيفات، “يترك فراغًا معلوماتيًا خطيرًا”.

ويرى أن استمرار الغموض المحيط بالجرائم عمومًا يسهم في انتشار الشائعات، ويزيد من حالة القلق العام.

المشكلة ليست فقط في الجريمة نفسها، بل في تكرار هذا النمط من الحوادث خلال الفترة الماضية، مع تضارب في دوافعها بين العائلي والثأري والجنائي، ما يجعل الشارع، وفقًا لتصور الناشط، غير قادر على فهم ما يجري.

وأضاف أن الكشف السريع عن ملابسات الجريمة ومحاسبة الفاعلين ضروري لإعادة بناء الثقة بين الأهالي والجهات الأمنية.

وتظهر جريمة حي الهلك التحديات التي تواجه المشهد الأمني في حلب، لا سيما في ظل غياب معلومات دقيقة حول الجناة ودوافعهم، واستمرار عدم الإعلان عن نتائج التحقيقات، وفقًا لحسن.

قلق يتجاوز حادثة الهلك

تكرار حوادث إطلاق النار مع الغموض المحيط بالتحقيقات يثير قلق السكان في المدينة، فالكشف السريع عن ملابسات الجرائم وتوضيح مسار التحقيقات يشكل عاملًا أساسيًا في الحد من المخاوف المتزايدة، ومنع تحول هذه الحوادث إلى واقع اعتيادي في المدينة.

ولا تقتصر المخاوف المرتبطة بحادثة حي الهلك على سكان الحي وحدهم، إذ يشير أهالٍ في أحياء أخرى من مدينة حلب إلى أن تكرار الجرائم خلال الفترة الماضية، وتنوع خلفياتها، خلق حالة من القلق العام.

بدر دايخ، من سكان حي الجميلية، قال إن حوادث إطلاق النار لم تعد تفهم ضمن سياق واحد، فبعض الجرائم يقال إنها بدافع السرقة، وأخرى تظهر لاحقًا على أنها خلافات عائلية أو ثأرية، بينما تبقى بعض الحوادث بلا تفسير واضح.

ويرى أن هذا التداخل في الدوافع يجعل السكان غير قادرين على تقدير حجم الخطر أو طبيعته.

وفي حي صلاح الدين، أشار محمد هناية إلى أن الجرائم ذات الخلفيات المختلفة تترك الأثر نفسه على الأهالي.

“النتيجة واحدة، خوف وقلق، سواء كانت الجريمة جنائية أو على خلفية سياسية أو ثأرية”، بحسب تعبير محمد.

كما أن غياب المعلومات الرسمية يزيد من شعور السكان بعدم الاستقرار.

أما نغم حايك، من حي الكلاسة، فتقول إن تكرار الحديث عن دوافع متباينة للجرائم، دون توضيحات رسمية، يفتح المجال أمام التأويل والشائعات.

“الناس لم يعودا يميزون إن كانت هذه الحوادث استثناءات أم جزءًا من واقع يتكرس تدريجيًا”، بحسب نغم.

وتعكس هذه الشهادات صورة أوسع عن المشهد الأمني في مدينة حلب، حيث لا يقتصر القلق على حادثة بعينها، بل يرتبط بتكرار الجرائم وتضارب خلفياتها، بين ما هو جنائي بدافع السرقة، أو عائلي وثأري، أو مرتبط بسياقات سياسية وأمنية سابقة، ما يعمق شعور عدم الاستقرار لدى شريحة واسعة من السكان.

حادثة الهلك

بحسب المكتب الصحفي لمديرية الأمن الداخلي في مدينة حلب، أسفرت حادثة حي الهلك عن مقتل شخصين شقيقين كانا داخل محل الصياغة، إضافة إلى إصابة شخص ثالث.

وقال المكتب، ل، عقب وقوع الحادثة، إن الجهات الأمنية تتابع تعقب المتورطين وتعمل على جمع المعلومات تمهيدًا لإلقاء القبض عليهم، دون تقديم تفاصيل إضافية.

وحصلت على تسجيلات مصورة تظهر لحظة اقتحام مسلحين اثنين للمحل، حيث بدا أحدهما وهو يطلق النار على شخصين داخل المكان، قبل الفرار.

وأكد محافظ حلب، عزام الغريب، متابعته المباشرة مع قوى الأمن الداخلي للقضية.

وشدد في تصريح نقلته محافظة حلب، في 20 من كانون الأول، على الالتزام بحماية المواطنين والحفاظ على الأمن والاستقرار، والتعامل بحزم مع أي اعتداء يمس سلامة الأهالي.

حلب.. قتيلان في هجوم مسلح على متجر لصياغة الذهب

المصدر: عنب بلدي

شاركها.