اعتقل جهاز الأمن الداخلي في محافظة درعا جنوبي سوريا كلًا من القياديين العسكريين السابقين محمد مسالمة، الملقب بـ”هفو”، ومؤيد حرفوش، الملقب بـ”أبو طعجة”، سبقهما اعتقال عماد أبو زريق المعاقب دوليًا والمتهم بتجارة المخدرات.
مراسل في درعا قال إن قوة من الأمن الداخلي قدمت من دمشق وداهمت مزرعة في بلدة صيدا بريف درعا الشرقي، الأحد 21 من كانون الأول، واعتقلت كلًا من “هفو” و”أبو طعجة”.
وأضاف المراسل أن هذه المداهمة جاءت بعد يومين من اعتقال القيادي السابق عماد أبو زريق في أثناء خروجه من ملعب “البانوراما” في مدينة درعا، بعد انتهاء مباراة جمعت فريقي الشعلة وجبلة ضمن مباريات الدوري السوري الممتاز، ويشغل أبو زريق المدير الإداري لنادي الشعلة.
معاقب دوليًا
في 28 من آذار 2023، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية اسم القيادي عماد أبو زريق على قائمة العقوبات الخاصة بسوريا ولبنان، إلى جانب اسم القيادي مصطفى المسالمة، الملقب بـ”الكسم”، الذي قُتل في تفجير في العام نفسه، بالإضافة إلى أسماء مرتبطة بالنظام السوري مثل سامر كمال الأسد، وخالد قدور، وبديع الأسد، وآخرين من الجنسية اللبنانية هما حسن دقو ونوح زعيتر.
الأمر المشترك بين القياديَّين المعاقبَين هو أنهما انضما لقوات “الأمن العسكري” التابع للنظام السوري السابق، ويشتهران محليًا بكونهما مسؤولين عن تسيير عمليات تهريب المخدرات نحو الأردن.
وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، لعب أبو زريق دورًا محوريًا في تسهيل إنتاج المخدرات وتهريبها في جنوبي سوريا بموافقة جهاز المخابرات العسكرية التابع للنظام السابق.
واستغل أبو زريق نفوذه في المنطقة لبيع البضائع المهربة، وإدارة شبكات الابتزاز، وتهريب المخدرات إلى الأردن، فضلًا عن تجنيده أفرادًا لصالح المخابرات العسكرية السورية بشكل مباشر أو غير مباشر، بحسب الخزانة الأمريكية.
وتزامن حينها الإعلان الأمريكي مع بيان بريطاني أُعلن فيه عن عقوبات بريطانية شملت الأسماء ذاتها.
ينحدر أبو زريق من بلدة نصيب الحدودية، وهو من مواليد عام 1980. كان لاعبًا سابقًا في نادي الشعلة الرياضي، وانضم إلى فصائل المعارضة بعد اندلاع الثورة السورية، وشغل منصب قيادي في “جيش اليرموك”، أحد أبرز فصائل الجنوب خلال سيطرة المعارضة على محافظة درعا.
تعرض أبو زريق لإصابة في إحدى المعارك بمقذوف من مدفع مضاد للدروع (23 ملم)، مما أدى إلى بتر ذراعه اليمنى.
وفي أثناء عملية اقتحام النظام السوري السابق لمحافظة درعا في حزيران 2018، فرّ أبو زريق إلى الأردن، الذي أغلق حدوده في وجه المدنيين لكنه سمح بدخول بعض القياديين من ضمنهم أبو زريق.
و بعد ستة أشهر من سيطرة النظام السابق على المنطقة، عاد أبو زريق إلى محافظة درعا، وأسس مجموعة قوامها 150 عنصرًا كانت تبعيتها مباشرة لـ”الأمن العسكري”، وبتنسيق مباشر مع العميد لؤي العلي، رئيس فرع “الأمن العسكري” التابع للنظام السابق في محافظة درعا حينها.
و تسلم أبو زريق وقتها معبر “نصيب” الحدودي حيث كان يشرف عليه أمنيًا، وله داخل المعبر استراحة مسجلة باسمه.
تعرض أبو زريق لعدة محاولات اغتيال، آخرها في أيار 2022 بحي الكاشف في مدينة درعا عبر عبوة ناسفة.
كما نجا في حزيران 2021 من محاولة اغتيال على طريق النعيمة، ونجا قبلها في آب 2020 من محاولة اغتيال مماثلة في أثناء حضوره مباراة كرة قدم في مدينة داعل بريف درعا الأوسط.
ونجا أيضًا في حزيران من العام ذاته من حادثة تفجير قرب استراحته داخل معبر “نصيب” الحدودي.
أسس أبو زريق نادي نصيب الرياضي وعمل على دعمه ماليًا والإشراف على إدارته خلال فترة سيطرة النظام السابق بعد عام 2018.
وبعد سقوط النظام السوري، قاد أبو زريق فريق الشعلة، الفريق الرسمي لمحافظة درعا.
قياديان سابقان بالمعارضة على لائحة العقوبات.. من هما؟
“هفو” و”أبو طعجة”
في حزيران 2021، تذرع النظام السوري في بلدة درعا البلد، المحاذية للأردن، بوجود خلايا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية، وطالب بترحيل محمد المسالمة (الملقب هفو) ومؤيد حرفوش (الملقب أبو طعجة)، وإثر ذلك حاصرت “الفرقة الرابعة”، التي كان يقودها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام المخلوع، مدينة درعا البلد وحاولت اقتحامها من عدة محاور.
لكن الفصائل في المدينة قاومت، وساندتها فصائل من ريف درعا، حيث هاجمت في 29 من تموز 2021 مقار وحواجز “الفرقة الرابعة” واستولت عليها بعد تضييق الخناق على درعا البلد من قبل “الفرقة الرابعة”.
وانتهت المعركة، التي استمرت شهرين، دون ترحيل “هفو” و”أبو طعجة”، مقابل السماح للنظام السوري بتفتيش المدينة وتثبيت نقاط عسكرية وتسليم عدد من قطع السلاح.
وفي تشرين الثاني من عام 2022، وإثر تفجير استهدف اجتماعًا لقيادات الفصائل في مضافة القيادي في درعا البلد غسان الأكرم بواسطة انتحاري، هاجمت الفصائل المحلية، بمشاركة من “اللواء الثامن” التابع للقيادي أحمد العودة، حي الحمادين في طريق السد، وحاصرت مجموعتي القياديين “هفو” و”أبو طعجة”.
وانتهى ذلك بتمشيط الحي من قبل الفصائل دون القبض على القياديين اللذين لاذا بالفرار إلى ريف درعا الشرقي.
و يتهم كل من “هفو” وأبو “طعجة” بتسهيل عمل تنظيم “الدولة” في المنطقة، كما يتهم “هفو” بتفجير مستودع دبابات تابع لـ”غرفة البنيان المرصوص” في أثناء معاركها ضد نظام الأسد في معركة “الموت ولا المذلة” عام 2017.
يُعرف عن محمد المسالمة الملقب بـ”هفو” بأنه ينحدر من مدينة درعا البلد، وهو قيادي سابق في فصيل “جبهة ثوار سوريا” الذي كان منضويًا تحت “الجيش السوري الحر” في قطّاع الجنوب السوري.
وبعد تعرض “الجبهة” للهجوم في الشمال السوري من قبل “هيئة تحرير الشام” (حلت نفسها)، حافظ الفصيل على تشكيلاته في الجنوب، وكان يتلقى دعمه من غرفة تنسيق الدعم الدولية (موك) التي كانت تنظّم دعم المعارضة السورية ومقرها الأردن.
وبينما يتهم النظام السوري السابق محمد المسالمة بتبعيته لتنظيم “الدولة”، لم يعمل المسالمة مع أي فصيل باستثناء “جبهة ثوار سوريا”، حتى دخول قوات النظام إلى المدينة وبسط سيطرتها عليها.
ومع هجوم النظام السابق على درعا البلد، في تموز 2021، تحصن المسالمة مع مقاتلين محليين على أطراف مدينة درعا البلد، وهي النقاط التي تعرضت للهجوم المركّز من قبل قوات النظام السابق، واستمرت المعارك لأكثر من شهر بين الطرفين، انتهت بـ”تسوية” فرضها النظام في كامل درعا.
تفجير درعا البلد يخلط الأوراق.. اتهامات متبادلة وولاءات ملتبسة
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
